قال قائد
جيش الإسلام زهران
علوش، الذي يسيطر فصيله على معظم الغوطة الشرقية، في مقابلة أجرتها معه الناشطة السورية هديل عويس، ونشرها موقع "ديلي بيست"، إن جماعته ظهرت مثل بقية الفصائل الثورية، بعد عملية القمع التي مارسها النظام السوري ردا على الاحتجاجات السلمية.
ويقول علوش: "كان واجبا أن تكون لدينا أداة لحماية السكان من مذابح النظام عبر السلاح للدفاع عنهم"، مؤكدا أن فصيله هو "مشروع ثوري سوري، ويضيف: "لهذا السبب اخترنا حلفاءنا وأعداءنا بناء على موقفهم من الثورة والنظام".. مستدركا بأنه رغم احتفاظ الفصيل براية خاصة، إلا أن هذا لا يعد "بديلا عن راية الاستقلال السوري، فهي فقط راية تحمل اسمنا".
وعن تصريحاته حول العلاقة والالتقاء الأيديولوجي مع جبهة النصرة، التي تعد الفصيل الممثل لتنظيم القاعدة في
سوريا، يقول علوش: "في ذلك الوقت كنت أتحدث عن أبي مارية القحطاني، وهو أحد مستشاري الجبهة الشرعيين. ورأينا أنه أظهر مواقف معتدلة، وكنا نريد دعم جهوده. والآن لدى جبهة النصرة مستشارون شرعيون مختلفون، ولا نتفق معهم لا أيديولوجيا ولا فكريا".
ويشير الموقع إلى أن علوش تحدث عن علاقته مع أحرار الشام، فقال "نحن في قيادة جيش الإسلام نقف مع جميع القوى الثورية المقاتلة ضد ميليشيات
الأسد والبعيدة عن منهج التكفير في خندق واحد ونسعى لتكون علاقاتنا جيدة بالجميع بما فيهم الأخوة في حركة أحرار الشام والتي كنا لمدة في جسد ثوري واحد".
وعن من يقف وراء منع "جيش الإسلام" من الإلتحاق بـ"جيش الفتح"، قال "أما منع جيش الإسلام من دخول غرفة عمليات جيش الفتح فكان الأجدى توجيه السؤال لقيادة الغرفة والاستفسار منها عن حقيقة الأمر، ولكن ما تناهى لسمعنا أن أحد مكونات "جيش الفتح" له ارتباطات منهجية وربما تنظيمية مع "داعش" وضع فيتو على دخولنا".
ويقول علوش عن سبب وجود أعداء كثر لجيش الإسلام في أوساط المعارضة وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة: "بشكل عام، فإن جيش الإسلام ليست لديه اعتراضات أو حساسية للنقد. وعلى خلاف هذا، فقد اتصلنا مع من لديهم الخبرة والرؤية الشاملة كي يقوموا بتقييمنا وتقديم النصح لنا. ومع ذلك فنحن دائما عرضة للتشويه من البعض، ببساطة لأننا لا نستطيع إرضاء أحد، فهناك دائما من يكره ما نقوم بعمله، ويشعرون بأن هذا لا يخدم مصالحهم، ولهذا يواصلون نقدنا. ونعتقد أنه يجب أن نواصل العمل بدلا من مضيعة الوقت على الدعاية والدعاية المضادة".
ويرد علوش على سؤال عن موضوع الناشطة رزان زيتونة، واتهام فصيله بخطفها، وإن كان ما اتهم به ظلما، وماذا فعل لإلقاء القبض على المنفذين، بأن قضية رزان زيتونة استخدمها الكثيرون لشيطنة جيش الإسلام.
ويضيف علوش: "لا يعرف الكثيرون أن جيش الإسلام سهل من دخول زيتونة إلى الغوطة الشرقية، من خلال الشهيد محمد عدس، وهو مدير مكتب في جيش الإسلام. وعرضنا حماية زيتونة؛ لأن كثيرا من الأطراف لم تكن راضية عن عملها، ولكنها فضلت العمل مستقلة. فلماذا نسمح لها بالدخول ومن ثم نختطفها؟ هذا غير منطقي. أما عن اعتقال من اختطفوها، فهذا أيضا غير صحيح، فعندما نتعرف على من اختطفها، سيظهرون حالا في المحكمة".
