بعد انقلاب 3 يوليو كان الحاشدون لمظاهرات 30 يونيو لا زالوا يشعرون بانتصارها، وبعد مجزرة الساجدين بدأوا يستشعرون الخوف على أنفسهم، ثم بعد مجزرة المنصة التي كانت واضحة وضوح الشمس؛ أيقنوا أن رقابهم سيأتي دورها، لا مفر، ولذا كان موقف أغلبهم من فض رابعة رافضا له، وهو ما يحسب لهم لا عليهم.
وإلى جانب هذا السيناريو السياسي، كان السيناريو
الإعلامي يدار بالطريقة ذاتها تقريبا، ولكن بطريقة أشد خطرا. فبدأ بعض الذين حشدوا لـ30 يونيو؛ بالانتشار في وسائل الإعلام التي كانت في ذلك الوقت هي التي تنقل الحقيقة منذ مجزرة الحرس الجمهوري، وبدأوا بالانتشار رويدا رويدا، عبر مذيعين ومعدين ومصورين وضيوف.. إلخ.
في البداية كانوا على استحياء، لا يستطيعون الإدلاء بدلوهم، فكانوا يصمتون نهائيا متحفزين، لدرجة أن أحد هؤلاء الحاشدين لـ30 يونيو كان ضيفا جالسا على شاشة إحدى القنوات يتحدث عن الانقلاب العسكري دون أدنى مسؤولية ودون أي قدر من المبادئ، سواء هو أو من أعطاه المنبر، برغم خطئه السياسي في التصعيد ضد حكم محمد مرسي ورؤيته الضحلة سياسيا، وكان جالسا محللا واعظا، بينما نحن نُضرب في الميادين أو محبوسين في منازلنا ننتظر الاعتقال.
وبرغم ذلك، كان هؤلاء المعدون والضيوف ينظرون إلى الذين رفضوا 30 يونيو حينها بعين الانكسار، ويتساءلون في أنفسهم: كيف لك أن تعرف أن هذا الحشد لـ30 يونيو سيتم القفز عليه؟ وكيف لك أن تعرف أن هذا الحشد سيكون في مصلحة العسكر. ورويدا رويدا، وخوفا من أن تقوم بكشفه للجميع، بدأ يلعب ألعابا خبيثة.
فمنهم من استبق الكلام عن فتح قناة، وحينما فتحها قام بإقصاء من قاوموا 3 يوليو. وكانت بداية هذا المخطط حينما بدأ المعد "الإكس" إخوان، أو من شارك في 3 يوليو، بتقديم أوراق أصدقائه من التيار ذاته واحدا تلو الآخر، حتى يصبحوا فريقا داخل كل القنوات، ويستطيع كل منهم أن يكون متحكما في برنامج ويمنع ويمنح. وتحت يافطة المهنية التي لا تستطيع الكلام معه عنها، وبحكم عمله، يأتي بضيوف في البرامج يضرون بالقضية.
فعلى مستوى الضيوف كانت اللعبة الأخبث على الإطلاق. فحينما يضطر هذا المعد أو المسؤول أن يستضيف أحدا من رافضي الانقلاب، يأتي بمن لا يستطيع التعبير جيدا عن القضية، وإن أُجبروا على أن يأتوا بمن يستطيع أن يتحدث، فيجب أن يكون من التيار الإسلامي حتى يجعلوا المواجهة مستمرة وطرفاها عسكر وإسلاميين، وكأنهم أحبوا واستساغوا المعيشة في الغربة، وأنهم بنوا حياتهم المقبلة بين لندن وباريس وأمريكا وبلاد السند والهند، ولا يتطلعون إلى العودة إلى
مصر في يوم من الأيام. وإن اضطروا يوما أن يستضيفوا ضيفا ليبراليا ليواجه الضيف الذي يمثل العسكر والانقلاب، فيحاولون إرهاق الفقرة بالضيوف.
فقد كنت يوما ضيفا على أحد البرامج، فوجدت أربعة ضيوف من حركات متنوعة، كلهم ضد الإخوان، ومع ما حدث في 30 يونيو و3 يوليو، ما جعلني أسجل اعتراضي على الهواء، نظرا لعدم توزيع الوقت بحيادية، وهذه كانت احدى الألعاب الخبيثة.
وهناك فريق آخر هرول ليستحوذ على موقع الكتروني أو قناة، ثم يحاول أيضا إبراز أشخاص جدد يفيدون تياره، دون النظر لأي اعتبارات أخرى، لدرجة أنني أصبحت أرى بعض المقالات والآراء لأشخاص لا أعرفهم، وكأن كل من لديه صديق في موقع ينال تلك النافذة ليخاطب أصدقاءه على صفحته التي لا يتعدى وجودهم عليها أحيانا المئات بل العشرات، وهو لمن لا يعلم نوع خبيث لتسويف القضية، فبدلا من أن تبحث عن آراء السياسيين، مع حفظ الألقاب، أمثال طارق الزمر، ويحيى حامد، ومحمد محسوب، وسيف عبد الفتاح، وأيمن نور، وحاتم عزام ووائل قنديل، وإبراهيم يسري، وعمرو عبد الهادي... إلخ، وكل من هم موجودون على الساحة قبل الانقلاب يرفضونه، وتثق بهم، تجد أمامك آراء أ. ب. س. ص.. وأنا لست ضد هذا النهج بالمناسبة، ولكن وهو يفعل ذلك، يطيح بالسياسيين الذين أيقنوا الحق وقت أن كانوا هم يمارسون الباطل ضدك، وهي معركة من معارك الوعي التي تحتاج جهدا في البحث من الصامدين على القضية وعلى الدرب.
فقبل أن تتابع قناة جديدة أو موقعا جديدا، تأكد عزيزي هل من تثق بآرائهم ومن هم على الدرب معك؟ ومن دلوك على الدرب الصحيح منذ البداية مستمرون ومتواجدون على الشاشة مثلهم مثل غيرهم؟ وبذات قدر من هو قادم من 30 يونيو، أم تقلص دورهم لصالح هؤلاء الجدد؟ وإن لم يكن هذا المعيار متوفرا، فتأكد أن تلك النافذة الإعلامية خلقت ليأخذوك بعيدا عن قضيتنا بدرب من دروب السحر الإعلامي. وكما قال الدكتور محمد مرسي: "السحرة كتير".