فبالإضافة إلى 12 منطقة، سيتم بدء الحرب في المدن بالخنادق والمتاريس.
"حرب الخنادق" التي بدأها قنديل في 12-منطقة هي الآن تنتشر في مناطق سيزر، سيلوبي وسورْ. ومع ذلك، فإن بعض رؤساء البلديات المنتمين لحزب الشعوب الديمقراطي يرفضون تعليمات قنديل لبدء الحرب في المدن. ولا يقبلون بفتح جبهات في وسط المدينة بالإضافة إلى إقامة حواجز وخنادق.
في الغالب، هذا الشتاء سيكون مليئا بالعمليات العسكرية..
سندخل مراحل حرجة ستستمر طويلا..
هناك تحديات كبيرة قادمة، ليس أولها حظر التجوال في الشوارع.
أين سيذهب من يضطر من المواطنين لترك منزله؟ من لهم إمكانيات مادية فقط استأجر منزلا بعيدا عن مناطق الصراع، أما الفقراء فقد انتقلوا للعيش مع أقربائهم. هذه المحنة ليست محنة يوم أو شهر واحد، بل هي مستمرة منذ أكثر من أربعة أو خمسة أشهر.
رئيس الوزراء أعلن عن إجراءات عديدة للتخفيف عن الحرفييّن والتجار. فعندما تظهر الدولة جبروتها أمام الإرهاب، فإن عليها إظهار الرحمة والتعاون مع مواطنيها.
هناك حرب غادرة في كل من سوريا والعراق، وسيتم إعادة رسم المنطقة اعتمادا على هذه الحروب. في هذا النطاق، أُعطي حزب العمال الكردستاني مجدّدا مهمة تأخير تركيا. ولكن، نحن علينا الخروج من هذا الصراع دون الدخول في دوامة الإرهاب. في التسعينيات، تم إدخال تركيا في دوامة الإرهاب.
وعندما انتهت معركتنا آنذاك مع حزب العمال الكردستاني، تفرّقت “الكتلة الشرقية” وتم إعادة رسم العالم. اليوم، هناك محاولات لإعادة رسم حدودنا.
على الرغم من حرب المدن التي بدأها حزب العمال الكردستاني، يجب الشروع في عمليات الإصلاح والدستور الجديد. ليس هناك من يناقش ضرورة هذه العمليات العسكرية اليوم. غير أن الفرق بين حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى التي تداولت على ممارسة اللعبة السياسية في تركيا، هو أن هذا الحزب لا ينظر للقضية الكردية فقط من منظور أمني. حيث إن حزب العدالة والتنمية يعد الحزب الأكثر تفضيلا حتى بين الأكراد، لأنه لا يرى في العمليات العسكرية حلا للقضية الكردية، بل يرى في الحلول المدنية الطريق الوحيد لحل هذه القضية.
باستثناء انتخابات السابع من حزيران، الأكراد لطالما صوّتوا لحزب العدالة والتنمية بنسبة تتراوح ما بين 55 و60 في المائة. وبالتالي، في سياق مكافحة الإرهاب بكل فعالية، على هذا الحزب الرجوع للقصة الحقيقية ألا وهي “عملية الحل” المدني. الحكومة في هذا الإطار لديها فقط الاستعداد بطلب رئيس الوزراء، تحديد مواعيد واجتماعات مع زعماء المعارضة.
إصلاحات جديدة
دستور جديد
تركيا جديدة
بدأت العملية
الأكراد المتسامحون
لدي انطباع أنه بعد انحسار وتراجع حزب العمال الكردستاني، سيتم مرة أخرى الرجوع لجدول المقاربة المدنية. عندما تسمع أصوات البنادق في سيزر وأخبار الشهداء في سور، لا تتجرأ على الحديث عن أي حل. وبينما الشرق الأوسط يحتضن الصراعات العرقية والحروب الطائفية، كم نقدر على الاستمرار في هذه الحرب. يجب علينا إطفاء هذا الحريق بأسرع طريقة والرجوع إلى جدول أعمال إصلاحاتنا. سنوات، قمنا فيها بخطأ كبير وهو أننا ظننا أن الصراع مع الإرهابي، هو صراع مع الإرهاب.
وأول من لاحظ هذا الخطأ كان أُوزال. ففي عهد حزب العدالة والتنمية، تحوّل “الحل” إلى استراتيجية. لكن ارتكبنا خطأً خلال عملية الحل، وهو أن الدولة في أثناء استعدادها لعملية حل هذه القضية، لم تتخذ الاحتياطات اللازمة أمام حزب العمال الكردستاني الذي استغل المرحلة لصالحه. بعد اليوم، يجب على الدولة وهي ترسم معالم استراتيجية "عملية الحل" أن تأخذ بعين الاعتبار التدابير اللازمة في جميع الاتجاهات. لو لم يكن هناك "عملية الحل"، ما كان الأكراد اليوم ليخاطروا بترك منازلهم أمام وجود حزب العمال الكردستاني. لقد رأى الأكراد صدق حزب العدالة والتنمية في حل المشكلة الكردية وشهدوا بركات فترة السلام في المنطقة.
