كتب ستيفن كوك في موقع مجلس العلاقات الخارجية تقريرا حول وضع
مصر، قال فيه إن "الدولة المصرية ضعيفة، فقيادات البلد إما هم في حالة ذعر أو ارتباك. ولا يوجد أحد مسيطر، وكما كان الحال في أحلك أيام الرئيس السابق محمد مرسي، فإنه يبدو أن فشل مصر مرجح. وبالرغم مما يدعيه مؤيدو الرئيس عبد الفتاح
السيسي حول المؤامرات التي تحاك في واشنطن والدوحة وإسطنبول والقدس أو أي مكان آخر، فليس للمصريين أن يلوموا أحدا سوى أنفسهم".
ويضيف كوك: "لا يحتاج الشخص لأن يملك رؤية ثاقبة أو أن يسلك تدريبا معينا ليصل إلى الاستنتاج بأن الأمور في مصر ليست على ما يرام: فمن الجنون بالسيسي عام 2013 إلى الخطاب القومي الذي يشبه خطاب اليعاقبة (بعد الثورة الفرنسية) إلى الأعداد الضخمة من المعتقلين إلى تخويف الصحافيين. ومع وجود هذه الخلفية هناك إصرار جبان وعنيف بأن الأمور على ما يرام، وبأن الإخوان المسلمين (الإرهابيين) هم وحدهم من يرون غير ذلك".
ويعتقد الكاتب أن "الأيام العشرة الأخيرة بالذات كانت سيئة للغاية، وكشفت أمراض مصر، فقبل أسبوعين تحطمت طائرة (مترو جيت) رحلة رقم 9268 فوق شبه جزيرة سيناء، ومات ركابها الـ 224 جميعا. ولا يزال هناك إصرار في وجه الأدلة المتزايدة بأن الطائرة تفجرت في الجو، وهذا يعني أن الأمن في المطارات المصرية فشل بأن يكون بالمستوى المقبول دوليا. وبهذا أعاد المسؤولون إلى الذاكرة عندما تسابقوا لإنكار الإدانة ضد الطيار المساعد جميل البطوطي عندما (أسقط الطائرة المصرية متعمدا) في المحيط الأطلسي قبل 16 عاما".
ويتابع كوك قائلا: "يمكن للشخص أن يتفهم ذعر الحكومة المصرية بعد سقوط الطائرة الروسية؛ لأهمية شرم الشيخ لما تبقى من قطاع السياحة المصري. ولكن لو اعترف السيسي في وجه الأدلة التي قدمتها المخابرات الأمريكية والبريطانية باحتمال أن يكون سقوط الطائرة عملا إرهابيا، ووعد بتحسين الأوضاع، ليحصل على المساعدة الدولية في حربه على الإرهاب. وبالرغم من العنف والإرهاب القائم لعادت السياحة لتتحسن، عندما تكون هناك ثقة بأن مصر مع شركائها الدوليين طوروا إجراءات صحيحة لفحص الأمتعة، والتأكد من أن يكون عمال تحميل الأمتعة موثوقين. وبدلا من ذلك اختار المسؤولون المصريون بشكل جنوني المراءاة والتشتيت ولوم الآخرين".
ويشير الكاتب في تقريره، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "الأمور كانت بالسوء ذاته على الجبهة الداخلية. فيوم الأربعاء قام قاض بتمديد اعتقال الشابة إسراء الطويل لـ45 يوما أخرى، بينما بكت ورجت الحصول على الرعاية الصحية، التي يبدو أن السلطات منعتها عنها. وتوضح الناشطة نيرفانا محمد بأن الطويل عملت مصورة صحافية وهي الآن على العكازات، بسبب إصابة في العمود الفقري عندما أصيبت برصاص قوات الأمن في تفريق لمظاهرة في كانون الأول/ يناير 2014، وقضت في السجن إلى الآن 155 يوما في انتظار نتائج التحقيق".
ويفيد كوك بأن الطويل "تتهم بأنها استخدمت حسابها على (تويتر) للدعوة للعنف ضد الشرطة، ومتهمة بالانتساب لحركة متطرفة. وليست هناك أي أدلة على هذه التهم، ولكن حتى لو كانت هناك أدلة، فما الذي يمنع من عرضها على طبيب؟ ولم يعر القاضي، الذي ترأس المحكمة المستشار معتز خفاجي، اهتماما لطلبها رغم أنه يستطيع ذلك، تاركا إياها ترتعش وتبكي. لا يمكن أن تكون هناك عدالة دون رحمة. وحقيقة أن الطويل في الغالب بريئة تضيف قسوة إلى الطريقة التي عوملت بها".
ويذكر الكاتب أنه في "يوم الأحد قامت المخابرات العسكرية بالتحقيق مع واحد من أشهر الصحافيين والناشطين الحقوقيين المصريين، وهو حسام بهجت، ووجهت له تهمة نشر مادة مضرة بالقوات المسلحة. وفي اليوم ذاته تم اعتقال مؤسس صحيفة (المصري اليوم) صلاح دياب، بتهمة صفقة عقار مشبوهة. وحظي بهجت بالاهتمام الأكبر؛ بسبب تاريخه في الاستقصاء الدقيق الذي كشف مساوئ
مبارك، والمجلس الأعلى للقوات المسحلة ومحمد مرسي وعبدالفتاح السيسي. وقلت مرة لماكس فيشر من موقع (Vox) بأن بهجت وعمر حمزاوي، الذي غادر البلاد حديثا خوفا من الاعتقال، هما الليبراليان الوحيدان اللذان لا يزالان في مصر".
ويعلق كوك قائلا: "أعرف أن ذلك مبالغة، ولكن كانا أكثر الليبراليين فعالية، وقد تم إسكاتهما في هذه الفترة على الأقل. ولماذا؟ يميل الشخص ليجيب عن هذا السؤال بـ (لا يوجد سبب)، ولكن هذين الرجلين يشكلان خطرا كبيرا على النظام، ولكن بطريقة غير واضحة. فليس لبهجت ولا لحمزاوي أتباع كثيرون، ولكنهما أظهرا من خلال أعمالهما الفرق بين ما يقوله السيسي وماكينته الإعلامية للناس، وبين حياتهم الواقعية".
ويجد الكاتب أن "هذا الفرق مهم؛ لأنه يمكن أن يستغل من حاملي المشاريع السياسية للترويج لرؤى بديلة عن رؤية السيسي. وهذا هو السبب في رؤية هذا الشاب، الذي يتحدث بهدوء ويحب الكتب، حسام بهجت، مصدرا للخطر. والحقيقة إنه لن يشكل خطرا لو كان زعماء مصر واثقين بأن الناس يشترون ما يقدم لهم عبر الإعلام".
ويقول كوك: "الحقيقة أن السيسي فشل فشلا ذريعا في تعلم الدروس من حقبة مبارك. فمصر الجديدة واعتمادها الزائد على العنف والإكراه والكذب، تظهر شبيهة جدا بمصر القديمة، والفرق الوحيد هو أن الرئيس المخلوع (مبارك) كان أكثر مهارة من الرئيس الحالي".
ويخلص الكاتب إلى أن "النتيجة المؤسفة هي أن مصر جمعت بين الأسوأ من النواحي كلها: جهود فاشلة في الحصول على الشرعية، واللجوء إلى التحكم السياسي الذي يحقق العكس. ولم تكن هناك سابقة لمثل هذه الظروف في تاريخ مصر، ولا يوجد نمط مألوف يستطيع المراقب من خلاله فهم ما يجري وما قد يتبع، ومهما يكن فإنه يبدو أنه سيكون مدمرا لذاته".