كانت احتمالية خسارة اللاجئة السورية معلمة اللغة الفرنسية "ر.ع" لوظيفتها في مدرسة "مخيم مرعش" في
تركيا، كمعلمة في المرحلة الابتدائية، غير واردة مطلقا، لولا منافسة أصحاب
الشهادات الجامعية "المزورة" لها.
لم تكن "ر.ع" تتوقع في يوم من الأيام أن تفضل على شهادتها الجامعية التي حازت عليها من قسم اللغة الفرنسية في جامعة حلب؛ شهادة "تربية" استصدرها حاملها من مكتب لتزوير الشهادات، في الغالب لم تكلفه إلا مبلغا يسيرا من المال.
بدأت هذه القصة مع بداية العام الدراسي الحالي، في مخيم اللاجئين السوريين المحاذي لمدينة "كهرمان مرعش"، وذلك عندما رفض طلب توظيف "ر.ع" وسبعة معلمين آخرين من حملة شهادة "الأدب الفرنسي" من قبل إدارة المدرسة التركية، بحجة وجود مدرسين مؤهلين حائزين على شهادات جامعية اختصاص "تربية ".
تقول "رع" لـ"
عربي21": "الكل يعرف أن غالبية من تم تعيينهم في المدرسة من المدرسين أتوا بشهادات مزورة، وأبعد من ذلك بعضهم من سكان المخيم لأكثر من ثلاث سنوات، ومع ذلك جاء بشهادة صادرة عن جامعة حلب بتاريخ عام 2014".
مثل "ر.ع"، خسر المدرس عبد الله محمد وظيفته كمدرس للغة العربية في مدرسة سورية في مدينة كلس الحدودية.
ويبين محمد سبب خسارته وظيفته، لـ"
عربي21"، بالقول: "في العام الماضي كنت أعمل في المرحلة الابتدائية، لعدم توفر شواغر في المرحلة المتوسطة والثانوية، ولقلة أعداد المدرسين من حملة شهادة التربية، لكن في هذا العام ارتفعت أعداد شهادات التربية بشكل مريب، وهو ما حمل إدارة المدرسة على تفضيل أصحاب شهادات التربية على غيرهم، كونهم الأنسب للتعليم في المرحلة الابتدائية".
يتابع محمد، والحسرة تبدو عليه: "لو أن أصحاب هذه الشهادات هم خريجون حقا لكنت حينها راضيا، لكن أن أخسر وظيفتي بسبب سلوك شخص عديم الأخلاق رضي أن يزور شهادة جامعية فهذا غير مقبول بتاتاً"، بحسب تعبيره.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه معاون وزير التربية والتعليم في الحكومة السورية المؤقتة، فواز أبو زيد، على ما يسميها بـ"الوقفة الجدية" من قبل الحكومة التركية على متابعة شؤون الشهادات المزورة، أشار في حديث خاص لـ"
عربي21"، إلى دور ثانوي للحكومة المؤقتة بهذا الشأن؛ لأن الحكومة التركية صاحبة القرار في اختيار الكادر التدريسي للمدارس السورية.
وعن الآلية التي تتبعها الحكومة السورية المؤقتة في الكشف عن صحة الشهادات الجامعية من عدمها، قال: "لدينا في الحكومة لجنة مشكلة مهمتها التحقق من صحة الشهادات، ونعتمد في ذلك على عدة قرائن من بينها صحة التواقيع على هذه الشهادات، وأسماء أصحاب التوقيعات على هذه الشهادات، "لكن المعطيات على الأرض تخالف تماما ما تحدث عنه معاون وزير التربية".
وبحسب معلم سوري، طلب عدم الكشف عن اسمه خوفا من خسارته لوظيفته، فإن نسبة المدرسين المعينين على أساس شهادات مزورة كبيرة جدا، وخصوصا في اختصاص التربية.
وعزا المعلم، في حديث لـ"
عربي21"، ذلك إلى صعوبة الكشف عن المؤهلات العلمية عند الممارسة، وذلك لسهولة المواد المدرسة في المرحلة الابتدائية.
ويرى هذا المعلم، أن الحل الجذري لهذه المشكلة ليس عصيا، حيث يكفي التحقق من صحة الشهادة عبر مراجعة المؤسسة الأكاديمية الصادرة عنها. وعلى الرغم من صحة هذه الفرضية، إلا أن سيطرة النظام على جميع الجامعات السورية تجعل من هذه الخطوة مستحيلة التطبيق، فالنظام غير مستعد للتعاون مع مؤسسات
تعليمية محسوبة على المعارضة. وقال: "الحرب كشفت أن بلادنا كلها كانت مزورة، والشهادات الجامعية هي غيض من فيض".
وتنتشر مكاتب
تزوير الأوراق الثبوتية والشهادات الجامعية في أغلب المناطق المحررة في
سوريا، وبشكل واضح للعيان، لكن انتشارها قد يأخذ طابعا سريا في دول الجوار السوري.