كتبت دانيا العقاد في موقع "ميدل إيست آي" عن
الحصار المفروض على بلدة
مضايا السورية، الذي كان محلا للشجب الدولي؛ بسبب مشاهد الجوع التي انتشرت في البلدة، وذلك بعد 6 أشهر من الحصار الذي مارسه
النظام السوري والمليشيات التابعة لحزب الله.
وتفول العقاد إن الوكالة التابعة للأمم المتحدة والمسؤولة عن مراقبة وصول المساعدات الغذائية للمناطق المحاصرة في
سوريا، سمحت للنظام السوري بالتلاعب بوثيقة لها، وتغيير كلمة "محاصر" و"حصار"، وغير المسؤولون في دمشق كلمة "نزاع" إلى "أزمة"، وحذفت الإشارات كلها حول برنامج
الأمم المتحدة لتفكيك الألغام في خطة الأمم المتحدة لعام 2016 للرد الإنساني، وذلك بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني، شاهدها الموقع وتأكد له من مصدرين.
وتضيف الكاتبة أنه تم استبدال كلمتي "حصار" و "محاصر"، الواردتين في قرارات 2139 و 2165 و 2191، التي تبناها مجلس الأمن الدولي بإعادة "توطين". وهي القرارات التي قدمت لمنظمات الإغاثة الإنسانية إذنا بالدخول للمناطق المحاصرة، دون الحصول على موافقة من الحكومة السورية.
ويكشف الموقع عن أن موظفين في مكتب الأمم المتحدة للتنسيق والشؤون الإنسانية في دمشق، قاموا بنشر التقرير مع التعديلات التي قامت بها الحكومة السورية، دون عرضه على مكاتبها في الأردن وتركيا، بحسب البريد الإلكتروني.
وينقل التقرير عن المتحدث باسم المكتب إن يانز لاركي، قوله إن "خطة الرد الإنساني في سوريا يتم عملها مثل أي دولة، بالتعاون مع سلطات البلد". وأضاف أن التعديلات "هي أمر عادي"، وسيتم استخدام الوثيقة لدعم مطالب بالحصول على مبلغ 3.1 مليار دولار من الدعم في مؤتمر المانحين الذي سيعقد في لندن الشهر المقبل.
وتستدرك العقاد بأن الكشف عن تعديل الوثيقة يأتي في وقت وصف فيه الأمين العام للأمم المتحدة المجاعة في بلدة مضايا بأنها "جريمة حرب". وقال بان كي مون: "دعني أكون واضحا، إن استخدام التجويع سلاحا يعد جريمة حرب".
ويكشف الموقع عن أن الأمم المتحدة قللت من حجم جرائم الحرب هذه. مشيرا إلى أن مكتب التنسيق والشؤون الإنسانية يقدر عدد المحاصرين في سوريا بحوالي 393.700 شخص، ولكن "سيج ووتش"، وهي شبكة للرقابة، تقول إن العدد أكبر وقد يصل للملايين، فيما تقدر منظمة أطباء بلا حدود العدد بحوالي مليون شخص.
ويشير التقرير إلى أن التباين ذاته حصل في عدد المناطق المحاصرة، حيث يقول مكتب الأمم المتحدة إن عددها 15 منطقة، أما "سيج ووتش" فتقول إنها 52 منطقة. ولم يتعامل مكتب الأمم المتحدة مع مضايا، التي وصلت إليها قوافل الإغاثة كونها منطقة محاصرة. لافتا إلى وفاة 28 شخصا على الأقل، بسبب الجوع منذ تموز/ يوليو، عندما حاصرها الجيش السوري وحزب الله.
وتورد الكاتبة أن السكان اضطروا لأكل الحشيش والأعشاب والماء المملح للنجاة، حيث حوصروا بالسياج وحقول الألغام والقناصة الذين طوقوا البلدة. ومع ذلك وصفها مكتب الأمم المتحدة في دمشق بأنها "منطقة يصعب الوصول إليها"، وذلك في خريطة نشرت في تشرين الأول/ أكتوبر، وأخبر مكتب التنسيق والإغاثة الإنسانية في كانون الأول/ ديسمبر، مجلس الأمن أن الإغاثة وصلت إليها في تشرين الأول/ أكتوبر.
