أورد معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى أن الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين "يغامر من خلال التدخل الروسي العسكري في
روسيا، على الرغم من الأصوات المناهضة لهذه الخطوة".
ووجدت الباحثة في المعهد، آنا بورشفسكايا، أنه على الرغم من أن الحملة الدعائية الضخمة والمتواصلة التي يقوم بها الكرملين لصالح التدخل العسكري في
سوريا، "فإن بوتين يعمل على توريط روسيا في سوريا كما سبق للاتحاد السوفيتي وتورط بالحرب في أفغانستان، حيث ساهمت تلك الحرب في سقوط الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات من القرن الماضي".
وفي معرض ذكر ما يدل على "صحة طرحها" من تورط بوتين في سوريا، استشهدت بورشفسكايا بطلب رسمي كان قد أرسله عضو المعارضة الوحيد في البرلمان الروسي غينادي غودكوف، إلى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو ، في 7 أيلول/ سبتمبر، متسائلا: "هل يقاتل جنودنا حقا لصالح الأسد، وثانيا، إذا كان الجواب نعم، لماذا يتم ذلك سرا، دون موافقة البرلمان؟ نحن ننتقد أمريكا بشدة حول العراق، كما ننتقد حلف شمال الأطلسي حول يوغوسلافيا، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يبدو أننا نرسل قوات لدعم نظام لا يمكن أن يُعدّ مقبولا".
وتابعت الباحثة بأنه بالإشارة إلى ما قام به بوتين من تعديل مرسوم قائم حول أسرار الدولة، وضع الخسائر العسكرية الروسية على قائمة أسرار الدولة حتى في وقت السلم، خلال العمليات الخاصة كما جاء في التعديل، كتب غودكوف قائلا: "كنا نظن أن هذا التعديل هو حول دونباس في أوكرانيا، ولكن اتضح فيما بعد أنه بشأن سوريا أيضا".
بالإضافة إلى ذلك، استحضرت بورشفسكايا ما كتبه الصحفي إيفجيني كيسيليف في صحيفة "إيكو موسكفي" ذات التوجهات الليبرالية: "تورطنا في مستنقع أفغانستان قبل 36 عاما. وتورطنا في دونباس في العام الماضي، هل سنتورط الآن في سوريا؟، شخصيا ليس لديّ أدنى شك في أن التدخل العسكري في سوريا هو مغامرة ومميت بالنسبة لروسيا".
وواصلت أنه في محاولة منه لشرح دوافع بوتين التدخل العسكري في سوريا، كتب "كيسيليف" قائلا: "نظام بوتين السلطوي، الذي يواجه مشاكل داخلية، يسعى للتعويض عنها من خلال اتخاذ خطوات في اتجاه السياسة الخارجية".
وزادت الباحثة في المعهد من ذكر الآراء الروسية المعارضة لتدخل الجيش الروسي في سوريا، حيث قال المحلل أوليغ بونومار: "ألا يذكّرنا هذا الوضع بالتاريخ الأفغاني؟ فكما كان الأمر في ذلك الحين، اتخذت القيادة العليا في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، دون أي مناقشة عامة، قرارا بإدخال فرقة محدودة من القوات السوفيتية في أفغانستان، خلال ذلك الوقت، انهار الاقتصاد السوفييتي العاجز بالفعل تحت وطأة الإنفاق العسكري والسخط الاجتماعي، وسَحبَ النظام السوفياتي كله إلى الجحيم."
ولم تكتف بورشفسكايا بذكر آراء المعارضين فحسب، بل عرجت إلى بعض ما يقوله المؤيدون لسياسة الكرملين الموالية للأسد، حيث "يعتقدون بأنه لا ينبغي على روسيا التدخل عسكريا في سوريا".
وفي ذلك، طبقا لما جاء في تقرير المعهد، فقد كتب ميخائيل روتوفسكيي، الذي قضى بعض الوقت في سوريا قبل 15 عاما ضيفا على السفارة الروسية: "ليس لدى روسيا الحق في الدخول في مغامرة سيكون من المستحيل الخروج منها. نحن لا نحتاج إلى أفغانستان ثانية وخاصة على خلفية الأزمة الأوكرانية التي تمتص الحياة من بلادنا بالفعل".
وأنهت بورشفسكايا تقريرها بمقارنة بين تدخل الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، وتدخل روسيا في سوريا، قائلة: "قد يختلف التدخل العسكري الروسي في سوريا في بعض النواحي عن تورط الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، لكن بالنسبة لبعض الروس، هناك بعض من أوجه الشبه اللافتة للنظر. فروسيا تواجه أزمة اقتصادية عميقة، ونفقاتها العسكرية الحالية غير قابلة للاستمرار، كما تواجه البلاد انخفاضا ديموغرافيا حادا. ولا يمكن لروسيا أن تخوض حربا في كل من أوكرانيا وسوريا، في الوقت الذي تحتفظ فيه أيضا بقوات في أماكن عديدة من أراضي الاتحاد السوفيتي سابقا، كما هو الحال حاليا. ولكن يبدو أن بوتين يحاول القيام بذلك".