كشف أحد حراس سجن الناصرية المركزي في جنوب
العراق، لـ"عربي21"، عن وجود
مليشيات شيعية داخل سجن، متخصصة بتعذيب المعتقلين
السنة، وأن هذه المليشيات هي صاحبة القرار في السجن، وتفرض سلطاتها على المحققين وإدارة السجن.
وقال الحارس مرتضى اللامي، الذي غادر العراق قبل أقل من شهر إلى تركيا في طريقه إلى إحدى الدول الأوربية طلبا للجوء، إن "الانتماء الطائفي للمعتقل هو العامل الأساسي الذي يحدد شدة
التعذيب الذي يتعرضُ له على يد عناصر من المليشيات الشيعية، التي توجد بشكل غير رسمي في السجن".
وأضاف اللامي أن هذه المليشيات تقوم "بإخراج المعتقلين، السنة تحديدا، من زنازينهم إلى مبنى ملحق بإدارة السجن، حيث يتم تعذيبهم بقسوة، وانتزاع الاعترافات منهم على أفعال لم يرتكبوها، وتسجيل هذه الاعترافات لإرغام المحققين على إعادة التحقيق معهم، وتثبيت الاعترافات الجديدة لإدانتهم بتهمة الإرهاب وفق المادة أربعة من قانون مكافحة الإرهاب".
وبناء على هذه الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب، فإن المعتقلين قد "ينالون حكم الإعدام، في حين أنهم قد يكونون أبرياء، أو على أبعد تقدير متهمين بقضايا أخرى لا تستحق حكم الإعدام"، حسب قول اللامي.
ويقضي معظم المعتقلين أوقاتهم في زنازين انفرادية، وتتراوح التهم بين الانتماء إلى تنظيمات إرهابية أو تمويل الإرهابيين أو الترويج لهم، "وكثيرا ما تقع أحكام بالسجن مدى الحياة، أو الإعدام، على معتقلين اعترفوا بانتمائهم إلى تنظيمات إرهابية بأسماء وهمية ولا وجود لها في الواقع"، على حد قوله.
ويُمثل العرب السُنَّة أغلبية المعتقلين في سجن الناصرية المركزي، لبعده عن مناطق نشاط تنظيم الدولة الذي سبق أن نجح في اقتحام العديد من
السجون، مثل سجن تسفيرات صلاح الدين وسجن بادوش وسجن أبو غريب، وإطلاق المئات من عناصره.
ويعد سجن الناصرية المركزي أحد السجون التابعة لوزارة العدل العراقية، "وهو مخصص للمدانين الصادرة ضدهم أحكام بالسجن لقضاء مدة محكوميتهم"، بحسب اللامي.
لكن الحارس السابق يؤكد "أن ما يجري حقيقة لا يتفق مع الغاية من إنشاء السجن، خاصة بعد تحويل أحد المباني الملحقة بإدارة السجن إلى قسم للتحقيقات تديره إحدى المليشيات، وتمارس فيه شتى ألوان التعذيب التي أدت إلى وفاة العشرات من المعتقلين، دون أن تتخذ إدارة السجن أية إجراءات ضد هذه المليشيات"، كما يقول اللامي لـ"عربي21".
ويرفض مرتضى اللامي وصف سجن الناصرية بأنّه هيئة للإصلاح، "إنما هو مركز للتعذيب الوحشي، وتمارس فيه أنواع التعذيب التي ربما لم نجد مثيلاتها في أسوأ السجون بالعالم"، ويؤكد أن وفاة العديد من السجناء تحت التعذيب، "يخلق معاناة جديدة لذويهم، حيث تتم مساومتهم على مبالغ مالية مقابل تسليم الجثة، والتوقيع على تعهدات بعدم الإفصاح عن أيّة معلومة تتعلق بالوفاة"، حسب روايته.
ويختم الحارس السابق في سجن الناصرية المركزي؛ حديثه لـ"عربي21"، عن تردي الرعاية الصحية إلى أدنى مستوياتها، مع غياب الماء الصالح للشرب وقلة الطعام "ما تسبب في إصابة معظم النزلاء بحالات من الهزال العام، وأمراض في الجهازين الهضمي والتنفسي، إضافة إلى أنواع غريبة من الأمراض الجلدية المرعبة"، وهي من الأمور التي دفعته لمغادرة العراق؛ بحثا عن وطن جديد "يعيش الإنسان فيه بكامل حقوقه وكرامته كإنسان"، حسب قوله لـ"عربي21".