ويتحدث علوش في المقابلة، التي ترجمتها "
عربي21"، عن أحكام الشريعة والديمقراطية ومستقبل سوريا، حيث يقول: "لا يتدخل جيش الإسلام بعمل الهيئات القضائية، التي تضم العديد من الشيوخ والفقهاء، الذين يمثلون تنوع المجتمع، ونؤمن بدور المؤسسات. وعندما انتقدت الديمقراطية، كنت أشير إلى التلاعب بالناس من خلال الأكاذيب البراقة، وديمقراطية الأسد، وتشاركية البعث، وإسلامية
تنظيم الدولة، هي أمثلة قليلة عن ذلك. كما أن ازدواجية معايير الغرب تنطبق على الديمقراطية. ففي الوقت الذي تستخدم فيه الديمقراطية في الغرب لخدمة مصالح الناس، يتم التلاعب بالديمقراطية في بلادنا، من أجل جلب الأشرار إلى الحكم وليكونوا عملاء للقوى الخارجية. ونعتقد أن سوريا في المستقبل يجب أن تدار بالتكنوقراط من أصحاب الكفاءات والمهارات. ولا نؤمن بحكم الطائفية أو الحزبية في سوريا، ولكن هيئة تكنوقراط تمثل التنوع في سوريا. ولا ننظر لأنفسنا على أننا إسلاميون ولكننا مسلمون".
ويلفت الموقع إلى أن علوش رد على سؤال عن معاملته للمسيحيين في عربين، وما يشاع بأن المسيحيين يفضلون حكم الأسد على المعارضة. ثائلا إن المسيحيين يعيشون في سوريا منذ مئات السنين، وساهموا في التنوير السوري. وكانت الثورة السورية في البداية تدعو إلى الحرية والمساواة للسوريين كلهم، دون اعتبار لأديانهم.
ويضيف علوش: "يعد نظام الأسد المساهم الأكبر في شقاء المسيحيين، وقام بوضع العديد من القيود على المسيحيين السوريين، وأجبر الكثيرين منهم على مغادرة البلاد وإغلاق متاجرهم؛ بسبب سياسة الأسد التي يطلق عليها الاقتصادية الاجتماعية".
وتفيد الكاتبة بأن علوش اتهم الأسد بتجويع سكان الغوطة الشرقية، الذين يعيشون تحت الحصار منذ أربعة أعوام؛ لأنه "يعتقد أنه سيربح الحرب بهذه الطريقة". وأشار إلى وجود بعض المصادر الزراعية والمياه في الغوطة. وقال إن لديهم فريقا من الخبراء في المجالات كلها، ويقول: "نحاول أن نكون إبداعيين فيما يتعلق بتقديم الاحتياجات للناس. وهذه ليست جهود جيش الإسلام ذاته، ولكن جهود أهل الغوطة بشكل عام. ولا يزال أهلنا يعانون من نقص حاد في المواد الأساسية؛ بسبب هذا الحصار القاسي، الذي يأخذ مكانه، للأسف، تحت عين ونظر المؤسسات الدولية التي تحمل شعار الإنسانية".
ويجيب علوش عن سبب تسمية الكثير من الناس له بالديكتاتور، وعن سبب خروج تظاهرات ضده، قائلا إن "الديكتاتورية تعني أنني أحاول إجبار الناس على تقبل وتطبيق أفكار الآخرين، ونشاهد في الغوطة الكثير من النشاطات السياسية والاجتماعية، ويقوم الناس بالاحتجاجات والكتابة ومقابلتي بحرية، ونوفر الحماية أيضا للتظاهرات ضد جيش الإسلام، ونتقبل وجهة الرأي الأخرى، وتعد الغوطة الشرقية من أكثر المناطق المؤمنة والمحررة للناشطين والناس العاديين، ونرحب بالإعلام كي يقوم بتغطية الوضع في مناطقنا. وهناك الكثير من الناس ممن ينتقدوني ولكنهم يعيشون بحرية في الغوطة الشرقية. وهناك الكثير من الناس الذين يعانون من تداعيات الحرب والحصار، ويحتجون على الجماعات التي تسيطر على أنفاق التهريب، ولكننا لا نسيطر عليها. وهناك تظاهرات تنظمها عائلات المعتقلين من أعضاء تنظيم الدولة تطالب بالإفراج عنهم، ولا يمكن لدولة في العالم أن تفرج عن مجرمين تحت ضغط الاحتجاجات".
ويؤكد علوش أن سكان الغوطة، وإن كانوا محافظين، فإنهم محصنون من الأفكار الراديكالية، خاصة أفكار تنظيم الدولة، ويقول: "عندما حررنا الغوطة من نظام بشار الأسد المجرم، وكان الناس يبكون الأعزاء الذين قتلهم الأسد، فقد تم احتواء التشدد، وذلك بسبب وجود علماء قاموا بتعليم الرجال والنساء، وبشكل مستمر، أن التشدد ليس هو الرد على وحشية الأسد".
