كانت عقارب الساعة تقترب من التاسعة صباحا في مطار "كوبنهاغن"، موعد وصول الرحلة الجوية القادمة من مطار إستنبول، وهو موعد انتظره اللاجئ السوري (ع ر) قرابة العام لرؤية زوجته وطفلته الوحيدة، بعد أن كان أنهى إجراء "لم الشمل" المتعارف عليها، لكنه لم يتوقع أن تتحول فرحته بهبوط الطائرة بسلام إلى موجة غضب عارمة تجعله يفقد السيطرة على أعصابه.
فزوجته التي انتظر قدومها بفارغ الصبر لم تكلف نفسها حتى عناء السلام عليه، لأنها كانت منشغلة بالاستفسار عن عنوان مركز الأمن، لطلب
الطلاق من زوجها الذي دخل في حالة من "الهيستريا" جعلت منه فرجة للمتواجدين.
يضحك اللاجئ السوري في الدانمارك رياض حافظ؛ عندما يحكي هذه الحكاية التي كان شاهد عيان عليها؛ لـ"عربي21"، ثم يضيف بلهجة محلية حلبية: "حلقتلوا فورا ولم تقل له نعيما"، حسب تعبيره.
وعقب انتهائه من نوبة الضحك التي اعترته، وهو يستحضر ذلك المشهد الذي يصفه بـ"المضحك المبكي"، يجزم حافظ أن يكون سبب تصرف الزوجة توصية من الأهل.
وبينما يشير إلى أنه لم يستطيع تعقب مجريات تلك الحادثة، يرجح حافظ انفصال (ع ر) عن زوجته، جاء لأن القوانين الأوروبية تكون عادة في صالح المرأة. وعلى الرغم من غرابة الحادثة بحسب حافظ، إلا أنه يقول لـ"عربي21" إن حالات الطلاق لا تقتصر على الحالة السابقة، ويشير إلى أنه شاهد الكثير من هذه الحالات، وخصوصا خلال فترة إقامته في معسكر اللجوء.
ولم تكن حادثة طلاق (ع ر) من زوجته هي الأولى من نوعها، إذ رصدت "عربي21 " حالات مشابهة، منها ما روته الفنانة التشكيلية الكردية "شريهان بكلرو" عن طلاق لاجئة كردية سورية من زوجها بعد وصولها بحوالي أسبوع للأراضي الألمانية، لأنها تعبت من محاباة زوجها السيئ الطباع طيلة الفترة السابقة، ولأنها لن ترمى في الشارع في حال طلاقها منه، حسب قول بكلرو.
تحّمل بكرلو "غياب الحب والتفاهم" مسؤولية الطلاق بين الزوجين، فلا عادات ولا تقاليد تحكم علاقة الزوجين في البلدان الأوروبية، بحسب تقديرها. وعليه فإن الزوجة غير مجبرة على تحمل زوجها الذي لربما كانت مجبرة على التعايش معه في
سوريا، بسبب مصير الأولاد والحالة الاجتماعية والقانونية السائدة هناك.
وبينما ترى بكلرو استحالة تخلي الزوجة عن زوجها بلا سبب، تشير إلى أن تخلي الزوجة عن زوجها بعد أن كان سببا في استقدامها إلى البلدان الأوروبية يعد نوعا من الاستغلال والانتهازية، بحسب قولها لـ"عربي21".
"بنت الأصول عشرتها بتطول"، قالتها لاجئة سورية مقيمة في الأراضي الهولندية، فضلت عدم الكشف عن اسمها.
وأبدت اللاجئة امتعاضها الشديد من تكرار حوادث الطلاق في العائلات السورية المقيمة في هولندا. وتقول لـ"عربي21": "الحرية المطلقة تجعل النسوة يتمردن على أزواجهن لعدة أسباب، من أهمها تخصيص راتب لهن، فضلا عن وقوف القانون إلى جانبهن.
وتضيف اللاجئة: "الغربة تكشف المعدن الحقيقي للإنسان، وللأسف، فإن الكثيرات منهن، وبمجرد وصولهن إلى البلدان الأوروبية يتناسون بنية مجتمعات بلادهن، ويفضلن العيش في إطار عادات جديدة لا تناسب عادات مجتمعاتهن السابقة"، وتختم حديثها بمثل شعبي يقول: "بنت الأصول عشرتها بتطول".
الأطفال بعهدة الزوجة بمجرد وصول اللاجئة إلى البلد الأوروبي المقصود، يتم إجراء مقابلة معهن، وحينها تبادر الموظفة المسؤولة اللاجئة بالسؤال عن علاقتها مع زوجها، وعن تعرضها للضرب أو التعنيف من قبل زوجها، وفي حال تعرض اللاجئة لتصرفات من هذا القبيل فيتم فورا نقل القضية لمسؤول التفريق الذي يتولى على الفور قضية الطلاق، وفقا لرياض الحافظ.
ويضيف: "فور البدء بدعوى التفريق، يتم نقل الزوجة إلى مسكن خاص بها، ويعهد إليها تربية الأطفال في حال كانت قادرة على تربيتهن، ويتم توقيع الزوج على تعهد بعدم التعرض للزوجة". وأشار إلى أن الزوج يتعرض للإنذار في حال تعرضه للزوجة للمرة الأولى، بينما يواجه السجن إن تكرر الأمر، وقد ينتهي به الأمر إلى الترحيل القسري عن البلاد بشكل نهائي، كما يقول.