يكثف مؤيدو الانقلاب من هجومهم الشرس على رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات المستشار
هشام جنينة، بهدف اغتياله معنويا تمهيدا لعزله من منصبه وتقديمه للمحاكمة بتهمة إصدار تقارير مضللة وكاذبة حول
الفساد في
مصر.
وكانت لجنة تقصي الحقائق التي أمر بتشكيلها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي قد أصدرت تقريرا الثلاثاء، أكدت فيه أن جنينة يتعمد تزييف الحقائق لتشويه سمعة مصر وتأليب الرأي العام.
ووافق السيسي على إرسال نسخة من التقرير إلى مجلس النواب لدراسته، كما كلف اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة رئيس مجلس الوزراء هشام إسماعيل بمراجعته واتخاذ الإجراءات القانونية في كل واقعة.
هجوم برلماني
وتقدم 50 نائبا من أعضاء مجلس النواب يتقدمهم مصطفى بكري بطلب إلى رئيس المجلس علي عبد العال، لإحالة تقرير تقصي الحقائق إلى النائب العام تمهيدا لمحاكمة المستشار هشام جنينة أمام القضاء.
وأكد بكري - في تصريحات صحفية - أن جنينة له علاقة بجماعة
الإخوان المسلمين، مطالبا المجلس باتخاذ قرار بعزله من منصبه ومحاكمته بسبب كذبه وإدلائه بتصريحات تهدد الأمن القومي للبلاد وتشوه صورة مصر في الخارج.
أما النائب محمد أنور السادات، رئيس حزب الإصلاح والتنمية، فتقدم بطلب إلى رئيس المجلس موقع من 25 نائبا لاستدعاء جنينة وأعضاء لجنة تقصي الحقائق التي شكلها السيسي للتحقيق في التقرير الذي أصدرته والاستماع إلى دفوع جنينة بهذا الشأن.
وقال حزب الجيل - في بيان وصل "
عربي21" نسخة منه - إن "إقالة جنينة أصبح مطلبا ملحا بعد أن ثبت عمله لصالح مخططات معادية للوطن، واصفا جنينة بأنه تولى منصبه في إطار سعي جماعة الإخوان للسيطرة على مفاصل الدولة وتمكين رجالها من السيطرة على المؤسسات المهمة".
هجوم منسق
وفي هجوم موحد ومنسق، بحسب مراقبين، شنت وسائل الإعلام المؤيدة للنظام حملة انتقادات موسعة ضد رئيس جهاز المحاسبات، وردد معظم مقدمي البرامج الحوارية في القنوات التلفزيونية الرسالة نفسها، ومفادها أنه يجب الإطاحة بهشام جنينة، لإنه إما أخطأ في تقدير حجم الفساد، وفي هذه الحالة لم يعد جديرا بهذا المنصب الحساس، أو أنه تعمد الكذب وفي هذه الحالة يجب محاكمته.
وطالب الإعلامي عمرو أديب، المستشار جنينة بالاستقالة بسبب تصريحاته، مطالبا مجلس النواب باستدعائه واستجوابه أمام الشعب.
وتساءل أديب: "ما الشيء العظيم الذي قدمه هشام جنينة للشعب المصري منذ توليه منصبه؟ ولماذا لم يتحدث عن الفساد في عهد الرئيس مرسي؟".
بينما وصف أحمد موسى تقرير لجنة تقصي الحقائق بأنه فضح جنينة وأظهر أنه زور في بيانات الجهاز المركزي للمحاسبات بهدف إحراج الدولة قبل ذكرى ثورة يناير.
أما لميس الحديدي فقالت إن رئيس جهاز المحاسبات يجب أن يتحمل تبعات التقارير التي يعلنها، فلا يمكن أن تلقى الاتهامات بالفساد بهذا الشكل جزافا دون أدلة، حسب قولها.
ووصف الإعلامي خالد صلاح تقارير جنينة عن الفساد في مصر بأنها أشد خطرا من العمليات الإرهابية، ولمح إلى اقترابه من دخول السجن قائلا: "هشام جنينة ليس أهم من رؤساء جمهورية تم سجنهم".
ضوء أخضر من السيسي
وكان المستشار هشام جنينة، قد أكد في تصريحات صحفية مساء الثلاثاء أن الجهاز المركزي للمحاسبات سيرد على تقرير لجنة تقصي الحقائق عقب ذكرى 25 يناير المقبلة تجنبا لإثارة الشارع، على حد قوله.
وفي مقابل في هذا الهجوم على جنينة، أبدى كثير من معارضي النظام تضامنهم مع رئيس جهاز المحاسبات، مؤكدين أن السيسي يريد أن يتخلص منه كما يفعل مع كل معارضي الفساد.
وسخر الأديب علاء الأسواني من تقرير لجنة تقصي الحقائق، الذي أدان المستشار هشام جنينة، فكتب عبر " تويتر" يقول: "جنينة اتهم جهات سيادية بارتكاب فساد، فتم تشكيل لجنة من الجهات السيادية نفسها للتحقيق، فوجدت الاتهامات الموجهة لها غير صحيحة.. مبروك".
أما الباحث السياسي عصمت سيف الدولة، فرأى أن السيسي أصدر أمرا باغتيال جنينة معنويا تمهيدا للإطاحة به فقال: "تهميش ظاهرة الفساد والطعن في مصداقية جنينة صدر بضوء أخضر من السيسي".
ووصف الناشط السياسي مصطفى النجار الهجوم على المستشار هشام جنينة وتوجيه اللوم له بدلا من مطاردة الفاسدين بأنه عهر إعلامي غير مسبوق في تاريخ مصر، مطالبا بإلغاء الجهاز المركزي للمحاسبات حتى لا يغضب الفاسدون ويتعكر مزاجهم.
وانتقد حزب "مصر القوية" - في بيان تلقت "
عربي21" نسخة منه - ما أسماه الحملات الإعلامية المسعورة التي تطال المستشار هشام جنينة، بدلا من التعامل مع ملفات الفساد بجدية ومحاربته، واصفا تعامل النظام معه بأنه "إرهاب لرئيس جهاز المحاسبات بدلا من دعمه في محاربة الفساد المستشري داخل أجهزة الدولة".