نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا، نقلت فيه ما قاله المتحدث باسم لجنة الصليب الأحمر الدولي في
سوريا باول كرزيسك، حيث رافق قافلة مساعدات يوم الاثنين إلى بلدة
مضايا، التي تحاصرها قوات موالية للنظام منذ شهر تموز/ يوليو الماضي.
ويشير التقرير إلى أنه تم إيصال المواد الغذائية كون ذلك جزءا من اتفاقية، تم فيها دخول قوافل مساعدات لقريتي
الفوعة وكفريا الشيعيتين، اللتين يحاصرهما الثوار.
وتورد الصحيفة أن كرزيسك قدم التقرير الآتي، الذي ترجمته "
عربي21"، والذي تم اقتباسه من رسالة صوتية سجلها بعد دخوله البلدة، ومقابلة هاتفية مع "الغارديان":
في الواقع، فإن الانطباع الأول يحطم القلب، حيث ترى أناسا كثيرين في الشوارع، بعضهم يبتسم ويلوح بيديه لنا، ولكن الكثيرين بكل بساطة ضعفاء جدا، وتعبيرهم كئيب وشكلهم منهك.
وتقوم الشاحنات بتفريغ حمولتها الآن، ونحن نتحدث. وقد انقسمنا لتوزيع المساعدات إلى مؤسسات مختلفة، ستقوم بإدارة توزيع المساعدات الإنسانية، وستقوم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالحديث مع اللجنة الصحية المحلية؛ لمناقشة كيف يمكن للصليب الأحمر أن يستوعب الحالات الصحية، وكيف يمكن إيصال الأدوية الضرورية للأطفال وللحالات المزمنة الخطيرة.
إن رؤية حال الناس تحطم القلب، قبل قليل جاءت عندي طفلة صغيرة، وأول سؤال وجهته لي هو: "هل أحضرتم طعاما؟ آمل بأن تكونوا قد أحضرتم طعاما للفوعة وكفريا ومضايا؛ لأننا جائعون جدا"، وأصدقها حيث بدت جائعة.
إنها بلدة معتمة جدا، فلا يوجد كهرباء، ولكني أرى الناس في الشارع، نساء وأطفالا، وكثير منهم يأتون إلينا ليشكرونا؛ لأننا جئنا، ويرحبون بنا، ولكن بعضهم كان يصرخ ويقول: "لماذا تأخرتم حتى الآن؟".
الناس يسألون: "هل أحضرتم طعاما؟ هل أحضرتم طعاما؛ لأن كل ما أكلناه الأسبوع الماضي كان فقط الماء والملح".
إن الوضع يحطم القلب، وهناك حماس إلى حد ما، ولكن لم تدخل سوى أربع شاحنات إلى الآن تم تفريغها، وهناك 40 شاحنة في طريقها إلى مضايا و21 شاحنة للفوعة وكفريا. هناك مواد كثيرة ستدخل، ولكن الناس قلقون، ويأتون كل خمس دقائق يسألون: "أين الطعام؟ هل أحضرتم أدوية؟ هل أحضرتم حليب أطفال؟".
بعضهم كان يطلعنا على صور أقاربه، الذين أصبحوا ضعافا، وبعضهم كان يرينا ماذا أكلوا بالأمس، مثل ماء وأعشاب تم طبخها مع بهارات، إنها حياة صعبة، ولكن بشكل عام أرى مزاج الناس إيجابيا.
وتواصلنا مع الطواقم الطبية والهلال الأحمر السوري، التي تقوم بعمل رائع، سنحاول التركيز على الحالات الأكثر حاجة هنا، وسنرى ماذا سيحصل، أهم شيء الآن هو تنزيل البضاعة في أسرع وقت.
إنها معتمة جدا في الخارج، ويقوم الناس بحرق القمامة ليتدفؤوا على حرارتها قليلا، ولا توجد هناك علامات تشير إلى أن هناك قتالا، تشعر بأن البلدة مهجورة ولكنها غير متروكة، فتشعر بأنك في بلد مهجور، ولكنك تعرف أن هناك أناسا موجودين، وذكرتني بالفلوجة إلى حد ما.
ويصاب الناس بأمراض تسهل الوقاية منها، ويسهل علاجها، وتجد الأمراض جميعها تقريبا، فتوجد أمراض مزمنة كالسكري والضعف والانتفاخ؛ بسبب العيش على الماء والبهارات، وقد أحضرنا أدوية للأمراض المزمنة والحادة وأمراض الأطفال.
رسالتنا الرئيسة هي أن هذا ليس حلا طويل الأمد لا لمضايا ولا للفوعة ولا لكفريا، ولا لأي قرية أو بلدة محاصرة. ومن الضروري جدا أن نستطيع الوصول إلى هذه الأماكن بشكل منتظم.