قالت نائبة الرئيس
الإيراني معصومة ابتكار، في مقابلة لها مع صحيفة "الغارديان"، أجراها مراسلها في طهران سعيد كمالي، إن رفع العقوبات عن إيران يوم السبت يفتح الباب أمام عهد جديد في العلاقات الثنائية بين طهران وواشنطن، مضيفة أن المزيد من التقارب يعتمد على مدى وفاء أمريكا بالتزاماتها، التي تنص عليها الاتفاقية
النووية، التي تم التوصل إليها الصيف الماضي.
وتقول الصحيفة إن ابتكار حذرت مما أسمته محاولات إقليمية لخلق جو من "الإيرانفوبيا"، لكنها لم تشر بالاسم إلى منافسة إيران الإقليمية
السعودية، لافتة إلى أن ابتكار، الحليفة القريبة لحسن
روحاني، رحبت برفع العقوبات كونه "نجاحا للدبلوماسية والمفاوضات"، وقالت إن ذلك يدل على أنه عندما تتوفر الإرادة الضرورية "نستتطيع حل الصراعات الدولية القائمة دون اللجوء إلى القوة والعنف".
ويشير الكاتب إلى أن ابتكار أعربت عن أملها بأن ينعكس الإتفاق التاريخي إيجابيا على المفاوضات السورية، التي وصلت إلى طريق مسدود. وقالت: "ما رأيناه ابتداء قبل أسبوعين من تطورات إيجابية بخصوص
سوريا، بعث لدينا الأمل. وأظن أن علينا أن نتأمل بأن تؤدي إيران دورا في البحث عن حل سلمي للقضايا، مثل سوريا واليمن؛ لأن الأوضاع في اليمن أيضا سيئة".
وتذكر الصحيفة أن ابتكار، التي ترأس أيضا منظمة حماية البيئة الإيرانية، أدت دورا بارزا خلال الثورة الإسلامية عام 1929، حيث كانت المتحدثة باسم الطلاب الإيرانيين، الذين احتلوا السفارة الأمريكية واحتجزوا 52 دبلوماسيا أمريكيا رهائن لمدة 444 يوما. وكانت قضت ست سنوات في فيلادلفيا قبل الثورة، فأصبحت تتحدث اللغة الإنجليزية باللهجة الأمريكية بطلاقة.
وتلفت المقابلة إلى أن ابتكار تعد أحد أبرز الإصلاحيين، وهي الأنثى الأولى التي تتسلم موقع نائب رئيس، حيث خدمت نائب رئيس قبل ذلك من عام 1997 وحتى 2005.
وتنوه الصحيفة إلى أنه برفع العقوبات رسميا يوم السبت، عادت طهران لترتبط بالاقتصاد العالمي، بعد عقد من الإجراءات العقابية المعقدة. وقالت "سويفت" المسؤولة عن تسهيل المعاملات البنكية الدولية يوم الأحد إنه تم إعادة ربط البنوك الإيرانية مباشرة للنظام البنكي الدولي. وقال المسؤولون في وزارة النفط الإيرانية إن السلطات أمرت برفع الإنتاج بنصف مليون برميل، حيث رفع الحظر المفروض على تصدير النفط. وستؤثر زيادة إنتاج النفط الإيراني على سوق النفط الدولية، حيث يعاني السوق من انهيار للأسعار بسبب زيادة المعروض.
وينقل كمالي عن ابتكار قولها إنها كانت في مهرجان للأفلام في طهران يوم السبت عندما تم الإعلان عن رفع العقوبات، "ففرح الناس حقيقة وكان هناك شعور بالابتهاج، وما أراه على شبكات التواصل الاجتماعي هو أن هناك الكثير من الأمل والتفاؤل والطاقة للتحرك قدما".
وتبين الصحيفة أنه لدى سؤالها عن احتمال زيارة وزير الخارجية الأمريكي إلى طهران لأول مرة منذ الثورة، قالت ابتكار: "أظن أنه من المهم ان نرى كيف تتصرف أمريكا من ناحية الالتزام بالاتفاقية في مختلف جوانبها وأبعادها، هناك الكثير من الحماس من جانب الشركات الأمريكية والقطاع الخاص، الذين يتطلعون للعمل في إيران. كما أظن أن هناك الكثير من الحماس من الجانب الأكاديمي والقطاع الخاص (الإيرانيين)، فأظن أنه سيكون هناك الكثير من الدبلوماسية العامة، وربما الكثير من السياح في الاتجاهين".
