"أطفالنا بحاجة إلى رعايتك الطبية".. "لا للهروب"، بهذه العبارات ناشد المجلس الطبي في مدينة
حلب (المحررة)؛
الأطباء السوريين الذين اختاروا
الهجرة إلى البلدان الأوروبية على الإقامة في مدينة هي بأشد الحاجة إلى كوادرها الطبية.
وتأتي هذه المناشدة التي أطلقها المجلس الطبي في القسم الذي يخضع لسيطرة الثوار، عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، في الوقت الذي تشهد فيه معدلات الهجرة السورية ارتفاعا ملحوظا، مادفع البعض إلى توصيف هذه الحالة الطارئة على أنها "جنون الهجرة".
وعلى الرغم من أن موجة الهجرة أصابت كافة أطياف الشعب السوري، إلا أن لهجرة الأطباء وقع خاص، كما يقول رئيس المجلس الطبي في حلب، الطبيب الجراح عارف رزوق.
وأشار رزوق، في حديث لـ"
عربي21"، إلى بدء هجرة الكوادر الحالية التي تعمل مع المجلس، من أطباء وممرضين، لافتا إلى أن الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار تعاني من نقص حاد في الأطباء أصلا.
وكشف رزوق عن أرقام وصفها بأنها "مأساوية"، حيث قال: "لا يتعدى عدد الأطباء المتواجدين في المدينة حاليا 13 طبيبا جراحا في مشافي المدينة من كافة الاختصاصات الطبية"، معبرا عن أسفه للتدهور الذي أصاب الشأن الصحي في المدينة.
وقال: "الوضع الصحي لا يحتمل الهجرة، فالطبيب الذي يغادر المدينة يترك مكانه شاغرا، ونحن بالكاد نستطيع تدبر أمورنا في الوقت الراهن"، مضيفا: "على سبيل المثال، يتواجد حاليا في عموم مشافي المدينة طبيب واحد مختص بالجراحة العظمية".
وحول مسببات هجرة الأطباء الأخيرة، قال الدكتور رزوق، بعد أن استبعد أن تكون الحالة المادية سببا وراء هجرة الأطباء من المناطق التي يسيطر عليها الثوار: "لكل طبيب ظروفه، لكن هذا لا يعني أن تكون الظروف أقوى من رسالة الطبيب الإنسانية"، معبرا عن اعتقاده في أن يكون طول أمد الثورة واحدا من أهم هذه الأسباب.
ووفق رزوق، فإن أغلب الأطباء الذين يهاجرون حاليا هم من الأطباء غير الخريجين، أي الذين منعتهم مشاركتهم في الثورة من متابعة دراستهم في الجامعات التي لا زالت تحت عهدة النظام.
وأبدى استغرابه الشديد من عدم قيام الحكومة المؤقتة، التابعة للائتلاف الوطني السوري، بالدور المناط بها في هذا الشأن، وقال: "لقد فشلت الحكومة المؤقتة في تأمين البديل للطلاب حتى يستطيعوا متابعة دراستهم، سواء في عن طريق تأسيس جامعات في الداخل أو عبر متابعة شؤون الطلاب في الجامعات التركية، وكأن أعضاء الحكومة المقيمين في مدينة عنتاب التركية غير مستعجلين ويعملون بوتيرة بطيئة، وكأن البلاد لا تعيش ظروفا استثنائية بفعل الحرب"، حسب قول.
ولا تقتصر هجرة الأطباء على مناطق سيطرة الثوار، فالمناطق التي يسيطر عليها النظام هي الأخرى تشهد هجرة مماثلة، لكن بزخم أقل، وفق أحد الأطباء الذي فضل عدم الكشف عن اسمه.
ويجمل الطبيب، المقيم في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وضع الأطباء بالقول: "كثير من الأطباء الذين يتمتعون بالخبرة تركوا المدينة، بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، ونقص الخدمات الضرورية من مياه وكهرباء".
ويضيف لـ"
عربي21": "يتحكم بنقابة الأطباء التابعة للنظام ثلة من الأطباء الموالون للنظام، وهؤلاء تحولوا إلى جهات ضاغطة على الأطباء بدلا من أن يكونوا داعمين لهم"، حسب قوله.
وتغيب الأرقام والإحصائيات الرسمية لعدد الأطباء الذين غادروا البلاد بشكل نهائي، لكن التقديرات تشير إلى أن نحو نصف الأطباء قد غادروا، علما بأن عددهم قبل اندلاع الثورة كان نحو 30 ألف طبيب، أي بمعدل طبيب واحد لكل 766 نسمة.