نشرت مجلة جون أفريك، الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول الانقسامات التي تعصف بالحزب الحاكم في
تونس، بين الأمين العام للحزب محسن مرزوق، ونجل رئيس الجمهورية الذي يشغل منصب نائب رئيس الحزب، حافظ قائد
السبسي.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن حزب "نداء تونس" أصبح على شفا الانهيار، بعد الصراع الذي تفجر بين محسن مرزوق وحافظ السبسي.
وذكرت أن الحزب هو حزب حديث الولادة، أسسه الباجي قائد السبسي في سنة 2012، وهو يدعي أنه يتبنى الفكر البورقيبي، نسبة إلى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وهو يضم عددا من النقابيين واليساريين، ورجال الأعمال والوجوه البارزة من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
وأضافت المجلة أن الانتصار الذي حققه الحزب في الانتخابات الأخيرة، بسبب موقفه المناهض للمشروع الإسلامي الذي تمثله حركة النهضة، لم يكن كافيا للقضاء على الصراعات الداخلية التي تعصف بالحزب، حيث يتصدر الصراع كل من اليساري محسن مرزوق، المدعوم أمريكيا، وحافظ قائد السبسي المتدثر بجلباب أبيه، والذي يدعم حكومة الحبيب الصيد ويفضل مواصلة التحالف مع حركة النهضة.
وذكرت المجلة أن عددا من المراقبين والمتابعين للشأن التونسي؛ يعتقدون أن الخلاف بين المعسكرين قد بلغ نقطة اللاعودة، حيث ترجع أسباب الصراع للاختلاف الإيديولوجي والتضارب في المصالح بين الرجلين.
وبحسب المجلة، فإن محسن مرزوق الذي يمثل الشق اليساري داخل الحزب، قد ساهم بشكل كبير في فوز نداء تونس في الانتخابات التشريعية؛ التي منحت الحزب أغلبية برلمانية أمام حركة النهضة، وكذلك قد ساهم أيضا في فوز الباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية.
وذكرت المجلة أن محسن مرزوق الذي يتمتع بحظوة كبيرة لدى واشنطن، لا يعد الرجل الأقوى في الحزب، بالرغم من تقلده منصب الأمين العام فيه.
وفي المقابل، فإن منصب نائب رئيس الحزب لم يقنع حافظ قائد السبسي الذي يطمح لأن يكون رئيسا له، مستغلا مكانة والده، وهو ما سبب له انتقادات كثيرة، لكن العديد من الشخصيات السياسية الهامة من التجمع الدستوري المنحل، مثل رؤوف الخماسي، وشخصيات مثيرة للجدل مثل خميّس قسيلة، ورجل الأعمال شفيق جراية، ونبيل القروي صاحب قناة نسمة، ساندته في مسعاه.
وأشارت المجلة إلى أنه في نيسان/ أبريل 2014، حاول حافظ قائد السبسي أن يتسلم رئاسة الحزب بالقوة، لكن سرعان ما تراجع عن محاولته تلك، بسبب تزامنها مع الحملة الانتخابية، ليظل نائبا لرئيس الحركة برفقة الطيب البكوش.
وقالت المجلة إن حافظ قائد السبسي يتبنى موقفا معارضا لوجود اليسار داخل الحزب، كما أنه يريد فرض إيديولوجية التجمع الدستوري الديمقراطي على الحركة، مع مواصلة التحالف مع حركة النهضة التونسية.
وأشارت المجلة إلى أنه في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر؛ قامت مليشيات مسلحة بعصي وهراوات بمنع انعقاد اجتماع للمكتب التنفيذي لنداء تونس في الحمامات، والذي يبدو أن حافظ قائد السبسي لم يرد له الانعقاد، فيما ما تزال عدد من القيادات تسعى لعقد المؤتمر الأول للحركة، وهو المؤتمر الذي أجل مرات عديدة ، ومن المتوقع أن يعقد في كانون الأول/ ديسمبر 2015.
وقالت المجلة إن الباجي قائد السبسي كثيرا ما يتدخل من خلف الكواليس، للحفاظ على السلم المصطنع داخل الحزب، لكن هذا لم يمنع من أن تُوجه له أصابع الاتهام لعدم تدخله الواضح والمباشر لوقف الأزمة، ولكن منذ توليه منصب رئيس الجمهورية أصبح قانونيا غير قادر على التدخل في شؤون النداء.
وأضافت أن الباجي قائد السبسي هو مؤسس حركة نداء تونس، لكن التطور السريع الذي شهدته الحركة لم يكن على قواعد متينة، في هذا الحزب حديث الولادة.
أما عن تداعيات الأزمة الحالية داخل نداء تونس فهي خطيرة، فقد ذكرت الصحيفة أن ما لا يقل عن 30 عضوا في مجلس نواب الشعب عن حركة نداء تونس؛ يهددون بترك مقاعدهم، الأمر الذي من شأنه أن يجعل حركة النهضة في الصدارة بـ69 مقعدا، حيث يشغل نداء تونس حاليا 86 مقعدا.
وفي الختام، قالت المجلة إن هذا التغيير في عدد المقاعد من شأنه أن يؤدي إلى تغيير الحكومة، وحتى تغيير رئيس البلاد، كما قد يؤدي إلى إعادة صياغة دستور جديد للدولة، ولكن مهما تكن النتائج، فالمؤكد أن حركة نداء تونس قد فقدت شعبيتها، بين من انتخبوها وظنوا أنها ستكون حصنا ضد الإسلاميين.