نشرت مجلة سلايت الفرنسية تقريرا، حول التحالفات التي تجري داخل أروقة السياسة العالمية من أجل القضاء على تنظيم الدولة. وقالت إن الانتصار في هذه المعركة، يمر عبر دعم مبادئ
الديمقراطية، وليس من خلال دعم الأنظمة
الديكتاتورية في العالم العربي والإسلامي، التي تساهم في تغذية
الإرهاب والتطرف.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن فرنسا على ما يبدو بدأت في السير على خطى روسيا في تعاملها مع ملف الإرهاب، حيث إن هذه الأخيرة ليست بمنأى عن الهجمات الإرهابية التي يتبناها تنظيم الدولة، كما أنها تعتبر من أفضل الحلفاء في الوقت الحالي، حيث إن فرنسا، رغم إقرارها بأن بشار الأسد ارتكب عديد الانتهاكات والجرائم، فإنها أصبحت تعتبره عدوها الثانوي الذي لا بد من أن تتفق معه.
وأشارت المجلة إلى اتفاق الهدنة بين كل من هتلر وستالين، والذي تم الإخلال به إثر عملية بارباروسا الألمانية التي استهدفت الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديدا في حزيران/ يونيو سنة 1941، واعتبرت المجلة أن فرنسا ربما تقتنع بالدخول في اتفاق مماثل مع الجانب الروسي، أمام خطر تنظيم الدولة.
ونقلت المجلة على لسان الأستاذ في جامعة برنستون، ألان كروجر، أن الانتصار على الإرهاب لن يتم من خلال دعم سيطرة الأنظمة الديكتاتورية على الدول العربية؛ لأن السبب الأساسي لانتشار الفكر المتشدد والعنف في هذه الدول هو غياب الديمقراطية والإصلاح السياسي.
وأضاف كروجر أن الدين الإسلامي ينص على عدم فصل الدين عن الدولة، ولذلك رفض الكثيرون في السابق أي قراءة دينية تقوم على الحداثة، ولكن مع تأسيس الديمقراطية الجديدة في تونس، تم إرساء مبادئ الفكر الإسلامي الذي يقوم على الحداثة.
وأضافت المجلة أن دراسات عديدة قام بها كل من صندوق النقد الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي، بينت أن السياسات الاقتصادية التي تشهدها البلدان النامية تعتبر كارثية، بالإضافة إلى أن غياب الإصلاحات والحريات، وهي مشكلات من شأنها أن تعيق تطور الفرد وأن تحرمه من فرص عمل.
كما أن العديد من الخبراء أكدوا على أنه حتى في الدول القوية مثل المملكة العربية السعودية، فإن الوضع يعد على حافة الكارثة، فانخفاض أسعار النفط العالمية، بالإضافة إلى الإستراتيجية المتبعة ضد تنظيم الدولة، ستكون لها عواقب وخيمة.
وذكرت أن دول "البريكس"، الذي هو اختصار للحروف الأولى لكل من البرازيل، روسيا، الهند، الصين وجنوب أفريقيا، التي تعد صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، تشهد الآن تراجعا في نسق الاستثمار لديها، فالبرازيل في حالة ركود، وكذلك الأمر بالنسبة لروسيا وجنوب أفريقيا، أما الصين فقد تراجع نموها من 10 إلى ستة في المئة، في حين أن الهند حافظت على نمو بنسبة 7 في المئة.
وبحسب المجلة، فإن هنالك تباينا في آراء الخبراء الاقتصاديين، حول أسباب التراجع الاقتصادي لدى الدول التي كانت تشهد ازدهارا ونموا كبيرين في الماضي، حيث قال الأستاذ في جامعة بريكلي، باري أيكنغرين، أنه عندما يبلغ نصيب الفرد 17 ألف دولار، فإن النمو سيرتفع، لكن غياب الإنتاجية وارتفاع المرتبات سيساهمان في الحد من القدرة التنافسية في تلك البلدان، وبالتالي سيكون هنالك تراجع في نسبة النمو.
وأضاف أيكنغرين أن انخفاض أسعار السلع الأساسية سيحرم كلا من البرازيل وروسيا والسعودية من نصف دخلهم. وتشترك كل هذه التحليلات في النتيجة ذاتها، وهي أن غياب "إصلاحات هيكلية" في الاقتصاد، بالإضافة إلى ظهور"البورجوازية الصغيرة"، هما من أهم أسباب تراجع الاقتصاد في العديد من الدول.
وأكدت المجلة أن الأنظمة الديكتاتورية هي الأكثر تضررا من هذا الركود، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الفساد. ففي البرازيل مثلا، تعددت فضائح الفساد التي هزت الطبقة السياسية في البلاد، لكن الفساد في الأنظمة الديكتاتورية يوجد في كل مكان، ويعيق الأعمال والمبادرات وحتى أبسط العمليات الإدارية. كما أن امتلاك الطبقة السياسية لصلاحيات قوية، تستطيع من خلالها السيطرة على كل شيء، يمكّنها من القيام بالتعيينات في الوظائف على أساس القرابة والمحاباة، وليس على أساس الكفاءة والقدرة على الابتكار.
وذكرت المجلة أن بعض الدول تحاول أن تثبت أن الديكتاتورية لا تعني الفساد، ولكنها لم تفلح في ذلك. فالصين مثلا، تحاول أن تحارب الفساد من خلال رئيسها الديكتاتوري شي جين بينغ، كما أن روسيا عالقة في اقتصادها القائم على النفط، وتقوم في الوقت نفسه بالتدخل ومتابعة ما يحدث في دول الشرق الأوسط عن كثب.
وفي الختام، ذكرت المجلة أن النضال ضد الفكر المتطرف يتم من خلال إرساء مبادئ الديمقراطية في المنطقة، وأن استراتيجية فلاديمير بوتين لن تحقق أية نتائج، كما أنه يجب أن يبقى هدف الديمقراطيات السياسية والاقتصادية هو اقتلاع جذور الإرهاب.