بدأت
المدارس الخاضعة لسيطرة النظام السوري تدريس اللغة الروسية والمذهب الجعفري الإثني عشري مع بداية العام الدراسي الجديد، فيما تم تغيير أسماء المدارس لتحمل أسماء ضباط قتلوا خلال قتالهم ضمن قوات بشار الأسد، وهو ما رآه مدرسون محاولة من النظام للزج بالأطفال في الصراع العقائدي والسياسي.
وكان النظام السوري أصدر العام الماضي قرارا بإدخال اللغة الروسية، ابتداء من الصف السابع، وقد بدأ تطبيق القرار بداية العام الدراسي الجاري الذي بدأ الشهر الماضي.
وباتت اللغة الروسية كلغة اختيارية إلى جانب اللغة الفرنسية، بالإضافة اللغة الإنجليزية كلغة إجبارية.
واتخذت حكومة النظام السوري إجراءات لترغيب الطلاب باللغة الروسية، منها أنها تعهدت باستقدام 450 مدرّسة روسية لتعليم اللغة في
سوريا، وهو ما أثار موجة من الغضب والسخط لدى ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعية، ولدى الكثيرين من الأهالي في سوريا.
ويتزامن ذلك مع تغيير أسماء 20 مدرسة في دمشق، لتحمل أسماء ضباط وقادة في قوات النظام السوري قتلوا في المعارك الدائرة في البلاد. وبرر مسؤولو النظام هذا القرار بأنه جاء لـ"تكريم هؤلاء الضباط لما قدموه من تضحيات".
ومن هذه المدارس التي شملها قرار تغيير الأسماء، مدرسة ابن تيمية في حي المهاجرين في دمشق التي أصبح اسمها "مدرسة الرقيب أول أحمد فائق الكردي". وأطلق على مدرسة الصناعة المختلطة اسم "الملازم أول عامر نور فاطر طريز". وتحول اسم مدرسة الغسانية إلى "مدرسة الملازم عامر مجيد السمارة". وأطلق اسم "الملازم شادي محمود كريدي" على ثانوية التجارة الرابعة للبنات. وسميت مدرسة المزة المهنية بـ"مدرسة الطيار العميد يائل علي الكنج"، فيما بات اسم مدرسة أبو جرش "مدرس العميد ركن الطيار سامر محمد عدنان الأعرج".
وفي هذا السياق، تقول "هدى"، وهي مدرسة لغة عربية في إحدى مدارس دمشق، إن هذه التغييرات في النظام
التعليمي في سوريا جاءت في محاولة من النظام لزج الأطفال في الصراعات السياسية والعقائدية على الساحة السورية، عبر تحويل المنهاج الدراسي العام إلى منبر سياسي لتلقين الأطفال أفكار وسياسة النظام ولغة الدول الحليفة.
ورأت هدى، في حديث لـ"
عربي21"، أن ما يجري حاليا هو "استمرار لسياسة البعث المتمثلة فيما يسمى إنشاء الجيل العقائدي".
وأشارت إلى أنه رغم صدور تقارير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تتحدث فيها عن تدهور وضع التعليم في سوريا، والتهديد بجيل أمي بعدما ترك أكثر من مليوني طفل سوري داخل سوريا تعليمهم بسبب الصراع القائم، لم يكتفِ النظام بالاستعانة بروسيا للقضاء على مناوئيه، بل إنه "حاول التقرب إليها بشتى الطرق ليقول للمجتمع الدولي نحن مع
روسيا وروسيا معنا، حتى في أدق التفاصيل في حياة شعبنا".
لكن التحول الأكبر في تعديل النظام التعليمي في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في سوريا، تتمثل في فرض تعليم مذهب
الشيعة الاثني عشري في سوريا، بحسب هدى، بعد أن كان الاعتماد الأساسي في التدريس على المذهب السني.
وإلى جانب تأسيس مدرسة في الساحل السوري في منطقة رأس العين باسم "الرسول الأعظم" لتعليم المذهب الجعفري الشيعي، فإن المدارس بمناطق دمشق تطلب من الأطفال ممارسة طقوس التي لم يألفها الشعب السوري، وبالأخص أهالي دمشق، وهو ما يذكر بمشاهد رفع الرايات الشيعية على الجامع الأموي في دمشق وتنظيم مسيرات للأطفال في مطقة السيدة زينب في دمشق، رافعين أعلاما سوداء في ذكرى عاشوراء.
وبحسب هدى، تتزايد هذه النشاطات بشكل واضح في المدارس التي تتبع للشيعة بشكل خاص، مثل مدرسة المحسنية التي تتلقى دعما كبيرا من الجانب الإيراني ومنذ زمن طويل.
وتعصف بالمنهاج التعليمي في سوريا منذ حوالي ثلاث سنوات مشكلات كبرى، حيث باتت أكثر من ثلثي الأراضي السورية خارج سيطرة النظام، وهو ما سمح للقوى المسيطرة على تلك المناطق بتدريس مناهج خاصة بها.
ففي الشمال والشمال الشرقي السوري التي تسيطر فيها وحدات الكردية على مساحات كبيرة، تم إلغاء التدريس الإجباري باللغة العربية وتحويل التدريس إلى اللغة الكردية.
وقام تنظيم الدولة بتأسيس نظام تعليمي خاص في المناطق التي يسيطر عليها في الشمال الشرق، إضافة إلى مناطق جنوب دمشق التي افتتح التنظيم فيها معهدا لتدريس العلوم الشرعية وفق منهجه.
لكن في المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الثوار؛ استمر تدريس المناهج السابقة، مع إلغاء مقرر التربية القومية وتعديل بعض الفقرات التاريخية في المنهاج أو كل ما يمت بصلة إلى نظام الأسد.