ما زال قطاع
السياحة المصري يعاني الركود، حيث إن هناك أزمة حقيقية بسبب تدني حركة الإشغال الفندقي، محققة أدنى مستوى لها منذ ثورة
25 يناير (كانون الثاني) 2011.
وقال عاملون بقطاع السياحة والفندقة بمصر، إن هناك العديد من العوامل التي تسببت في إصابة القطاع السياحي المصري بالركود، وجاء حادث سقوط الطائرة الروسية ليضاعف خسائر القطاع، خاصة بعد مغادرة آلاف السياح الوافدين وعودتهم إلى بلادهم.
وسادت حالة من الغضب والاستياء بين العاملين بالقطاع السياحي، إلي جانب استمرار معاناة أصحاب المهن السياحية، بعد تراجع الحركة السياحية الوافدة لمقاصد السياحة الثقافية المصرية.
وحذر تقرير أصدره مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، من عدم عودة حركة السياحة الوافدة بمصر، مطالبا بإعادة النظر في النظام الجديد الخاص بمنح تأشيرات الإقامة السياحية، الذي بدأت بتطبيقه أقسام الجوازات، مؤخرا.
ويقضي نظام التأشيرات الجديدة بإلزام السياح المقيمين بمغادرة الأراضي المصرية، والعودة لبلادهم، ولو لمدة يوم واحد، ثم العودة لمصر مجددا، حتى يتمكنوا من تجديد تأشيرات الإقامة السياحية مجددا.
الغريب هنا أن القرار أثار جدلا كبيرا في قطاع السياحة، حيث إن مركز الأقصر للدراسات وصف قرار إلزام السياح بمغادرة مصر، كل ستة أشهر، ثم دخول البلاد مرة أخرى بتأشيرة جديدة مقابل منحهم تأشيرة إقامة سياحية لفترة جديدة، بأنه غير مبرر، ويضر بالقطاع السياحي، الذي يعاني أزمات متلاحقة منذ سنوات، كما أنه يسيء لسمعة مصر في عيون عشاقها من سياح العالم.
وفي الوقت الذي يضرب فيه السياح المقيمين بتحذيرات حكومات بلادهم عرض الحائط، عقب كل حادث إرهابي، ويصرون على استمرار إقامتهم علي أراضي مصر، ويصدرون بيانات يشيدون فيها بأمن وأمان الكنانة، تجد أن الحكومة المصرية تصدر قرارات تقيد حريتهم وإجراءات روتينية تعقدهم.
وفي لفتة منهم للتعبير عن حبهم لمصر، كتب عدد من السياح وصايا طالبوا فيها بدفنهم في الأقصر وأسوان، بعد وفاتهم، ورفضهم مغادرة مصر، في حياتهم وبعد مماتهم، بعد أن عشقوا أراضيها، وسحرهم شعبها، وأبهرتهم آثارها، وصعوبة عودة كثيرين من هؤلاء السياح لبلادهم بعد أن باعوا كل ما يملكون فيها، ونقلوا ممتلكاتهم واستثماراتهم بهدف الإقامة الدائمة بمصر.
وجاءت مغادرة السياح المقيمين بالأقصر والبحر الأحمر وشرم الشيخ برغم إعلان هشام زعزوع، وزير السياحة، الشهر الماضي، عن أنه سيتم بحث جميع المشكلات التي تواجه الأجانب المقيمين بالتنسيق مع وزارة الخارجية والسفارات المعنية، مؤكدا أن تمسك الأجانب المقيمين بالبقاء بمصر له دوره المهم في تنشيط السياحة ونقل صورة حقيقية من الواقع المصري.
من جهته، كان الاتحاد المصري للغرف السياحية، قد أعلن أن خسائر السياحة المصرية عديدة، ولا يمكن حصرها تفصيلا باستثناء الدخل السياحي المباشر، الذي لا يمكن حسابه مقارنة بالعام الماضي أو بعام الذروة 2010.
في حين أن الخسائر المباشرة للسياحة المصرية خلال العام الجاري لا تقل عن 40 مليار جنيه، بخلاف معدل إنفاق السائح في الأسواق وخلال تواجده في مصر بعيدا عما يسدده منظمو الرحلات، والذي لا يمكن حسابه إلا من خلال البنك المركزي المصري..
ناهيك عن أن مؤشرات السياحة عن العام الجاري جاءت غير مطمئنة، حيث كانت هناك توقعات بأن يحقق الموسم الشتوي الذي يتمتع بقيمة شاطئية عالية إقبالا من السائحين، لكن ذلك لم يحدث، وبالتالي فإن خسائر العام الجديد ستظل باقية إذا ظل الحصار السياحي كما هو لم يتغير.
وأيضا هناك خسائر طالت السياحة المصرية نتيجة الأزمة، ونتيجة سوء تعامل الشركات والفنادق المصرية، تحتاج إلى سنوات كي نستردها، وهي سياسة حرق الأسعار، وتنظيم الرحلات إلى مصر بأسعار مخفضة للغاية في محاولة من الشركات غير المسؤولة لجذب السائحين.
وتعتبر السياسة التي تتم ممارستها في مختلف الأسواق السياحية، أشد خطرا على مستقبل السياحة المصرية، وأن ذلك سيمثل أزمة حقيقية بعد عودة السياحة الدولية لمعدلاتها الطبيعية.
جدير بالذكر أن وزير السياحة المصري، هشام زعزوع، قدر حجم خسائر قطاع السياحة في
شرم الشيخ بعد سقوط وتحطم الطائرة الروسية بنحو 2.2 مليار جنيه شهريا، مضيفا أنه "للأزمة الحاصلة تأثير سلبي على قطاع السياحة المصري، خصوصا أن السياح من روسيا وبريطانيا يمثلون 70 بالمئة من إجمالي السياح في شرم الشيخ، ما أسهم في انخفاض معدلات الإشغال في قطاع السياحة وتكبد القطاع للخسائر منذ بدء الأزمة، وما ترتب عليها من تعليق رحلات الطيران ومنع السياح من البلدين من القدوم إلى شرم الشيخ".
وأشار إلى ارتفاع في حركة السياحة البينية بين الدول العربية والتي قدر نموها بنحو 5 في المئة. وتابع بأنه "زار مصر في 2014 مليون ونصف المليون سائح عربي، يمثلون 16 بالمئة من إجمالي السياح، في حين أن هذا العام - بحسب إحصاء نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر - سجل ارتفاعا بلغ 17.5 بالمئة من الفترة ذاتها في العام الماضي".
وأشار زعزوع إلى وضع تعديلات في إجراءات استخراج التأشيرات السياحية لعدد من الجنسيات. وحول عملية تنشيط السياحة في مصر في الفترة المقبلة، فقد لفت إلى وجود توجه لاستقطاب السياح العرب في المقام الأول.