أحداث أواوديري وعين العرب التي أحدثت "فصالا عاطفيا" عند الأكراد، لا يمكن أن تعيده معارك حزب العمال الكردستاني في المدن، وهناك نقطة تستحق التأمل. لقد قتلت الحكومة أبناءها في أحداث أولوديري، وفي عين العرب، تم القضاء على الأقرباء. ولكن بالرغم من كون الأكراد ضحايا مباشرين في هذه الأحداث، إلا أنهم لم يتدفّقوا في شوارع المدينة بعد هذه الحرب الأخيرة المعلنة. أكرادُنا متسامحون.
لكن كم نقدر على إبقاء الدبابات في أزقة سيلوبي، أحياء سيزر وشوارع سور؟ إلى متى سنسمح بجعل الأكراد عرضة لهذه البندقيات؟ حظر التجوال والعمليات العسكرية وإن امتدّت زمنيا، فقد تسبّب مشاكل أخرى. يجب ألا ننسى أن ذاكرة تسعينيات هذا المجتمع لا زالت طازجة.
لقد قلت، إنه شهر حرج..
هل سيدخل أوجلان على الخط؟
ينبغي أن تتحرّك الآلة السياسية بعد التطبيع وإعادة العلاقات للمستوى الطبيعي الذي سيتبع العمليات العسكرية. في لحظات الضيق، لاسيما لحظات القتل الظالم، كان أُوجلان يدخل على الخط. فسؤال اليوم، هل سيدخل أوجلان على الخط؟ أو إذا دخل فهل سيكون تدخله فعالا؟
لقد جعل قنديل، أوجلان في وضع "رئيس فخري". وكذلك اختار قنديل الحرب، رغم نداء أوجلان ودعوته إلى مؤتمر لحزب العمال الكردستاني في نورُوزْ لمناقشة وقف إطلاق النار على الأراضي التركية. جَمِيل بَايِيك بقوله "انسحاب المليشيات المسلحة لا يقرّره عبد الله أوجلان أو حزب الشعوب الديمقراطي، بل تقرّره المنظمة نفسها"، دفن أوجلان حيّا في سجن إِمرالِي.
لقد أسّس حزب العمال الكردستاني أُوجلان، لكن الذي يسيّر التنظيم اليوم، هو قنديل.
لا حزب العمال الكردستاني هو حزب العمال الكردستاني القديم، ولا الشرق الأوسط هو الشرق الأوسط القديم..
إذن، هل سيقول أوجلان كلمته في ما يجري؟
وهل سيكون كلامه فعّالا؟
قبل الإجابة على هذه الأسئلة، كيف يرى أوجلان، استراتيجية قنديل لـ "حروب المدن؟"
“سياسات قنديل و حزب الشعوب الديمقراطي المعتمدة، غير صحيحة وستصل إلى طريق مسدود”.
أوجلان يرى أن سياسة الخنادق والمتاريس ليست صحيحة، لأنها حسب رأيه ستجعل الجماهير تجْحَد.
وتدخّل أوجلان ليس كافيا لحل المشكل. فنحن اليوم أيضا، أمام هجوم تحت قيادة إيران، أما الولايات المتحدة وروسيا، فتمسكان أطراف هذا الهجوم.
بالإضافة، بعد كل آلاف قتلى العمليات العسكرية في أثناء الصراعات الساخنة، فإنه يُعتقد أن تدخل أوجلان ليس له معنى.
استراتيجية أنقرة للخروج من الأزمة
بعد أن يتعرّض حزب العمال الكردستاني لهزيمة ثقيلة في أثناء “حروب المدن”، ستدخل الإرادة السياسية بشكل قوي لحل القضية الكردية. آنذاك المنظمات غير الحكومية وقادة الرأي العام، سيأخذون مكانهم الطبيعي في هذه المرحلة.
بعد إطلاق الحكومة لعملية الإصلاح وضغطها على زر الدستور الجديد، فمن المتوقع أن يتغيّر المناخ في المنطقة. وفي هذه المرحلة على وجه التحديد، يتوقّع أن يتدخّل أوجلان. أو بالأحرى، يُعتقَد أن تدخّل أوجلان سيكون فعّالا، بعد أن يتم ضمان هذا الأساس وهذا المناخ.
"تدخّل أُوجلان كعلاج بالمضادات الحيوية. والعلاج بالمضادات الحيوية لا يكون فعّالا، إلا عندما يستعمل في الوقت المناسب وبشكل منتظم".
هذا الشتاء سيكون صعبا. لكن في غضون أشهر، سيتم الانتقال إلى العلاج بالمضادات الحيوية.
(عن صحيفة "يني شفق" التركية، مترجم خصيصا لـ"عربي21"، 25 كانون الأول/ ديسمبر 2015))