شهد الداخل الفلسطيني المحتل الخميس إضرابا شاملا دعت إليه لجنة المتابعة العليا في الداخل المحتل عام 1948، احتجاجا على قرار الحكومة الإسرائيلية بحظر الحركة الإسلامية (الاتجاه الشمالي) برئاسة الشيخ
رائد صلاح، وما تبعه من إغلاق 17 من مؤسسة أهلية.
وأقرت اللجنة العليا العديد من الأنشطة الاحتجاجية والتي منها تنظيم مظاهرة السبت القادم داخل البلدات العربية وأخرى "قطرية" يوم السبت 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وهو ما يطرح تساؤلا مهما حول جدوى تلك الخطوات الاحتجاجية وما يمكن القيام به من أجل إبطال قرار
الاحتلال الذي صدر بحق الحركة الإسلامية الثلاثاء الماضي.
عدو وغول جديد
وأكد رئيس القائمة العربية المشتركة في الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، النائب
أيمن عودة، أن القرار الإسرائيلي بحظر الحركة الإسلامية، "جزء من التحريض الأهوج ضد الجماهير العربية الباقية في وطنها المحتل".
وقال في تصريح خاص لـ
"عربي21": "حكومة نتنياهو أرادت أن توجد عدوا وغولا جديدا، بعدما فقدت ورقة التهديدات الإيرانية، كي تستطيع من خلاله تأليب المجتمع الإسرائيلي اليهودي"، موضحا أن القرار "لا يستند إلى أي نص قضائي أو قانوني وهو ما يجعله هشا".
وقال "وصل الهذيان بنتنياهو أن يقول إن أعضاء الكنيست من العرب يرفعون علم تنظيم الدولة "داعش".
وفي معرض رده على الإجراءات التي يمكن اتخاذها لإبطال القرار، كشف عودة عن نية الحركة التوجه للقضاء، خاصة وأن الجمعيات التي أخرجت عن القانون، جمعيات "قانونية بامتياز، تسدي خدماتها للشرائح المستضعفة في المجتمع العربي الذي يعاني من عنصرية الاحتلال وتهميشه".
ونبه عودة إلى أن أي تحرك مستقبلي سيكون على ضوء القرار القضائي، وفي السياق ذاته، شدد على أهمية
إضراب اليوم وتأكيده على وحدة كافة الأطياف السياسية والحزبية الفاعلة في الداخل المحتل في مواجهة أي مخططات تنال من الوجود العربي، واصفا الإضراب بـ"الناجح".
نية النواب العرب
وقال "هناك إجماع وطني للتصدي للقرار؛ وهذا مهم جدا"، مشيرا إلى فعالية الإضراب في التأثير على القرار الإسرائيلي، في ظل وجود قوى وجمعيات ليبرالية في المجتمع الإسرائيلي ترفض قرار حظر الحركة الإسلامية وتدعم فعالياتها في الداخل.
وكشف عودة عن نية النواب العرب عقد مؤتمر الثلاثاء القادم في الكنيست ستحضره الكثير من الجمعيات الليبرالية (إسرائيلية) وهو "ما سيساهم في خلق جو عام يحيط بالقرار القضائي؛ بأنه لا يمكن الاستفراد بالحركة الإسلامية"، مؤكدا أن "استغلال (إسرائيل) للظروف العالمية بالتحريض ضد الحركات الإسلامية لن يثني الأخيرة عن دورها".
من جانبه، أكد الخبير السياسي عبد الستار قاسم، أن الاحتلال الإسرائيلي "لا ينفع معه الإضراب أو الاحتجاج، ولا يستمع لصوت العقل"، موضحا أن "لسان حال (إسرائيل)؛ أضربوا كما يحلو لكم، وأنا سأستمر في سياستي".
وتساءل في حديثه لـ
"عربي21": "ماذا سيترتب على نجاح الإضراب، وما هي الأمور التي ستترتب على هذا النجاح؟"، معتقدا أن نجاح الإضراب (كما أكد عودة) لا يعني أن هناك "تبعات يمكن أن ترغم الاحتلال عن التراجع عن موقفها".
وأوضح أن "التأثير الفعال" على الاحتلال يأتي من وجود "معارضة حزبية إسرائيلية داخلية لهذا القرار، ولما تقوم به حكومة بنيامين نتنياهو وهو إن لم يكن اليوم فغدا"، مستبعدا أن يتسبب قرار الاحتلال بتوتر الأوضاع ومشاكل داخلية تؤثر على الأمن الإسرائيلي في الداخل المحتل، لأن فلسطينيو الداخل "إمكانياتهم ضعيفة، ويجنحون في العادة إلى الاحتجاج وليس إلى المواجهة".
ملاحقات سياسية بحتة
ويرى الخبير السياسي أنه لابد أن يعمل الفلسطينيون في الضفة وغزة والداخل المحتل "بطريقة موحدة؛ ومن غير ذلك لن نتمكن من تحقيق أي نجاح في معركتنا مع الاحتلال الإسرائيلي".
بدوره، أشار محامي مؤسسة الميزان لحقوق الإنسان في الناصرة، عمر الخمايسي، إلى ضرورة أن تقوم الحركة الإسلامية بتقديم "اعتراض على قرار الحكومة للمستشار القانوني في وزارة الدفاع الإسرائيلية"؛ بحيث يأتي هذا التحرك ضمن ما أسماه "النضال القانوني".
وأضاف في حديثه لـ
"عربي21": "إذا تم رفض الاعتراض بالإمكان تقديم طلب استئناف في المحكمة العليا الإسرائيلية بالطعن في قرار حظر الحركة الإسلامية؛ الذي يتنافى مع القانون".
ونوه إلى ضرورة أن يوازي النضال القانوني "نضالا جماهيريا يحمل رسالة واضحة لحكومة الاحتلال؛ أن الحركة الإسلامية جزء لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني، ويجب عدم المساس به"، مؤكدا أن هذه الملاحقات "سياسية بحتة"، وهو ما عبر عنه إضراب اليوم في الداخل المحتل.
وشدد على ضرورة أن يعمل الجميع في الداخل المحتل بشكل "موحد، وأن تكون هناك جبهة واحدة"، مشيرا إلى أهمية أن يقوم النواب العرب في الكنيست بتعليق مؤقت لعضويتهم كخطوة احتجاجية؛ لأن الاحتلال من الممكن أن يصعد تجاه الجماهير العربية بالداخل".