هكذا جاء مانشيتا أكبر صحيفتين خاصتين في
مصر، السبت 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وهما "المصري اليوم" و"الوطن"، معلقتين على القرار الروسي بوقف رحلات شركات الطيران الروسية إلى مصر، بقول الأولى: "حتى أنت يابوتين"، وقول الثانية: "أزمة الطائرة المنكوبة تخنق مصر"، ما جسَّد - وفق مراقبين - عمق الأزمة التي يمر نظام رئيس الانقلاب عبدالفتاح
السيسي.
ذلك في وقت انبرت فيه أذرعه الإعلامية، التي اصطحبها معه، ومنهم رؤساء تحرير صحف قومية، في الحديث عن نتائج إيجابية لزيارته إلى لندن، التي اختتمها أمس الجمعة، واستبقتها بريطانيا الأربعاء، بإعلان وقف رحلاتها الجوية إلى
شرم الشيخ، واختتمتها
روسيا، الجمعة، بقرارها السابق، المطابق لنظيره البريطاني.
فريق ثالث من الصحف المصرية وقف موقف الذي يمسك بالعصا من المنتصف، ملمحا إلى وجود أزمة، زاعما - في الوقت نفسه - أن زيارة السيسي إلى لندن حققت نجاحا، لا سيما على الصعيد الاقتصادي.
الصحف الخاصة تظهر الأزمة
كشفت الصحف الخاصة، التي يمتلكها رجال أعمال، عن الغطاء قليلا في ما يتعلق بحقائق أزمة القرار الروسي الخاص بتعليق الرحلات الجوية إلى مصر، حتى إن صحيفة "المصري اليوم" خرجت بمانشيت أقرب إلى السخرية، مستلهمة عنوان مانشيتها من إحدى مسرحيات شكسبير بالقول: "حتى أنت يا بوتين".
وأشارت الصحيفة إلى أن "روسيا تلحق ببريطانيا في "تعليق الرحلات".. الرئيس الروسي للسيسي: استئنافها في أقرب وقت".
وبحسب الصحيفة: "في تطور سريع لتداعيات حادث سقوط الطائرة الروسية، أمر الرئيس الروسي، بتعليق رحلات شركات الطيران الروسية إلى مصر، بتوصية من الاستخبارات الروسية".
وسادت حالة من التخبط في مطار شرم الشيخ، وتكدس عدد كبير من السياح البريطانيين العالقين، وفرضت قوات الصاعقة والمظلات إجراءات أمنية مشددة لتأمين المطار.
وقال رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، إن "الحكومة تدرس الموقف الروسي لاتخاذ القرار المناسب"، وفق المصري اليوم.
في السياق نفسه، قالت الوطن في مانشيتها: أزمة الطائرة المنكوبة "تخنق مصر".
وأضافت: "السيسي وبوتين يتفقان على استئناف الرحلات في أقرب وقت.. والبيت الأبيض: العمل الإرهابي غير مؤكد.. السيسي يختتم زيارته لبريطانيا ويوجه بزيادة محفظة مصر بالبنك الأوروبي".
ولم تحدد الصحيفة حيثيات خنق الأزمة لمصر، حسبما ذكرت، مكتفية بعرض تسلسل الأحداث.
الصحف الحكومية تحاول ستر الأزمة
في المقابل، بذلت الصحف الحكومية جهودا حثيثة في تجميل زيارة السيسي إلى لندن، فتحدثت عن ثمار إيجابية لها، وأغرقت القارئ في تفاصيل لقاءات السيسي هناك، وتولى كبر ذلك الأذرع الإعلامية للسيسي، وفي مقدتهم رؤساء تحرير صحف قومية (حكومية).
فجاء مانشيت صحيفة "الأهرام"، الذي كتبه من لندن رئيس تحريرها محمد عبد الهادى علام"، كالتالي: "مواجهة شاملة للإرهاب.. السيسي يلتقى وزير الدفاع البريطاني .. فالون: القاهرة شريك مهم للندن.. رئيس "بريتش بتروليوم" للرئيس: ما قمتم به لمصر في وقت قصير شيء مذهل".
هكذا تعاملت "الأهرام"، الجريدة الأولى في مصر، مع الأحداث، معتبرة لقاءات السيسي في ختام زيارته للندن، أمرا أكثر أهمية من القرار الروسي وتداعياته على السياحة والاستثمار والاقتصاد، بل لم تشر إليه في مانشيتها، الذي احتل ثمانية أعمدة بعرض الصفحة الأولى (نصف الصفحة).
