يقول دين عبيد الله في موقع "ديلي بيست": "لو تم فصل 190 مسيحيا مرة واحدة من عملهم، لرغبتهم بالصلاة لمدة دقائق، لكان هناك غضب عارم، ولصعد فرانكلن غراهام على أسطح المنازل ليصيح مستنكرا ذلك الفعل. ولأوقفت (فوكس نيوز) تغطيتها للعنصرية ضد المسيحيين، لعمل تقرير خاص في الموضوع، ولسماه مرشح الحزب الجمهوري تيد كروز جهادا ضد المسيحيين".
ويستدرك الكاتب بأنه عندما تم فصل 190 مسلما من عملهم في كولورادو قبل عدة أسابيع؛ لرغبتهم في الحصول على أوقات استراحة قصيرة لأداء صلاتهم، لم نسمع همسة واحدة من أولئك الذين يسمون أنفسهم دعاة للحرية الدينية.
ويشير التقرير إلى أن ذلك لم يفاجئ الكثير، فالحرية الدينية، من وجهة نظر اليمينيين، هي للمسيحيين فقط.
وفي الواقع، تؤكد نتائج استطلاع الأسبوع الماضي هذه النقطة بالذات، حيث أظهر الاستطلاع أن 82% من الأمريكيين يرون أن الحفاظ على الحرية الدينية للمسيحيين أمر مهم، ولكن 61% فقط قالوا إن هذا الأمر يستحقه
المسلمون، أي ممارسة دينهم (وكانت تلك النسبة أقل من ذلك بين الجمهوريين).
ويكشف الموقع عن أن الاستطلاع توصل أيضا إلى أن 70% فقط رأوا بأن الحرية الدينية مهمة بالنسبة لليهود، أي أن هناك حوالي 70 مليون أمريكي بالغ لا يرون اليهودية مساوية للمسيحية، وهذا يثبت أيضا أنه عندما يتحدث البعض عن القيم اليهودية والمسيحية في الواقع، فإن كفة المسيحية هي التي ترجح.
ويلفت عبيد الله الانتباه إلى أن حرية اليهود والمسلمين والسيخ والهندوس وغيرهم من الأقليات الدينية محفوظة بالقانون المدني لعام 1964. وينص هذا القانون على مسؤولية أرباب
العمل عن "استيعاب معقول" لحاجة الموظفين لممارسة معتقداتهم الدينية.
ويؤكد التقرير أن هذا لا يعني أن على رب العمل أن يستوعب أي طلب يقدمه الموظف فيما يتعلق بدينه. فإن كان الطلب سيتسبب "بمصاعب مفرطة" لرب العمل، فهو غير ملزم بمنح ذلك الطلب.
ويوضح الموقع أن القرار يتعلق بالحقائق، وقد أعطت لجنة (EEOC) المسؤولة عن المساواة في التوظيف بعض الأمثلة، كأن يطلب الموظف الإعفاء من شروط الزي الرسمي للشركة؛ لأنه يهودي أرثودوكسي يرغب في لبس قبعته، ومثال آخر موظف مسيحي في صيدلية، ولا يريد التعامل مع وصفات تنظيم النسل، أو ملحد لا يريد استخدام العبارات الدينية في بداية اجتماعات الموظفين.
ويعلق الكاتب قائلا: "هذا يوصلنا إلى قضية الـ190 مسلما الذين تم فصلهم من العمل منذ فترة قريبة من شركة (كارغل ميت سولشنز) في معملها في فورت مورغان في مقاطعة كولورادو. وللتوضيح هنا فإن (كارغل) ليست شركة سيئة معادية للمسلمين، بل على العكس من ذلك، فقد سمحت الشركة لسنوات طويلة لعمالها المسلمين الذين يرغبون بأخذ استراحة قصيرة للصلاة بأن يفعلوا ذلك. (المسلمون الملتزمون يصلون خمس صلوات في اليوم)".
