اعتبر محللون يمنيون أن انتزاع القوات الموالية للحكومة
اليمنية بإسناد من قوات التحالف العربي، السيطرة على مضيق
باب المندب الاستراتيجي قبل أيام، من
الحوثيين وقوات الجيش الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، ستقلص من فرص عمليات تهريب الأسلحة إلى جماعة الحوثي. وكان التحالف قد ضبط مؤخرا زورق صيد
إيراني محملا بأسلحة كانت في طريقها إلى المتمردين الحوثيين نهاية أيلول/ سبتمبر الماضي.
وسبق للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أن اتهم إيران بالتورط بعملية تهريب الأسلحة لجماعة الحوثي عبر رحلات بحرية قامت بها من الموانئ الإريترية عبر خليج عدن وعلى طول امتداد السواحل اليمنية التي تنتشر عليها القوات البحرية الإيرانية خلال الخمس السنوات الماضية.
تعطيل لتهريب الأسلحة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، أن "استعادة المقاومة بدعم من التحالف مضيق باب المندب وجزيرة ميون، اللذين يشكلان المضيق الاستراتيجي الهام لحركة الملاحة البحرية، عطّل بنسبة كبيرة من قدرات إيران على تهريب أسلحة إلى حلفائها الحوثيين"، بالنظر إلى أن معظم عمليات التهريب كانت تتم من هذه المنطقة.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21" أن بقاء باب المندب تحت سيطرة الجيش الموالي للمخلوع علي عبدالله صالح ولجماعة الحوثي، سهل عملية تهريب الأسلحة التي تقوما بها إيران لحلفائها الحوثيين، رغم الحصار البحري والجوي الذي فرضه التحالف العربي".
وأشار إلى أن "طهران قد لا تفقد الحيلة في إيصال الأسلحة إلى حلفائها، لكنها ستواجه صعوبة كبيرة هذه المرة في تحقيق ذلك، خصوصا وأن السيطرة على باب المندب تعني سهولة في تتبع ومراقبة السفن والقوارب التي يشتبه بتورطها في تهريب أسلحة من إيران إلى اليمن".
وأوضح التميمي أن الحوثيين وحلفاءهم، "لن يتمكنوا من استعادة مضيق باب المندب"، مرجعا ذلك إلى محددات عدة أبرزها: "تلاشي قدراتهم وانحسار نفوذهم، وضعف إمكانياتهم مقارنة بمسرح العمليات الذي يفوق إمكانياتهم وتكتيكات الجماعة القتالية، فضلا عن عجز إيراني لتقديم العون لهم"، وفق تعبيره.
ولفت المحلل السياسي إلى أن "تمكن قوات التحالف من إعادة مضيق باب المندب إلى السلطة الشرعية في اليمن، مثّل مؤشرا على نجاح المهمة العسكرية للتحالف وعلى قدرته في السيطرة والتحكم بمشهد هش ومتشابك ومعقد كالمشهد اليمني، بأبعاده السياسية والعسكرية"، بحسب وصفه.
ضربة قاصمة للحوثيين
من جهته، أكد عضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية فهد سلطان أن سيطرة الحكومة اليمنية الشرعية مسنودة بالتحالف العربي على باب المندب وجزيرة ميون أحد أشهر المضايق المائية على مستوى العالم، سيكون له تأثير كبير على مجريات الأحداث في الداخل اليمني وعلى المحيط الإقليمي بالنظر إلى الأحداث التي تجري في هذه اللحظة.
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن "معنى استعادة باب المندب من قبل المقاومة وبإسناد من التحالف العربي، إغلاق أهم نافذة لتهريب السلاح إلى البلاد والى القرن الأفريقي، وتحديدا الأسلحة القادمة من إيران، وآخرها سفينة سلاح تم اعتراضها السبت الماضي"، بحسب تصريح لوزير الخارجية السعودية عادل الجبير.
وقال سلطان، إن "رفع يد إيران بالكامل عن أهم ممر ملاحي عالمي، عملت طويلاً من أجل السيطرة عليه والتحكم فيه، دفعها مباشرة إلى رفع لهجتها تجاه السعودية تحديدا بتصريحات نارية في ما يعرف بحادثة تدافع الحجاج بموقع منى".
وأشار عضو المنتدي السياسي اليمني إلى أن "عودة باب المندب لسيطرة الحكومة الشرعية، يعد ضربة قاصمة للحوثيين وحلفائهم، فضلا عن أبعاد أخرى تتعلق بتعميق التحالف العربي بينه وبين اليمن من خلال المصير المشترك"، بحسب وصفه.
