يقول المحلل كون كوغلين قي تقرير نشرته صحيفة "ديلي تلغراف"، إن السعوديين يظلون حلفاء
بريطانيا الطبيعيين في محاربة
تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن السعوديين يؤدون دورا في النزاع السوري، حيث إنهم عقدوا مؤتمرا للمعارضة السورية.
ويضيف كوغلين أنه عندما حاول رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تقدير حجم القوات المقاتلة ضد رئيس النظام السوري بشار
الأسد، لم تكن الأرقام المقدمة إليه من مساعديه مشجعة. وقد قيل لمكتب رئيس الوزراء: "لا يوجد هناك نقص في المقاتلين على الأرض". و"المشكلة هي أن لا أحد منهم يريد محاربة تنظيم الدولة".
ويعلق الكاتب بأن هذا تلخيص يثير قلق العواصم الغربية، التي يحاول صناع القرار فيها تشكيل استراتيجية متماسكة وقوية، تهزم في النهاية الجهاديين، استراتيجية لا تعتمد على تقديرات متفائلة، من مثل استخدام القوة الجوية، ورمي ما يمكن رميه من قنابل على مقاتلي التنظيم الجهادي، بشكل يدفعه للتخلي عن طموحاته في بناء "خلافة" إسلامية.
ويشير التقرير إلى أن مكتب رئيس الوزراء أبعد نفسه الآن عن الرقم الذي استخدمه كاميرون في مرافعته أمام البرلمان، دعما لمشاركة الطيران البريطاني في العمليات فوق
سوريا. وقال كاميرون إن هناك 70 ألف مقاتل جاهزين للمشاركة في العمليات العسكرية، والتنسيق مع الغارات الجوية.
ويكشف كوغلين عن أن الرقم أضافه مسؤول متحمس من مكتب رئيس الوزراء إلى البيان الذي قرأه كاميرون في اللحظة الأخيرة. ويرى الكاتب أنه "في ظل وجود أكثر من مئة فصيل مختلف على الساحة السورية، فإنه من الصعب التفريق بين الذي يقاتل تنظيم الدولة عن الذي يبحث عن تحقيق أجندة أخرى، مثل الإطاحة بنظام بشار الأسد، أو يريد إقامة إمارة مستقلة".
ويذكر الكاتب أنه "في بعض الحالات تجد الفصائل نفسها تقاتل على جبهتين. فالجماعات التي شكلت قبل أربعة أعوام لقتال بشار الأسد تحاول الدفاع عن مناطقها، وتقاتل تنظيم الدولة، الذي لا يفرق بين الجماعة التي تقاتل مع الأسد أو ضده، فأي طرف لا يمتثل لما يدعو إليه، ويعتمد التفسير للدين الذي يتبناه التنظيم، يعد زنديقا أو خارجا عن الدين".
ويدعو كوغلين في تقريره، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى القيام بعملية توضيح لخطوط القتال "من يقاتل من".. مشيرا إلى أن افتتاح قمة المعارضة السورية يوم أمس في الرياض يعد محاولة متأخرة لبناء نوع من وحدة الهدف، وهو اجتماع قد يضع الأسس لحلف ينهي نظام الأسد.
ويقول الكاتب إن "السعوديين لم يحظوا في الفترة الماضية بتغطية جيدة؛ لأن اليسار المتطرف من حركة (أوقفوا الحرب)، وزعيم حزب العمال جيرمي كوربين جعلونا نعتقد أن
السعودية هي وراء ظهور تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة". ولا يستبعد كوغلين مساعدة عدد من الأثرياء السعوديين في الماضي هاتين المنظمتين. ولكن الحكومة السعودية في حرب مع التنظيم، الذي نفذ هجمات في عدد من مساجد المملكة.
ويجد كوغلين أن "السعوديين ملتزمون بهزيمة تنظيم الدولة التزامهم بالإطاحة بنظام بشار الأسد، وهذه ليست مختلفة عن أهداف كاميرون، الذي وضع أهدافا طويلة الأمد للتدخل العسكري في سوريا".
ويتابع الكاتب: "في هذه الظروف، فإن من المعقول أن تتعاون بريطانيا وبشكل قريب مع السعودية؛ للاتفاق على هدف مشترك، خاصة أن هناك حلفا قديما بين البلدين، وسابقا على حرب الخليج".
ويستدرك كوغلين بأنه "رغم حاجة كاميرون لأي حليف يمكنه الحصول على دعمه، فإن العلاقات بين لندن والرياض تشهد توترا؛ بسبب القرار غير المنطقي لوزير العدل مايكل غوف، عندما ألغى في تشرين الأول/ أكتوبر، صفقة مع السعودية؛ احتجاجا على سجل حقوق الإنسان فيها. وهو تحرك لم يكن مدعاة لرضا السعوديين. وما لم يعرفه غوف هو أن تدخله جاء في وقت حرج لمسار المملكة وتطورها".
ويلفت التقرير إلى انتخابات البلديات، التي تسمح السلطات فيها ولأول مرة بمشاركة المرأة. ويرى الكاتب أن "إصلاحات من هذا النوع، وإن كانت بطيئة، فإنها خطوة في الاتجاه الصحيح، ويجب أن تحظى بدعمنا وليس رفضنا، وهذا هو تفسير السعوديين لموقف غوف".
ويفيد كوغلين بأن "بريطانيا بحاجة إلى تقوية تحالفها مع السعودية في وقت تقوم فيه بإعادة هيكلة قواتها المسلحة. وقد عزز السعوديون قواتهم العسكرية، وأظهروا اهتماما بشراء 72 طائرة (تايفون) البريطانية. وهناك شكوك في تقدم الصفقة، في حال رأت السعودية أن التزامات بريطانيا تجاهها ليست قوية".
ويخلص الكاتب إلى أن "السعوديين ربما بدوا حلفاء صعبين، كما كشفت عنه قضية المتقاعد البريطاني، الذي اتهم بتهريب الخمور، ولكن في القضايا الإقليمية فقد أثبت السعوديون أنهم أصدقاء مخلصون لبريطانيا، التي يمكن أن تؤدي دورا مهما في تدمير تنظيم الدولة".