تطورت العلاقات الثلاثية؛ بين
الاحتلال الإسرائيلي وبين كل من
قبرص واليونان، في الفترة الأخيرة، بشكل عميق، منذ حدوث
الأزمة السياسية بين
تركيا والاحتلال؛ وقد شهدت علاقتهما برودا لم يصل إلى درجة التجمد، بحسب خبراء في الشأن الإسرائيلي.
ويؤكد هؤلاء الخبراء أن هذه العلاقة ستشهد تطورا كبيرا، خلال القمة الثلاثية المنوي عقدها الشهر القادم، والتي ستضم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ونظيره
اليوناني والرئيس القبرصي، والتي جري التحضير لها أمس الأربعاء؛ عبر لقاء جمع مدير عام وزارة خارجية الاحتلال دوري غولد، بنظيريه اليوناني والقبرصي في مقر الوزارة بمدينة القدس المحتلة، بحسب ما نقلته الإذاعة الإسرائيلية.
وقال الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، إن العلاقات الإسرائيلية القبرصية اليونانية، "ليست جديدة، وهي تتطور منذ أن نشأت الأزمة بين تركيا والاحتلال"، مؤكدا أنها "تزداد تلاحما ومصلحة؛ لأنها بنيت على أسس عميقة من العلاقات الأمنية والاستراتيجية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الجهد الأساس في هذه العلاقات الثلاثية؛ يتركز في الجانب الأمني الاستراتيجي، ومكافحة ما يسمى الارهاب"، مشيرا إلى أن الاحتلال "يقوم بمناورات عسكرية مشتركة مع اليونان، طوال السنوات الخمس الأخيرة، ويضع خططا أمنية مشتركة مع قبرص، لحماية آبار الغاز التي حفرها في البحر المتوسط".
العلاقة مع تركيا
وذهب مجلي إلى أنه "في حال وجدت أجواء قد تساعد على تحسن العلاقات التركية-الإسرائيلية السياسية؛ فستبرز مشكلة تلك العلاقات الثلاثية، وهو ما يتناقض مع سياسة تركيا، وهذا سيؤدي إلى استمرار البرود في العلاقة بينهما"، مؤكدا أن العلاقات التركية الإسرائيلية الاقتصادية "لم تتأثر بتاتا، وقيمتها المادية خمسة مليارات دولار".
وحول تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الثلاثاء الماضي، الذي جاء فيه أن "الشرق الأوسط سيستفيد كثيرا من تحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وقد تنشأ ظروف لتحسين تلك العلاقة"؛ بيّن مجلي أن هذا التصريح "دفع الاحتلال للاتصال بالأتراك، والبدء بمشاورات لإرسال وفد إسرائيلي رفيع المستوى لتركيا".
وذكر أن الجهود السرية التي تبذل لتحسين العلاقات بينهما "شهدت درجة أعلى؛ عندما التقى مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية، دوري غولد، بنظيره التركي فريدون سينيرلي أوغلو، في 24 حزيران/يونيو الماضي بالعاصمة الإيطالية روما، في محاولة لفتح صفحة جديدة، لكنه اشترط لذلك طرد القيادي في حركة حماس صالح العاروري، وهو ما ترفضه تركيا؛ لأنه يمس بسيادتها، وتعدّه محاولة إسرائيلية لإفشال تلك الجهود".
وقال مجلي إن "ما لا يشجع الاحتلال للسير نحو تحسين العلاقات مع تركيا؛ هو قناعته بأن تركيا غير جادة في تحسينها، وكذلك عدم قدرة الاحتلال على التراجع عن العلاقات القائمة والمتطورة مع القبرص واليونان"، لافتا إلى أن تركيا تشترط لتحسين علاقتها مع الاحتلال؛ رفع الحصار عن غزة، ودفع التعويضات لضحايا سفينة مرمرة التركية، وهما شرطان يعدهما الاحتلال "تعجيزيين".
الغاز الإسرائيلي
من جانبه؛ أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، إبراهيم أبو جابر، أن النشاط الدبلوماسي الإسرائيلي تجاه اليونان وقبرص؛ يأتي في إطار "ممارسة الضغط على تركيا لتحسين علاقتها بالاحتلال، وخاصة بعد توتر علاقة تركيا بروسيا، واحتمال وقف ضخ الغاز الروسي لها".
وقال لـ"
عربي21" إن "الاحتلال مرشح في المستقبل القريب لأن يكون مصدرا للغاز، فما يقوم به له أبعاد اقتصادية وسياسية واستراتيجية من الطراز الأول".
وحول البعد الاقتصادي للنشاط الإسرائيلي؛ أكد أبو جابر أنه من "الوارد جدا؛ سعي الاحتلال لإزاحة روسيا عن
تصدير الغاز لتركيا، لتكون هي أحد أهم البدائل في سد حاجة تركيا من الغاز"، مشيرا إلى تصريحات الوزير الإسرائيلي للشؤون الاستراتيجية، يوفال شتاينتس، "المقرب جدا" من بنيامين نتنياهو، التي ألمح خلالها إلى "وجود قضايا تطبخ تحت الطاولة بين تركيا وإسرائيل".
وتابع: "من غير المستبعد أن تسد تركيا حاجتها من الغاز الإسرائيلي، إضافة إلى الغاز القطري الذي ستساهم الجغرافيا في ارتفاع تكاليفه على الغاز الإسرائيلي".
ويرى أبو جابر أن اليونان وقبرص "حرصتا على توظيف التوتر في العلاقة بين الاحتلال وتركيا لمصلحتهما، عن طريق تطوير وتنمية التعاون مع الاحتلال؛ من أجل النيل من تركيا، وسحب مئات آلاف السياح الإسرائيليين نحوهما بدلا من تركيا، وهذا بدوره سيساعد في تحسين مواردهما الاقتصادية على حساب الأتراك".