تطور لن يوقف التهريب
وفي السياق ذاته، يقول الخبير في الشأن الإيراني، عدنان هاشم إن التحركات إلى باب المندب جاءت بناء على معطيات عدة، أبرزها "التواجد الخليجي الضعيف في بحر العرب بقدر التواجد الإيراني في المياه الدولية"، الأمر الذي يمكن التحالف العربي من لعب دور ضاغط على المستوى الدولي، يبرر سيطرته على الممر الدولي بهدف حمايته من جماعة الحوثي المتمردة"، وفق تعبيره.
وأوضح في حديث خاص لـ"
عربي21" أن إحكام السيطرة على مضيق باب المندب من قبل التحالف والمقاومة، لن يمنع وصول السلاح الإيراني إلى الحوثيين، مهما بلغت درجة اليقظة على البحرين الأحمر والعربي".
ولفت إلى أن "موقف عُمان المتذبذب مع الملف اليمني سيساهم أيضا، في استمرار تهريب السلاح عبر المهرة وحتى البيضاء، وسيصل إلى الحوثيين عبر نفوذ المشايخ التابعين لعلي عبدالله صالح هناك"، على حد قوله.
وتوقع هاشم أن تستمر إيران بالدفع بالسلاح إلى الحوثيين "عبر الحرس الثوري وحزب الله اللبناني، اللذين يمتلكان العديد من الخطط لتأمين وصول الأسلحة لحلفائهم باليمن".
وقال الخبير اليمني إن وفدا حوثيا انتقل قبل أيام، من بيروت إلى طهران، حيث عقد اجتماعات مع جهاز المخابرات والعمليات العسكرية لحزب الله في الضاحية الجنوبية، واجتماعات على النحو ذاته تتم في طهران، للبحث عن حلول للتطورات الراهنة".
وفي الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2014، استعرضت "
عربي21"مظاهر القوة العسكرية لجماعة الحوثي، التي كان التهريب أحد مصادر تناميها.
وقال التقرير الذي نشرته"
عربي21" إن "القوات الإيرانية المتواجدة في البحر الأحمر وخليج عدن تقوم بتأمين عملية تهريب الأسلحة من أحد الموانئ الإريترية في البحر الأحمر إلى الحوثيين"، نقلا عن تقرير أمريكي.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، ذكر التقرير الصادر عن مركز "ستراتفور" للاستشارات الأمنية في ولاية "تكساس" الأمريكية، أن عمليات تهريب للأسلحة كانت تتم من ميناء عصب الإريتري إلى السواحل القريبة من محافظة صعدة في مديرية "ميدي" بمحافظة حجة، ليتم تخزينها هناك ومن ثم يتم نقلها عبر مهربين إلى محافظة صعدة معقل الحوثيين.
ووفقا لتقارير إعلامية، فإن إيران قامت بإنشاء قاعدة لها في إريتريا، الغرض منها "مد الحوثيين بالسلاح عبر رحلات بحرية إلى المناطق القريبة من سواحل مينائي ميدي واللحية القريبين من صعدة".
ولم تستبعد التقارير قيام السفن الإيرانية المتواجدة في منطقة خليج عدن بحجة المساهمة في مكافحة القرصنة، بالإضافة إلى سفن تجارية إيرانية، بتهريب كميات من الأسلحة عبر قوارب صيد يمنية لتهريبها إلى داخل اليمن.
وفي 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2009، أعلنت السلطات اليمنية احتجاز سفينة إيرانية في البحر الأحمر بالقرب من السواحل اليمنية، تحمل أسلحة للمتمردين الحوثيين، منها مضادات للدروع وعدد من الأسلحة المختلفة. وذكرت معلومات أن القوات البحرية اعتقلت خمسة إيرانيين كانوا على متن السفينة المحملة بالأسلحة، بالقرب من ميناء ميدي اليمني.
وفي آب/ أغسطس 2012، ضبطت قوات تابعة للجيش اليمني شحنة أسلحة في أحد مداخل محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، كانت محملة بـ18 ألف قطعة سلاح مهرّبة، خفيفة ومتوسطة، وهي في طريقها إلى محافظة صعدة (المعقل الرئيس للحوثيين).
وفي كانون الثاني/ يناير من العام 2013، ضبطت قوات خفر السواحل اليمنية شحنة أسلحة متطورة على متن سفينة تدعى "جيهان1"، دخلت المياه الإقليمية اليمنية، قالت السلطات اليمنية إنها قادمة من إيران، وبلغت حمولة السفينة نحو 40 طنا من الأسلحة المختلفة، وتعد الشحنة الأكثر خطرا والأكبر حمولة للسلاح الوافد من إيران، رغم إنكارها لتلك الشحنة، وفقا لموقع وزارة الدفاع اليمنية.