ونقلت الصحيفة عن مراقبين في العاصمة البريطانية قولهم إن اللقاءات العشرة، التي أجراها السيسي خلال الزيارة، نجحت في إيصال العلاقات بين الدولتين إلى مرحلة النضج، بعد شهور من سوء الفهم، وبعد نقل صورة مغلوطة عن مصر".
وفي المانشيت قالت الأهرام: "اختتم الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس زيارته المهمة لبريطانيا، وأكدت الأوساط البريطانية ووسائل الإعلام في لندن أن الزيارة فتحت صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين، ومهدت الطريق أمام حقبة من التعاون غير المسبوقة بين الدولتين".
في المقابل اكتفت "الأهرام" بنشر تقرير يتناول القرار الروسي على أربعة أعمدة كالتالي: "البريطانيون يغادرون.. والروس يعلقون رحلاتهم".. ثم في تقرير ثالث قالت: "الرئيس وبوتين يبحثان استئناف رحلات الطيران الروسية".
ولم تغرد "أخبار اليوم" بعيدا عن "الأهرام"، بل آثرت ألا تشير للقرار الروسي بتعليق الرحلات، لا من قريب، ولا من بعيد، وفقالت في مانشيتها أعلى الترويسة: الرئيس يختتم زيارته للندن بلقاء رجال المال والأعمال ووزير الدفاع البريطاني.. السيسي عازمون على بناء ديمقراطي سليم ونظام اقتصادي حر يحقق العدالة الاجتماعية.
وفي مانشيتها تحت الترويسة قالت أخبار اليوم: اليوم.. إعلان نتائج التحقيقات في حادث الطائرة الروسية.. مسؤولون أمريكيون وأوروبيون: لا دليل قاطع على عمل إرهابي.
فريق "إمسالك العصا" من المنتصف
فريق ثالث من الصحف المصرية الصادرة السبت وقف موقفا وسطا بين الفريقين السابقين، محاولا إمساك العصا من المنتصف، وملمحا بنعومة إلى حجم الأزمة، وفي الوقت نفسه أشاد بالسيسي، وزيارته إلى لندن.
فقالت "اليوم السابع" - في مانشيتها -: "عاصفة الشك" حول الطائرة الروسية.. تعليق الرحلات الروسية لمصر.. 29 رحلة لإعادة السائحين البريطانيين من شرم الشيخ وسط إجراءات أمنية مشددة.. وسائحون إنجليز: لا نشعر بالخوف".
وبحسب "اليوم السابع": "في الوقت الذي تستمر فيه التحقيقات حول حادث سقوط الطائرة الروسية في سيناء، ولم يتم الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات، اجتاحت عاصفة من الشك أجهزة الاستخبارات العالمية، حول ما جرى في هذه الواقعة.
بدأت العاصفة مع قرار بريطانيا بتعليق رحلاتها إلى شرم الشيخ، وتسيير أسطول جوى "عسكري" في البداية قبل أن يتحول إلى طائرات مدنية، لنقل وإجلاء رعاياها وسائحيها من شرم الشيخ قبل أن تعود، وتقول إنها ستعيد النظر في القرار، وتحدث الرئيس الأمريكي، الخميس، عن احتمال سقوط الطائرة الروسية بسبب قنبلة داخل الطائرة"، وفق الصحيفة.
في هذا السياق، دمجت "الشروق" بين القرار الروسي وزيارة السيسي فقالت: "روسيا تعلق رحلات الطيران إلى مصر.. الفرنسية: الطائرة الروسية سقطت بشكل عنيف.. والاستخبارات الإنجليزية: القنبلة زرعت في أمتعة المسافرين.. السيسي وبوتين يتفقان على استئناف رحلات الطيران الروسي لمصر في أقرب وقت.. وبريطانيا تبدأ إجلاء رعاياها من شرم الشيخ.
هكذا قدمت "الشروق" القرار الروسي في الأهمية على زيارة السيسي، التي تناولتها في تقرير منفصل، أسفل المانشيت، بالقول: الرئيس يختتم زيارته للندن ببحث قضايا عسكرية واقتصادية.. السيسي يشدد على أهمية تضافر الجهود لمكافحة الإرهاب.