لم يخطر ببال " أبو سليم"، أحد باعة الحقائب في سوق الخجا الشهير في
دمشق، بأن تجارته التي ورثها عن أبيه، ستغدو يوما ما أهم تجارة رابحة، في وقت أوقفت فيه الحرب شركات تجارية كبرى وتوقفت عجلة الإنتاج في مصانع وورشات كثيرة.
وساهم موضوع
الهجرة في ازدهار تجارة الحقائب في الآونة الأخيرة، حيث غدا الغاية الأولى للشباب السوري، هربا من الحرب وطلبا للجوء، خاصة بعد تسهيل الدول الأوربية، وتحديدا ألمانيا، الوصول إليها للسوريين خاصة، وهذا ما جعل الإقبال على شراء حقائب السفر وتحديدا ( حقيبة الظهر) كبيرا.
ارتفاع أسعار "حقائب الظهر"
يقول "أبو سليم" في تصريح لـ"
عربي 21": "يقصدني يوميا مئات الزبائن لشراء حقائب السفر، لا سيما حقائب الثياب الصغيرة، حقيبة الظهر، ومن شدة زيادة الطلب عليها نفذت في المستودعات كافة الحقائب، واضطررت للتعاقد مع ورشات خياطة جديدة، لخياطة هذا النوع من الحقائب".
ويشير بائع الحقائب، إلى أن "أسعار هذه الحقائب ازدادت في الآونة الأخيرة، نظرا لزيادة الطلب عليها ليصل سعرها، إلى 2500 ليرة سورية بعد أن كان سعرها لا يتجاوز 1000 ليرة قبل أشهر".
ويؤكد ذلك "أبو مجد الديري"، الذي يعمل موظفا في أحد الدوائر الحكومية لـ"
عربي 21": "نشطت تجارة بيع الحقائب في الآونة الأخيرة بشكل لم تشهد له مثيلا في السابق، فقد ذهبت منذ 10أيام لشراء حقيبة سفر، كوني أريد قضاء إجازة العيد خارج العاصمة دمشق، ففوجئت بتضاعف سعر الحقيبة مرتين ونصف خلال فترة شهر، واضطررت للاستغناء عنها لعدم قدرتي على شرائها".
بينما يرجع " أبو سعيد الصالحاني" العضو السابق في اتحاد غرف صناعة دمشق، سبب نشاط تجارة الحقائب إلى "تزايد وتيرة أعمال العنف وسقوط القذائف على العاصمة دمشق وضواحيها، مما زاد الهجرة خارج دمشق".
انخفاض الإقبال على حقائب التأشيرات
أما سعر حقائب السفر الكبيرة، التقليدية، فلم يزدد كثيرا، بسبب أن قاصدي اللجوء وفي الغالب هم من المهاجرين عبر البحر، لا يستطيعون حمل حقيبة كبيرة، ومن يستطع حمل هذه النوع من الحقائب هو فقط من يستطيع تأمين "فيزا" دخول لإحدى الدول الغربية، ولكن هؤلاء عددهم قليل، وهذا ما أكده بائعو الحقائب، الذين أطلقوا عليها اسم "حقائب التأشيرات".
الهجرة تنشط معاهد اللغات أيضا
تجارة الحقائب ليست وحدها التي نشطت نتيجة ازدياد عدد المهاجرين من
سوريا، فأيضا تعلم اللغات الأجنبية، بات حاجة ضرورية للراغبين بالهجرة، يقول الشاب "وائل"، طالب جامعي في كلية الحقوق في جامعة دمشق، في تصريح لـ"
عربي 21"، "قررت الهجرة وقبل ذلك قررت استشارة من سبقني، وجميعهم نصحوني قبل الخروج من سوريا بضرورة تعلم لغة البلد الذي أنوي الذهاب إليه، لكي أكسر حاجز اللغة ولضرورتها هناك".
وأكدت العديد من المصادر المحلية في دمشق تحديدا، و جود يافطات إعلانية أمام الكثير من معاهد اللغات في الآونة الأخيرة لتعليم اللغة التركية والألمانية، وأنها تقدم عروض حولها، ومن هذه المعاهد، معهد في حي الروضة ويتقاضى نحو 13000 ليرة سورية كرسم دورة، ومعهد الحضارة في حي الطلياني الذي يعتبر من أكثر المعاهد ازدحاما، ويتقاضى مبلغ 8000 كرسم دروة اللغة الألمانية، إضافة إلى معاهد أخرى في كل من أحياء المزة والسبع بحرات.
اللغة الألمانية الأكثر تدريسا
المعاهد التي تقيم دورات اللغات الأجنبية كانت موجودة سابقا إلا أنها لم تكن تقيم دورات في اللغة الألمانية سابقا، مما يؤكد أن تعليم هذه اللغة جاء بعد ازدياد الهجرة من سوريا، يقول مرشد العمري، مدير معهد ابن سينا لتعليم الألمانية في دمشق: "بدأ المعهد عام 1992 في تعليم الإنجليزية والفرنسية، وشرعنا في تعليم الألمانية منذ أربع سنوات، ليقتصر تدريسنا للغة الألمانية فقط حاليا وخاصة بعد إغلاق معهد غوته، التابع للسفارة الألمانية في دمشق".
ويضيف مرشد العمري "ارتفع الإقبال على دراسة اللغة الألمانية بشكل كبير في الآونة الأخيرة، فعدا عن الراغبين بذلك بقصد الهجرة وطلب اللجوء في ألمانيا، نستقبل طلاب طامحين لإكمال دراستهم العليا في ألمانيا وهم في الغالب طلاب طب بشري".
وتابع مرشد "يأتي ذلك بسبب التسهيلات التي توفرها ألمانيا للطلاب السوريين في ظل الأزمة، خاصة أن التعليم في ألمانيا مجاني، والألمانية هي الخطوة الأساسية للحصول على قبول جامعي هناك".