شهد قضاء المحمودية احتفالا بتخريج 1000 مقاتل يشكلون الدفعة الثانية من "صحوات أبناء
العراق"، الذين أشرفت على تدريبهم الفرقة 17 التابعة للجيش العراقي في أحد معسكرات الفرقة قرب المحمودية.
وأوضح أحد مؤسسي "صحوة أبناء العراق"، محمد رحيم الزيدي، أن هذه القوة الجديدة سيتم توزيعها على شكل سرايا؛ لإسناد القوات الأمنية، وسد "الثغرات التي ينفذ منها الإرهابيون المنتشرون في جنوب وجنوب غربي العاصمة بغداد على مساحات شاسعة"، بحسب قوله لـ"عربي21".
وأضاف الزيدي أن الحكومة السابقة كانت قد صادرت أسلحة صحوات "أبناء العراق"، واعتقلت العشرات من قياداتها بتهم الإرهاب، لكن "هذه الحكومة باتت تخشى من تزايد أعداد الشباب الذين يلتحقون بتنظيم الدولة في مناطقنا، لهذا لجأت إلى هذه المجالس لاستيعابهم في القتال ضد التنظيم بدلا من القتال إلى جانبه".
وحول مشاركة التشكيل الجديد في مهمات قتالية ضد
تنظيم الدولة، قال الزيدي لـ"عربي21": "بالفعل اشتركنا في بعض الجبهات ضد تنظيم الدولة، ولدينا عدة مصابين، لكن همة جنودنا عالية للدفاع عن مناطقنا من هجمات التنظيم".
ونفى محمد الزيدي انضمام تشكيل "صحوات أبناء العراق" إلى الحشد الشعبي، وأكد أن مهمة القوة الجديدة "ستقتصر على الدفاع عن المناطق ضد هجمات التنظيم، في حين أن الحشد مكلف باستعادة المناطق من سيطرة تنظيم الدولة، ودوره هجومي مساند للجيش، أما نحن فأغلب القوة المتطوعة من أبناء
العشائر السنية، لذلك كُلفنا بالدفاع عن مناطقنا وعشائرنا فقط"، كما قال.
من جانبه، وصف أحد شيوخ عشائر جنوب بغداد، في حديث خاص لـ"عربي21"، طالبا عدم الكشف عن اسمه، صحوات أبناء العراق بأنها "حشد شعبي طائفي، ولكن بمسمى آخر؛ لخداع أهالي تلك المناطق، بعد أن رفضوا انضمام شبانهم إلى الحشد الشعبي كمشروع طائفي يسعى لتدمير أهل
السنة ومدنهم"، بحسب تعبيره.
وأضاف قائلا: "نحن نعلم جيدا ماذا فعل الحشد الشعبي وما هي نواياه. فبعد اقتراب تنظيم الدولة من مناطق أهل السنة في جنوب بغداد وسيطرته على مناطق واسعة ومهمة، اقترح بعض المقاولين القدامى من أيتام حكومة المالكي على أحد ضباط الجيش إعادة الروح إلى مشروع
الصحوات، للتكسب من دماء أبناء العشائر السُنيّة، وهو مشروع تجاري بالدرجة الأولى لا علاقة له بحمايتنا، بل سيكون قوة لاستعبادنا"، وفق قوله الشيخ العشائري.
وتساءل الشيخ عن جدوى تطوع أبناء العشائر السُنيّة للدفاع عن مناطق "لا تسمح الحكومة والحشد الشعبي بعودة النازحين السُنّة إليها".
ويرى شيخ آخر من شيوخ عشائر جنوب بغداد أن "هذه القوة هي وجه آخر للحشد الشعبي سيقوم بتنفيذ سياساته المعادية للعشائر السُنيّة، لكن على يد السُنّة هذه المرة؛ كي يكون هو بعيدا عن اللوم والانتقاد".
وشكك في صحة الأرقام المعلنة التي تتراوح بين 1700 إلى 1800 متطوع، حسب إعلان مسؤولين عسكريين وعشائريين، وقال: "أتحدى القائمين على هذا المشروع بإعلان أسماء 100 مقاتل سني فقط"، بحسب قوله.
وأكد الشيخ العشائري أن مناطقهم تعد مناطق آمنة نسبيا، ولم يدخلها تنظيم الدولة أو يهاجمها من قبل، ولذلك "رفضنا التطوع في الحشد الشعبي أو في هذه القوة الجديدة، ونتيجة لهذا الرفض؛ بدأت قذائف الهاون تتساقط علينا بشكل عشوائي بين فترة وأخرى، وحاولنا الاستفسار من الجيش عن مصدرها، لكن دون جدوى".
ويوضح الشيخ العشائري خلال حديثه لـ"عربي21" طبيعة الضغوطات التي يواجهونها، بسبب رفضهم التطوع في صفوف الحشد الشعبي، "وملاحقتهم بتهم تتعلق بالإرهاب أو تشكيل حاضنة لتنظيم الدولة". أما في حالة قبولهم، فإنها "أشبه بعملية انتحار؛ لأننا سنساهم في عمليات التشييع القسري لأبناء العشائر السُنيّة، وسنكون مصادر معلومات للحشد الشعبي لاعتقال الشباب وتصفيتهم"، وفق تعبيره.
وفي ختام حديثه، حمل الشيخ العشائري علماء الدين مسؤولية ما وصلت إليه "أوضاع السُنّة في جنوب بغداد"، لاهتمامهم بمصالحهم الحزبية، وذكر أن أغلبهم إما "ينتمي إلى الحزب الإسلامي وينتهج منهجا انتهازيا، أو انه ينتمي إلى هيئة علماء المسلمين التي تنتهج نهجا لا يتوافق وخطورة المرحلة بسبب غياب قادتها عن الواقع"، مضيفا أن "المسألة لم تعد مسألة حشد شعبي أو صحوة أو تنظيم دولة، إنما هي مسألة وجود وثبات العشائر السُنيّة التي تتعرض لتهديد حقيقي يستهدف وجودها"، بحسب قوله.