ويوضح عبيد الله قائلا: "الحقيقة هي أن هناك 190 مسلما، معظمهم مواطنون أمريكيون، تم فصلهم من العمل؛ بسبب رغبتهم بأخذ استراحتين أو ثلاث يقومون خلالها بتأدية صلواتهم".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن المتحدث باسم مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (فرع مينيسوتا) جيلاني حسين، قوله إن شركة "كارغل" سمحت في السابق للعمال المسلمين بأخذ استراحات قصيرة لأداء صلواتهم خلال العمل في ذلك المعمل دون ظهور أي مشكلات نسبيا، لافتا إلى أن أولئك العمال يعملون في الأعياد المسيحية، وذلك يمكن زملاءهم المسيحيين من ممارسة دينهم.
ويفيد الموقع بأنه قبل عدة أسابيع وقع خلاف، عندما أخبر مشرف العمال المسلمين بأنه لا يمكنهم بعد الآن أن يختاروا أوقات استراحتهم للصلاة، وأنهم يحتاجون إلى موافقة أحد المشرفين للصلاة. وعندما ضغط بعض العمال المسلمين على المشرف ليحدد لهم الوقت الذي يمكنهم فيه الذهاب للصلاة، قال لهم: "إذا كنتم تريدون
الصلاة، فاذهبوا إلى بيوتكم".
ويبين الكاتب أن هذا ما تسبب بإضراب عدد من العمال المسلمين، وبعد ذلك بقي مئات منهم في بيوتهم احتجاجا على ما رأوه تراجعا من شركة "كارغل" في استيعاب ممارساتهم الدينية. وقامت شركة "كارغل" بعد ذلك بفصل 190 عاملا مسلما طالبوا بضمانات من الشركة بأنه سيسمح لهم بأخذ استراحات للصلاة قبل العودة للعمل.
وينقل التقرير عن متحدث باسم شركة "كارغل" قوله على "تويتر" إن الشركة تحترم حق الناس في الصلاة، وأشار إلى أن "موظفينا من المسلمين لا يزالون يتمتعون باستراحات الصلاة في العمل".
ويقول الصحافي: "من وجهة نظر شخص من الخارج يظهر بأنه من السهل حل الخلاف، ولكني كوني محاميا مرافعا سابقا أستطيع القول بأن هذا سيناريو مثالي، يكون فيه التوصل إلى حل غير ممكن، رغم تقارب الطرفين".
ويستدرك قائلا: "يبدو أن الطرفين علقا عند هذه النقطة، ومنذ يوم الاثنين كان حسين لا يزال يحاول مع شركة (كارغل). وقال إن اتحاد (تيمسترز للعمال)، الذي ينتمي إليه العمال المفصولون كلهم، حيث إن الانضمام للاتحاد إجباري، رفض أن يقدم أي مساعدة. وذهب حسين إلى المكتب المحلي للاتحاد، ولكن ممثل الاتحاد قال له إنه ليس لديه الوقت لمقابلته الآن أو في المستقبل القريب. وهذا يعني أن الاتحاد لا يرى أن قضية العمال المسلمين بالأهمية التي تستحق أن ينفق الاتحاد عليها مالا لحلها".
ويختم "ديلي بيست" بالإشارة إلى أن "حسين قال إنه لا يزال يأمل بأن يحل هذا الخلاف بشكل ودي، وهو عادة ما يحصل في قضايا الاستيعاب الديني، ولكن إن لم يحصل هذا فسيتم البحث عما يوفره قانون الحقوق المدنية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار نتائج الاستطلاعات الأخيرة، فإن تأييد حق المسلمين بالحرية الدينية لم يحظ إلا بأغلبية بسيطة، ما يجعلني أحترم حكمة وبعد نظر من وضع هذا القانون، الذي لا يجعل الحرية الدينية رهينة الشعبية من عدمها لذلك الدين".