قضايا وآراء

مرشد نعرفه أحسن من مرشد منعرفوش !!

1300x600
ذكرتني أزمة الإخوان الدائرة الآن بسنوات عملي قبل الثورة، حينما كنت مديرا قانونيا وماليا وإداريا لمجموعة شركات في مجالات متنوعة وكان بها شركة إنشاءات، وكان مدير المشروع مهندسا ذا خبرة وكفاءة عالية ولكن شخصيته كانت ضعيفة، فلا يستطيع السيطرة على العمال والمهندسين العاملين بالمواقع، وكانت آراؤه ثاقبة في عمله و لكنه يتسبب دائما في إيقاف العمل لعدم قدرته على حسم الأمور، وكان مدير المشروعات الذي يرأسه لا يتابع عمله بدقة ولكن كان إدارياً ماهراً، و قابلت أيضاً مهندسين صغارا لا يملكون الخبرة و لكنهم كانوا يملكون إدارة، و من خبراتي التي دامت 7 سنوات في إدارة تلك المجموعة التي بدأت بشركة واحدة إلى أن وصلنا إلى 13 شركة في نهاية فترة عملي قبيل الثورة، إلا أنني خرجت بخبرة مهمة وهي أن إدارة العمل ليست كلها ترتكز على الخبرة و المهنية فقط و لكنها تحتاج إلى إدارة، فمسؤول يفتقد جزءا من الخبرة فيما هو موكول إليه مع كثير من الحنكة الإدارية أفضل كثيراً من أن تُوكل العمل إلى شخص رؤيته صحيحة في مجاله و لكن لا يملك القدرة الإدارية، فهذا يؤدي فوراً إلى أن قراراته الصائبة لن تجد من ينفذها، لأنه غير قادر على إدارتها، و أعتذر إني قد أطلت في ذلك و لكن من لا يستفيد من خبراته العملية التي يكتسبها طوال سنوات كفاحه لن يتقدم خطوة. 

عزيزي القارئ؛ لقد سردت السابق لأني دائما ما أدخل في نقاش مع شباب من الإخوان ممن يرفعون شعار "لا هذا و لا ذاك"، أي أنهم غير راضين عن إدارة الجماعة السابقة التي غادرت بانتخابات و لا التي أتت بانتخابات، و هذا خطير جداً، لأنني كما قلت سابقاً إن انفجار الجماعة سيؤدي لانفجار الوطن واستقرار الجماعة هو استقرار للوطن، ويجب جميعاً الآن الالتفاف حولها و عدم تناولها بما يزيد الشقاق بين أفرادها، حوار هذا التيار غاية في الخطورة ، فهناك مبدأ تاريخي معروف وهو أنه في المعارك التي يديرها شخص سيئ مثل السيسي لا تُخرج المقاومة إلا قائدا سيئا هو الأقدر على حسم الخلاف داخل جماعته، و لنا في داعش أسوة، فتقهقر الجيش الحر أمام داعش في سوريا و تقهقر السيناوية المناهضين لتهجيرهم القسري على يد السيسي أمام تنظيم ولاية سيناء في شبه جزيرة سيناء خير دليل. 

وبالنسبة لمشكلة الجماعة فهناك شباب إخوان شهدنا لهم جميعا برؤيتهم الثاقبة خلال أحداث الثورة من أول مغادرة الميدان في 11 فبراير مرورا بأحداث محمد محمود وصولاً إلى انتخابات الرئاسة، وأذكركم أن كل في موقعه قد يكون صائباً و لكن للقيادة فن و أمام أخطاء الكبار يجب أن نتذكر لهم أنهم قادوا الجماعة سنوات محافظين عليها يديرونها كدعوة على أكمل ما يرام أمام العالم أما السياسة فهناك آراء كثيرة، وليس بالضرورة أنك كشاب أصاب رأيك مرة أو أكثر من مرة أن يصيب دوماً، أو ليس بالضرورة أنك تصلح للقيادة.

عزيزي الشاب؛ لقد دفعت سابقاً في اتجاه التغيير فأتى التغيير حتى وإن لم تكن راضيا عنه، ادفع مرة أخرى باتجاه التغيير طبقا لأدبيات الجماعة و أصولها دون أن تحدث ضجيجا يضر مصر كلها ولا يفيد إلا السيسي، ومع إقراري أن الذي يدفع هؤلاء الشباب هو عنفوانهم إلى التغيير إلا إنهم ليسوا على رأي واحد و أغلبهم يسير في ركب الكبار، ولكني أخاطب هنا تلك الكتلة الشبابية الأخرى التي لا تسعى إلى تغيير أو إلى المناصب في الجماعة بل ترجو الاستقرار للجماعة، ألا تنجر وراء التيار الشبابي الآخر الذي يسعى إلى التغيير وإلى المناصب لأن بالتأكيد من سيصعد أمام السيسي هو من على شاكلته لتصبح الحرب لا مكان فيها للعقلاء أو للسياسة، و ما يطمئنني في هذا الصراع أن القيادات القديمة التي تغيرت أو الجديدة تحكم قبضته على مصادر تمويل الجماعة و هي أكبر ضمانه لوقف التغيير عن طريق الانفجار الذي يسعى إليه البعض ، وأذكركم نهايةً أنني لا أنصر تياراً على آخر ولا أساند فصيلاً على آخر فما ستقره الجماعة سنتعامل معه، أدام الله عليهم وحدة الجماعة قبل وحدة الهدف..