أعلن الرئيس
الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة، رفضه بشكل قاطع تأسيس قدماء "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" حزبا سياسيا، مشيرا إلى أن جراح الحرب الأهلية بالبلاد لم تندمل بعد.
ووجه الرئيس الجزائري، رسالة إلى شعبه، الإثنين بمناسبة الذكرى الـ10 لاعتماد ميثاق المصالحة الوطنية 29 أيلول/ سبتمبر 2005 قال فيها "إن إجراءات الوئام المدني وميثاق السلم والمصالحة الوطنية، ستنفذ بحذافيرها وبلا أدنى تنازل"، وأن "محاولة البعض خرق القانون يعد إنزلاق خطير".
وكان بوتفليقة يرد على مدني مزراق، أمير "
الجيش الإسلامي للإنقاذ" سابقا، الذي أعلن عن تأسيس
حزب سياسي بالجزائر "الجبهة الجزائرية للمصالحة و الإنقاذ"، شهر آب/ أغسطس الماضي، رغم أن الوزير الأول عبد المالك سلال شدد أن "الدولة ترفض العودة إلى سنوات التسعينيات".
وتوعد بوتفليقة من يرغب من قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ بعدم التسامح مع أي مسعى للعودة إلى العمل السياسي.
وقتل أكثر 200 ألف شخص بالأزمة الأمنية التي مرت بها البلاد سنوات التسعينيات، بعد توقيف السلطة للمسار الانتخابي، إثر فوز الإسلاميين بالانتخابات النيابية العام 1990.
وأفاد بوجمعة غشير، الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بتصريح لصحيفة "
عربي21"، الإثنين أن "قرار المصالحة عام 2005 كان قرارا سياسيا لتسوية وضعية معينة، خدم البعض وأجحف في حق البعض الآخر، بعفو عن المتسببين في الأزمة سواء من الإسلاميين أو من رجال الدولة".
وتابع بوجمعة غشير، أن "بقاء ملفات المفقودين ومعتقلي الصحراء والمطرودين من العمل لأسباب سياسية وضحايا التعذيب والتعسفات من الطرفين، عالقة بدون حل".
وقال غشير معلقا على رفض الرئيس الجزائري مبادرة مدني مزراق تأسيس حزب سياسي، إن "نصوص تطبيق المصالحة لم تحدد الأشخاص المتسببين في الأزمة وبالتالي لا يحق لهم تأسيس أحزاب أو النشاط السياسي، للأسف هذا الجانب من الجوانب الغامضة في ميثاق المصالحة، ويمكن لأي طرف تفسير مواده حسب مصلحته وحساباته، لأن الحقيقة غائبة".
واستفاد مدني مزراق من قانون الوئام المدني عام 2000، بعد اعتماده من طرف الرئيس الأسبق اليامين زروال (1995-1999) وتخلى عن السلاح ومعه المئات من المسلحين، بعد مفاوضات مع جهاز المخابرات الجزائرية دامت تسعة شهور.
ويعني رفض بوتفليقة تأسيس مدني مزراق حزبا سياسيا، موقفا متشددا من عودة قدماء الجبهة الإسلامية للإنقاذ، للنشاط السياسي، الممنوع عليهم بموجب قانون السلم والمصالحة الوطنية.
ويواجه مدني مزراق الذي كان مسؤول الجناح العسكري في الجبهة الإسلامية معارضة داخلية في قيادات الجبهة السابق، حيث عارضه في ذلك ذراعه الأيمن، أحمد بن عائشة الذي كان أميرا بجيش الإنقاذ، بالغرب الجزائري.
وقال بوتفليقة برسالته "لقد أخذت تتناهى إلينا الآن أخبار بعض التصريحات والتصرفات غير اللائقة من قبل أشخاص استفادوا من تدابير الوئام المدني نفضل وصفها بالإنزلاقات لكننا نأبى إزاءها إلا أن نذكر بالحدود التي تجب مراعاتها والتي لن تتساهل الدولة بشأنها".
وتوجه الرئيس بوتفليقة بخطابه إلى القيادات الإسلامية بالقول: "صونوا المصالحة الوطنية من أي تحريف، أو استغلال سياسوي أو مزايدة خدمة للوحدة الوطنية ولاستقرار الجزائر".
ودعا الرئيس الجزائري، حاملي السلاح إلى "العودة إلى جادة الصواب".
ولم يسلم ميثاق المصالحة من نقد كثير من الأطياف الحقوقية و السياسية، تجمع على أنها " لم تحقق العدالة والإنصاف ولم تجبر الضرر بالنسبة لضحايا المأساة الوطنية".
وقالت رئيسة جمعية "مفقودون" نصيرة ديتور، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الإثنين "لقد جاءت المصالحة لتكرس حالة الإفلات من الحساب والعقاب، ناهيك عن كونها لم تقدم حلولا لمشكلة المفقودين". وأضافت المتحدثة "أن المصالحة لم تتحقق في الجزائر، كما أنها فرضت على الجزائريين فرضا".
وقال رئيس خلية المتابعة لتنفيذ ميثاق المصالحة بالجزائري، مروان عزي في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الإثنين إن " أكثر من 8 آلاف شخص إستفادوا من المصالحة بشتى الطرق".