نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول العلاقات بين الدول العربية والغربية، والتحالفات التي نشأت من أجل مجابهة
تنظيم الدولة وقصف معاقله في
سوريا والعراق، عرضت فيه التحديات التي تقف أمام تشكيل ائتلاف عسكري فعال للقضاء على هذا التنظيم الذي يتصاعد خطره يوما بعد يوم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن المخابرات الأردنية التي تربطها علاقة وثيقة بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، كانت قد أسندت إليها في إطار محادثات فيينا حول عملية الانتقال السياسي في
روسيا، مهمة تحديد الجماعات المسلحة المناهضة للأسد والتي لن يتم قبولها من قبل موسكو وطهران وواشنطن وباريس ودول الخليج.
وأضافت الصحيفة أن هذه المهمة حساسة للغاية؛ نظرا لتشتت المعارضة ووجود مجموعات متشددة فيما بينها. وقد أفاد مصدر من الأمم المتحدة بأنه "على الأردنيين تقديم مقترحات إلى مجلس الأمم بالأمم المتحدة"، وأنهم "لن يعلنوا صراحة من هي هذه المجموعات الإرهابية حتى لا يتم استهدافها، لكنهم سيعتمدون على عدة معايير، لعل أولها هو وجود المقاتلين الأجانب داخل هذه الجماعات المعارضة".
وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس هناك جدل حول ما إذا كان كل من تنظيم الدولة وجبهة النصرة مستهدفين من قبل القصف الروسي الأمريكي الفرنسي، ولكن الجدل القائم الآن هو حول فصيلين من الفصائل الإسلامية، وهما أحرار الشام وجيش الإسلام؛ حيث إن هاتين المجموعتين، تهيمنان على بقية المعارضة.
وقد قال دبلوماسي في الأمم المتحدة: "لقد أصرت قطر على ضرورة إجراء تغييرات على مستوى قيادات أحرار الشام، فهي تريد أن تكون المجموعة مؤهلة لعب دور، وهذا الأمر على وشك أن يتحقق، باعتبار أن ممثلا للجماعة سيتوجه قريبا إلى لندن لتلبية دعوة وجهت له".
المملكة العربية السعودية هي الأخرى تبحث عن تلميع صورة جيش الإسلام، ولكن حتى الآن لا تزال موسكو تنظر إلى هذه المجموعات على أنها إرهابية، وبالتالي فهي تقوم بضرب معاقلها في شمال غرب سوريا. فبعد هجمات في باريس، التي أشاد بها قيادي من أحرار الشام التي أسسها رفيق درب أسامة بن لادن، سيحتدم النقاش.
وقالت الصحيفة أنه بالنسبة لروسيا فإن جيش بشار الأسد وحلفاءه الإيرانيين هم شركاء قادرون على دعم الضربات الجوية في تحالف فريد من نوعه ضد تنظيم الدولة، وهذا ما حدث منذ الضربات الأولى الروسية في سوريا في نهاية شهر أيلول/ سبتمبر، لكنها لم تحقق أي نجاح يذكر. لكن هذا الأمر لم يمثل أي مشكلة لكل من الأمريكيين والفرنسيين والأتراك والسعوديين، الذين رفضوا دعم قوات النظام السوري حتى لا يعززوا قوة خصمهم بشار الأسد.
ففي الحدود الشمالية مع تركيا، يعتمد الأمريكيون على المقاتلين الأكراد السوريين التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذين تم تزويدهم بما يقارب 50 طنا من الذخيرة، كما تم دعمهم عسكريا من خلال إرسال حوالي 50 عنصر من القوات الخاصة، ما جعل تركيا تغضب.
وتساءلت الصحيفة حول ما إذا كان البنتاغون قادرا على الاعتماد على الأكراد لتحرير الرقة، وهي "العاصمة" السورية لتنظيم الدولة، وشددت على صعوبة الأمر. كما تعول فرنسا على ما تبقى من المعارضين المعتدلين المتجمعين داخل بعض كتائب الجيش السوري الحر. وفي الأسابيع الأخيرة، عبرت المديرية العامة للأمن الخارجي عن غضبها إزاء قصف الروسية لبعض الحلفاء الذين تم تدريبهم من قبل خبراء فرنسيين في تركيا.
وأضافت الصحيفة أن المختصين يدركون جيدا أن من أهم التحديات التي تعترض العمليات العسكرية الموجهة ضد تنظيم الدولة هي نقص المعلومات، ما سمح لفرنسا بالاطلاع على "الملفات الموضوعية" التي تمتلكها الولايات المتحدة عن تنظيم الدولة، التي تعدّ من أهم الأولويات التي سيناقشها فرانسوا هولاند في لقاء سيجمعه بالرئيس الأمريكي باراك أوباما، حيث لم تسمح الولايات المتحدة بإطلاع فرنسا على هذه الملفات إلا بعد هجمات باريس الأخيرة.
في هذا الإطار، أكد مسؤول سابق في وزارة الدفاع على وجوب توفير معلومات مباشرة ليتم استهداف قيادات تنظيم الدولة ومواقعه الاستراتيجية، وفي غياب ذلك تبقى الغارات الجوية غير فعالة، حيث يقوم تنظيم الدولة بإخلاء مراكز القيادة ومعسكرات التدريب. أما موسكو فقد اعتمدت في قصفها لمواقع تنظيم الدولة على المعلومات التي جمعتها دمشق، ما ساهم في إلحاق أضرار كبيرة بقوات التنظيم.
وفي الختام، اعتبرت الصحيفة أنه من غير المقبول أن يعجز الغرب عن توفير عناصر يمكنها التسلل إلى صفوف تنظيم الدولة، لذلك قال الدبلوماسي في الأمم المتحدة المكلف بالتواصل مع أطراف النزاع: "أخشى أن يكون هذا التحالف الفريد من نوعه مجرد سراب".
وقد بادرت الولايات المتحدة بإرسال طائرات مقاتلة مزودة بصواريخ مضادة للطائرات من نوع "إف15- سي" إلى تركيا لمحاربة تنظيم الدولة الذي لا يملك أي طائرات حربية. ولكن حتى لو تشاركت هذه الدول في المعلومات، وهو أمر مستبعد، فإن بناء تحالف قوي في مواجهة تنظيم الدولة يبقى في حاجة إلى مثابرة كل الأطراف، كما تقول الصحيفة.