ويذكر الموقع أنه رغم قتال علوش في القلمون وشمال سوريا، وخسارته عددا من مقاتليه في الحرب ضد تنظيم الدولة، إلا أن الدول الغربية لم تجعله ضمن برنامج التدريب أو التسليح، وعن هذا يقول: "تنظيم الدولة ليس جزءا من الثورة السورية، وقام الأسد باستغلال التنظيم في لحظة مهمة عندما كان على حافة الانهيار. ورغم دعم المليشيات الأجنبية، فقد كان الأسد في حالة ضعف عندما ظهر تنظيم الدولة، الذي بدأ باغتيال قادة الثورة، والهجوم على الجيش السوري الحر، بدلا من قتال الأسد".
وينوه علوش إلى أن تكفير تنظيم الدولة للسوريين خلق "مشكلات كبيرة داخل المناطق المحررة"، ومن ثم قام التنظيم بشن حرب شاملة ضد القوى الثورية.
وبحسب الموقع، فإن علوش يتهم الغرب بأنه شعر بالسعادة لظهور تنظيم الدولة في المنطقة. ولكنه لم يتدخل إلا بعد أن احتل التنظيم الموصل في العراق، ويقول علوش: "لكننا قاتلنا التنظيم في البداية، عندما اكتشفنا انحرافه عن الإسلام وخطره الذي يمثله على الثورة والناس. ويعرف الغرب جيدا أن جيش الإسلام وبقية القوى الثورية ليست إرهابية، ولكن رغبته بإعادة إنتاج النظام يمكن أن تؤثر على خطته".
وتورد عويس أن علوش يعتقد أن أمريكا قادرة على إنهاء الأزمة السورية إن رغبت، ويستدرك بأن "الإدارة الحالية ترفض أداء دور، وتتصرف بدم بارد عندما يتعلق الأمر بسوريا". واتهم علوش الولايات المتحدة بالفشل بالرد على مجازر الأسد "وشاهدنا بوضوح كيف اجتاز الأسد (الخط الأحمر) فيما يتعلق باستخدام السلاح الكيماوي، وكان بإمكان الولايات المتحدة وقف الهجمات الكيماوية، ولكنها لم تهتم".
ويتحدث علوش في المقابلة عن التدخل الروسي في سوريا قائلا:"روسيا تدعم الأسد سياسيا دائما، وزودته بالأسلحة. وتسبب التدخل الآن بالدمار والموت للشعب السوري، ولكننا نعرف من التاريخ أن المحتلين ينهزمون في النهاية".
ويرى علوش أن التدخل الروسي هو "بسبب فشل النظام في الحرب ضد الثورة، رغم كل ما تلقاه من دعم إقليمي. فقبل التدخل بفترة قصيرة عانى النظام خسائر كبيرة في إدلب ودمشق، وأدت الهزائم إلى انهيار معنويات داعمي النظام، ودفعت الروس للتدخل". مشيرا إلى أن جيش الإسلام تعرض لهجمات الطيران الروسي، وأنه وأتباعه ليسوا بحاجة لدعم الروس في قتال تنظيم الدولة.
ويجد علوش أن التعامل مع قضايا إسرائيل والنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، وما يتعلق بالسياسة الخارجية، يتم بأن تترك للحكومة السورية في المستقبل، التي ستشكل بعد رحيل الأسد.
ويبين الموقع رفض علوش تصدير الجهاد للغرب، حيث يقول: "لقد أجبرنا على حمل السلاح للدفاع عن أنفسنا، وبعد ارتكاب النظام المجازر ضدنا أمام اعين العالم، الذي لم يتدخل لحماية شعبنا. ونشجب أشكال العنف حول العالم كلها، أيا كان مرتكبها".
وتشير الكاتبة إلى أن علوش أنكر أن يكون زار تركيا في وقت تتعرض فيه الغوطة للحصار، وان خروجه رتب مع النظام. وقال إن هذه مجرد إشاعات نشرها تنظيم الدولة. ودعا إلى منطقة حظر جوي تمنع طيران النظام من شن الغارات، وكسر الحصار عن الغوطة، لمرور المواد الغذائية للمحاصرين.
ويختم "ديلي بيست" مقابلته بالإشارة إلى أن علوش لم يستبعد التعاون مع أي قوة تريد قتال تنظيم الدولة، مشيرا إلى أنه قاتله في الغوطة والبرزة، ويقول: "نحن مستعدون للتعاون مع أي طرف يريد مساعدة شعبنا في كفاحه لتحصيل حقوقه".