رغم الدعوات من جانب الحكومة
العراقية لأهالي مدينة
الرمادي لمغادرة المدينة، إلا أن الدعوة لم تجد استجابة تذكر، فيما عزا مواطنون السبب إلى عدم توفر طريق آمن إضافة إلى الخشية من اختطافهم على يد المليشيات.
ويؤكد بعض الأهالي في حديث خاص مع "عربي21" أن أحد الأسباب التي تمنعهم من الفرار خارج أحياء الرمادي التي تشهد قتالا شرسا؛ هو الخوف من اختطافهم على أيدي المليشيات التي تسيطر على المنافذ الحدودية لمحافظة
الأنبار باتجاه العاصمة بغداد.
وقال علي حسين العلياوي، أحد المحاصرين داخل منطقة الثيلة، بعد أن استطاع الهروب من قرية البو علي الجاسم: "لست مدافعا عن
تنظيم الدولة ولا أنتمي إليه فكرا ولا عقيدة، فأنا مواطن أنباري وقعت ضحية حصار لا مفر منه لم تسعفني الظروف للهرب".
وأضاف: "لم يلوح لنا التنظيم بالسكاكين إذا توفرت ممرات آمنة للمغادرة، وكذلك لم يجبرنا أبدا على البقاء تحت نيران الاشتباكات، وقصف طيران التحالف الدولي المكثف. نحن من أصر على البقاء داخل منازلنا لأن حياة عائلاتنا خارج أسوار الأنبار ستكون في خطر، خاصة بعد ما تردد من أنباء تفيد باختطاف وإعدام قرابة 1500 عائلة على يد مليشيات الحشد الشعبي، وهم في طريقهم إلى كربلاء وبغداد" وفق قوله.
وأضاف العلياوي: من أعاق وصعب مغادرتنا هي قوات الجيش العراقي و قوة مكافحة الإرهاب لسرعة اقتحامها المدينة، دون أن تضع خطة لإجلاء العديد من العائلات المحاصرة.
وتابع الحديث قائلا لـ"عربي21": "قبل بدء العملية وجهنا نداءات إستغاثة مستمرة لتلك القوات لتأخير اقتحام الرمادي إلى حين أن نتمكن من مغادرتها، لكن الحكومة العراقية تؤكد مرارا عبر إعلامها أن تتظيم الدولة هم من يمنعوننا من الخروج، وأن معظم من تبقى من السكان المدنيين هم أصلا عائلات وأقارب التنظيم"، على حد قوله.
وأعرب علي عن خشيته من وقوع مجازر في حال بقيت العائلات محاصرة بلا غذاء أو ماء، مع تواصل المعارك الضارية وتباطؤ القوات الحكومية بسرعة التحرك لإنقاذهم.
أما زياد الدليمي؛ فقد تمنى لو أن المعارك تتوقف في مدينة الرمادي بين الجيش ومقاتلي التتظيم لنصف ساعة فقط، حتى يتمكن من نقل عائلته إلى مكان آخر.
ويقول الدليمي لـ"عربي21": "شراسة المعارك قيدت من حركتنا وأرعبتنا، لكن عناصر التنظيم نقلوا مئات العائلات على شكل وجبات إلى مناطق تتمتع بإجراءات أمنية شديدة التحصين طبعا، ومن بينهم أسرهم عبر سلسلة أنفاق محصنة ممتدة تحت الأرض، وعلى طول وعرض الرمادي تصل حيا بحي آخر، ومنطقة بمنطقة أخرى"، وفق قوله.
ويضيف الدليمي، وهو يصف ما تعيشه أكثر 1000 عائلة باتت محاصرة داخل الرمادي خاصة المناطق القريبة من منطقة الحوز والضباط وحي الأرامل؛ بالوضع الصعب: "أصوات الرصاص والانفجارات وسقوط الصواريخ والهاونات لا تنقطع، وهي تتساقط بكثافة على الأحياء من كل جانب، والهروب الآن أصبح مستحيلا ومكلفا"، مضيفا: "كل ما بوسعنا عمله هو انتظار انتهاء المعارك على أمل ألا نكون رقما في سجل إحصاء الموتى".
وكانت القوات العراقية قد وجهت قُبيل انطلاق معركة الرمادي؛ إنذارا أخيرا مماثلا لخروج العائلات، وإلا فإنها ستواجه خطر الموت، أو سيتم اعتبارها متعاونة مع تنظيم الدولة.