لم يشعر معلم المدرسة محمود لطوف المقيم في مخيم كهرمان مرعش في الجنوب التركي بالسعادة بعد قبول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين طلب اللجوء الذي قدمه قبل نحو ثلاثة أشهر لدى مكتب المفوضية في مخيم النازحين السوريين.
وقال لطوف لـ
"عربي21": "لدى ابني إعاقة خلقية في يده، ومحاولة البحث عن علاج لحالته دفعتني إلى التسجيل لدى مكتب المفوضية، حين طلبوا ذلك من أهالي المخيم الذين لديهم حالات إعاقة بحاجة إلى علاج، مع ذلك لم أتوقع أن تكون فترة الاستجابة قصيرة، فقد استجابوا بعد ثلاثة أشهر تقريبا، وهي مدة قصيرة نسبيا بالنسبة للاستجابة لطلبات اللجوء الأممية".
وتابع: "تلقيت اتصالا قبل حوالي أسبوع من الآن، من موظف في مكتب المفوضية في العاصمة التركية "أنقرة"، وبعد أن أجبت عن عدة أسئلة وجهت لي، طلب مني القدوم إلى العاصمة للبدء في تفاصيل الهجرة، بعد أن حدد موعد أقصاه هذا الشهر، أي قبل نهاية العام الجاري".
ووصف لطوف حاله أثناء تلقي المكالمة قائلا: "كانت يداي ترتجفان، وصوتي كان يخرج متلعثما، لكن مع ذلك هدأت من روعي، وكنت أحاول أن أجيب عن تساؤلاته بدقة، إلى أن وصلنا لنهاية المكالمة، وحينها حسمت حالة الجدل التي كانت تعتريني، وقلت لذلك الموظف لم أعد أريد الهجرة".
وأضاف: "حاول الموظف أن يعرف أسباب الرفض، فما كان مني إلا أن قلت له إن
كندا بعيدة"، واستطرد: "تلك كانت حجة فقط وهي حجة غير مقنعة"، واستطرد بنبرة صوت مغايرة: "كنت بحاجة ملحة إلى إنهاء الاتصال حتى أتخلص من حالة الخوف تلك، لذلك عاودت قولي لا أريد الهجرة وهذا جوابي النهائي".
يخيم الصمت قليلا ثم يعاود لطوف الحديث متسائلا: "ما هو الضامن أن لا ينسى أولادي بلدهم
سوريا إذا ذهبنا إلى هناك؟ وهل أضمن أن يحافظ أولادي على عاداتهم وتربيتهم هناك؟ أفضل العيش هنا وأنا محافظ على هوية أولادي".
وعلى الرغم من إقامة لطوف لأكثر من ثلاثة أعوام في خيمة إلا "أن هذه الخيمة على كل منغصاتها تبقى أفضل بكثير من العيش بتهمة الإرهاب في بلاد بعيدة عن سوريا التي نحب"، كما يقول لطوف.
الغرب يضع السوريين في سلة واحدة
واستشعر لطوف خطورة التهمة التي ألصقتها تلك التفجيرات بالسوريين أينما ارتحلوا، ثم تابع: "في حال تكررت تلك الحادثة فهل سيبقى الوضع على حاله؟ دعك من الحرية التي يتشدقون بها، هم يضعون السوريين في سلة واحدة".
وأخبر
"عربي21" نقلا عن أصدقاء سوريين له مقيمين في البلدان الأوروبية، أن المعاملة الجيدة التي كانوا يعاملون بها من قبل المواطنين الأصليين في بلدان اللجوء قد تغيرت بعد الهجمات الإرهابية الأخيرة التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس.
وقال لطوف إن رفضه هذا كان محط سخرية الجيران من سكان المخيم، وأضاف: "لقد تعرضت للوم كبير، إلى درجة اعتبارهم لرفضي جحودا لنعمة سيقت إلي، لكن كان ردي عليهم بأن الله متكفل بالرزق وليست حكومة كندا ولا غيرها من الحكومات الأخرى، التي لم تحاول مساعدة السوريين في العودة إلى بلادهم بدلا عن استقبالهم لديها كمواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة ربما".