ويذكر الموقع أن النقاد يرون أن التقليل من حجم المأساة مقصود لدى المكتب، خاصة فيما يتعلق بتصنيف البلدة التي كانت تحت الحصار، وعدد الذين تأثروا فيها .
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مديرة المؤسسة غير الربحية "المعهد السوري" فاليري زيبلا، قولها: "كان يجب على الأمم المتحدة أن تعرف الوضع المتدهور في مضايا، خاصة في تقاريرها الشهرية، وبدلا من ذلك، فقد ترك الأمر لمجموعة من الناشطين للفت انتباه المجتمع الدولي، عبر نشر صور مرعبة".
ويقول الموقع إن هناك عددا من العوامل التي تشرح التناقض في الأرقام، فكل حصار يختلف عن الآخر، ومعظم الحصارات فرضتها جماعات موالية للنظام السوري، وهناك بعض الحصارات التي تمارسها جماعات معارضة، مثل جيش الإسلام، وجماعات أخرى متطرفة، مثل تنظيم الدولة في العراق وسوريا. وحتى في ظل هذه العوامل، تقول زيبلا إنها تعتقد أن الأمم المتحدة عادة ما تقدم أرقاما قليلة عن الحصارات السورية بطريقة مقصودة.
وتضيف زيبلا أن "التفسير الوحيد، هو أن الأمم المتحدة تقوم باستخدام تعريفات مختلفة للمناطق المحاصرة، وهو أمر غير صحيح؛ لأننا نستخدم التعريف الصحيح لكلمة حصار كما هي".
وتتابع بأن بعض المناطق المحاصرة، مثل مخيم اليرموك الفلسطيني خارج دمشق، تشطب من قائمة المناطق المحاصرة، بعد تلقيها مساعدات غذائية، أو مثل ما حصل مع مضايا، عندما يتم التوصل إلى هدنة محلية، وعندما يتم انتهاك الهدنة لا يعاد اسمها للقائمة. مشيرة إلى أن الأمم المتحدة أخذت موقف المتفرج للحصارات التي حصلت على المدنيين، التي تصل إلى جرائم حرب.
وتنقل العقاد عن رائد برهان، المقيم في الزبداني، وكانت له جدة وأربع عمات وأقارب من ضمن المحاصرين في مضايا، قوله إن سكان البلدة فقدوا الأمل من المجتمع الدولي، وأضاف: "يشعرون باليأس والخيبة والإحباط". مشيرا إلى أنهم كانوا يتوقعون الخروج من الحصار بعد وصول المساعدات الإنسانية، أو العودة لتناول الطعام كالسابق.
ويفيد التقرير بأن قافلة غذاء مكونة من ست شاحنات وصلت يوم الخميس، وحملت الطحين والدواء والمواد الغذائية والبطانيات والمواد المعقمة والألبسة، مستدركا بأن منظمة الطفولة التابعة للأمم المتحدة (يونيسف) قالت إن طفلا مات يوم الخميس بسبب فقر التغذية.
ويورد الموقع نقلا عن مصادر قولها إن مكتب التنسيق والإغاثة الإنسانية قلل من الأرقام من أجل أن يبقي على علاقاته مع الحكومة السورية. وقال مصدر إن بعض العاملين في دمشق، إما مقربون من النظام، أو يخشون من إلغاء تأشيرات إقاماتهم، ولهذا قام مئة موظف مدني بكتابة رسالة مفتوحة لمدير مكتب التنسيق والإغاثة الإنسانية ستيفن أوبراين.
ويختم "ميدل إيست آي" تقريره بالإشارة إلى أن مصدرا من الحملة السورية، قال إن لديه تقارير موثوقة عن قيام الأمم المتحدة بتخفيض موضع المناطق المحاصرة إلى مناطق "يصعب الوصول إليها"؛ لتحسين العلاقات مع الحكومة السورية، ومهما كان السبب "فهذه الأرقام مشكوك فيها".