وتكشف المقابلة، التي ترجمتها "
عربي21"، عن أن هناك شكوكا في المؤسسة الإيرانية حول مدى التزام أمريكا بتحسين العلاقات، حيث احتج المسؤولون الإيرانيون بقوة على قيام واشنطن بفرض عقوبات جديدة تتعلق ببرنامج الصواريخ البالستية الإيرانية في اليوم التالي من رفع العقوبات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وبحسب الصحيفة، فإن ما أزعج الإيرانيين بشكل عام قانون صادق عليه الكونغرس مؤخرا، يعاقب الأوروبيين والإيرانيين الذين يحملون جنسية اوروبية بضرورة الحصول على تأشيرة قبل زيارة أمريكا، إن كانوا قد زاروا إيران خلال الخمس سنوات الماضية.
ويشير الكاتب إلى أن العقوبات أثرت على الاقتصاد الإيراني، بما في ذلك قطاع البيئة، وتلفت ابتكار إلى أن العقوبات أثرت من نواح عدة، "خاصة بما يتعلق بالتكنولوجيا، التي تلزم في مجالات الحفاظ على موارد المياه وحمايتها، والاستخدام المناسب للمياه في قطاع الزراعة، وحماية الأنهار والأهوار والبحيرات".
وتفيد الصحيفة بأن إيران تعاني من تحديات حقيقية في مجال المياه، مثل غيرها من البلدان في المنطقة، ولكن حكومة روحاني وضعت ميزانية خاصة للتعامل مع القضية، وللحد من انبعاث غازات الدفيئة.
وتقول ابتكار: "نحتاج للتكنولوجيا ليس فقط في مصافي البترول لإنتاج وقود بمواصفات عالية، ولكن في قطاع السيارات أيضا، حيث هناك 5 ملايين سيارة ودراجة نارية في طهران، معظمها قديم، وتحتاج إلى تغيير إلى سيارات بمواصفات حديثة".
وتورد المقابلة أن شركة "ديملر" الألمانية أعلنت يوم الاثنين أنها وقعت أوراق تفاهم مع شركاء محليين؛ لعودة تجارة الشاحنات إلى إيران، بعد ست سنوات من توقف انشطتها بسبب العقوبات. وتشكل إيران سوقا كبيرة للسيارات، وتفكر شركتا "بيجوت" و"رينولت" الفرنسيتان بالعودة إليها.
وتقول ابتكار للصحيفة إن أهم قضية تواجه إدارة روحاني هي انتخابات البرلمان في شهر شباط/ فبراير، وانتخاب أعضاء مجلس الخبراء في اليوم ذاته. وجاءت الضربة الأولى لروحاني يوم الأحد في اليوم الأول لرفع العقوبات، حيث قام المتشددون بإعلان عدم أهلية عدد مهم من المرشحين المعتدلين والإصلاحيين.
وتقول الصحيفة إن مجلس صيانة الدستور قبل ترشح 40% فقط من المقدمين، بحسب التقارير. وقالت بعض التقارير بأن 30 من ثلاثة آلاف شخصية إصلاحية مسجلين، سمح لهم بالترشح، وهذا يعني أن 1% فقط من الإصلاحيين سمح لهم بالترشح. ومن بين من حكم بعدم الأهلية للترشح عضو البرلمان الوحيد الذي يتحدث بصراحة، علي مطهري. كما أن هناك تقارير تفيد بأن حفيد آية الله الخميني منع من الترشح لمجلس الخبراء.
وتقول ابتكار فيما يتعلق بعلاقات طهران مع الرياض وخاصة بعد إعدام السعودية للشيخ نمر النمر، الذي أدى إلى اقتحام السفارة السعودية في طهران، إن حكومة روحاني تنتهج سياسة التخفيف من التوتر، وإن هناك قضايا خلاف بين طهران والرياض، أهمها اليمن وسوريا.
وتختم "الغارديان" مقابلتها بالإشارة إلى قول ابتكار: "أظن إن إيران أثبتت خلال حكم الدكتور روحاني، بأن نواياها حسنة تجاه جيرانها كلهم، وتعمل لصالح السلام والأمن. إن هناك محاولات لخلق جو من الإيرانفوبيا. ولكن ليس هناك ما يدعو للخوف بخصوص إيران، فهي دولة مستقلة في المنطقة، وفي الوقت الذي هي مستعدة فيه تماما للدفاع عن نفسها، فهي مستعدة تماما للعمل مع جيرانها لأجل السلام والازدهار وتحسين العلاقات".