منعت السلطات
المصرية الصحافة المحلية من تغطية حادث مقتل السياح المكسيكيين بالخطأ، عندما أطلقت مروحية أباتشي يوم الأحد الماضي بالخطأ النار عليهم، عندما كانوا في طريقهم إلى منتجع سياحي في الصحراء الغربية، لكن الإعلام الغربي لم يتوقف، ولا يجد حرجا في مواصلة طرح تساؤلات حول قرار الجيش قتل سياح، أثر على حركة
السياحة، وأحرج حكومة عبد الفتاح
السيسي.
وجاء في آخر تناول للحادث في مجلة "إيكونوميست" البريطانية، التي تصف ما جرى بالقول: "كانت استراحة قصيرة للسياح في الصحراء. فقد توقف الزوار المكسيكيون ومرشدهم السياحي المصري على قارعة الطريق الرئيسي، حيث كانوا يبتعدون مسافة 200 ميل جنوب غرب العاصمة المصرية، القاهرة. وتوقفوا عند نقطة تنزه معروفة، ففوجئوا بالرصاص ينهال عليهم كالمطر، ومزقهم أشلاء، مخلفا وراءه 12 قتيلا و10 جرحى، وترك سيارات القافلة محترقة".
ويعلق التقرير بأن "الطيارين المصريين، الذين حولوا محرك مروحيتهم في طريق العودة إلى قاعدتهم، هنأوا أنفسهم بنحاح المهمة وتدمير قاعدة أخرى من قواعد الإرهابيين. ولكن بحلول مساء 13 أيلول/ سبتمبر كان واضحا أن خطأ فادحا قد ارتكب، فقد استدعت الشرطة الطيران، حيث كانت تلاحق مهربين للسلاح من ليبيا اختطفوا وقطعوا رأس بدوي قبل فترة، وهم أنفسهم الذين كانوا مسؤولين عن مقتل عامل النفط الكرواتي الشهر الماضي. وبدلا من مساعدة مصر على توجيه ضربة قاضية للخطر الإرهابي، قام الجيش وبطريقة غير مقصودة بتوجيه ضربة قاسية لصناعة السياحة المصرية، التي ضربت بسبب سنوات من الاضطرابات السياسية والعنف الإرهابي".
وتستدرك المجلة بأنه على الرغم من الاضطرابات، إلا أن غالبية المصريين الذين يعيشون في وادي النيل، يرون أن حرب جيشهم ضد الجهاديين كانت آمنة. وبعيدا عن الهجمات المتفرقة، فقد تركزت المواجهات في الزاوية البعيدة من مصر في شمال شرق شبه جزيرة سيناء، التي يمنع الصحفيون من دخولها. واعتمد المصريون في هذه الحالة على الحكومة التي أعلنت سلسلة من الانتصارات على الجماعة التي تطلق على نفسها ولاية سيناء التابعة لتنظيم الدولة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن الحكومة أعلنت منذ بداية الحملة الأخيرة في سيناء منذ 7 أيلول/ سبتمبر، عن مقتل 415 جهاديا مقابل خسارة تسعة من جنودها. وتشير إلى التقارير، التي لم يتم التأكد منها في المنطقة، التي يتحدث فيها السكان عن القرى المهجورة، وفترات حظر التجول الطويلة، والنقص الحاد في الكهرباء والماء، والخوف الدائم من رد فعل الجيش وهجمات المتشددين. وفي 16 أيلول/ سبتمبر أصدر
الجهاديون شريط فيديو فيه تحد للحكومة، وأظهر عملية تدمير مدرعة "إم60" تابعة للجيش واحتلالهم موقعا عسكريا مرتفعا.
وترى المجلة أن مقتل السياح المكسيكيين كشف للمصريين عن الخطر المتزايد للجهاديين، وعن وسائل وقدرات الجيش، الذي عزز موقعه وأصبح محصنا من النقد منذ وصول السيسي إلى الحكم قبل عامين. وتساءل أحد المعلقين على "توتير" ساخرا: "لماذا يقتلون الأجانب، ألا يكفيهم المصريين؟".
ويفيد التقرير بأنه لن يجيب أحد على هذا السؤال، خاصة أن السيسي، كما تقول المجلة، قد تمسك بروايته عن التقدم البطيء والواثق في الوقت ذاته، لوضع مصر على المسار الصحيح بعد الاضطرابات التي أحدثها الربيع العربي والحكم الفوضوي للإخوان المسلمين. فبعد الحديث والاحتفال بافتتاح فرع جديد لقناة السويس الشهر الماضي، جاء الإعلان عن اكتشاف حقل غاز ضخم في مياه البحر المتوسط. وكما أعلن عن عقد
الانتخابات البرلمانية في الشهر المقبل.
وتجد المجلة أنه مع حنين المصريين إلى العودة إلى الاستقرار ونجاح السيسي، إلا أن الشعور "بعودة الحياة الطبيعية الجديدة" لا يدعو إلى الارتياح. فقد استقال بداية الشهر الحالي رئيس الوزراء إبراهيم محلب وحكومته وسط فضيحة فساد. كما أن القوانين المفروضة على الأحزاب معقدة، وكذلك الصحافة، بشكل يتوقع معه الكثير من المصريين أن يكون البرلمان الجديد مجموعة من النواب، أو جوقة من الذين يقولون "نعم للرئيس".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى تعليق بعض المعلقين المصريين، الذين يصفون الوضع بعد الانتخابات البرلمانية بحالة يعلق فيها العمل بالدستور بشكل فعلي، والتصحر السياسي، الذي خلقه "كهنة المعبد في الدولة القديمة"، ويقول الكاتب أشرف الشريف إن هذا سيقود إلى اليأس وظهور شكل جديد من التيار الإسلامي كونه بديلا وحيدا عن الوضع القائم.