حذر مسؤولون وسياسيون فلسطينيون، يتابعون تطورات إجراءات الاحتلال الإسرائيلي بحق المسجد
الأقصى المبارك، من بدء فرض الاحتلال التقسيم الزماني للمسجد الأقصى.
وتفرض قوات الاحتلال بقوة السلاح حصارا مشددا على الأقصى منذ 24 آب/ أغسطس الماضي، وتمنع دخول المرابطات، وفئة النساء بشكل خاص للأقصى، قبل الساعة 11 صباحا، وتشدد الخناق على دخول الرجال، وتفرض سيطرة أمنية محكمة على أبوابه، وتمنع الحراس من الاقتراب مسافة أقل من 15 مترا، من المستوطنين خلال تدنيسهم للمسجد.
ويبدو أن إجراءات الاحتلال تلك تكاملت مع طلب وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد أردان، من وزير الدفاع موشي يعالون بتاريخ 24 آب/ أغسطس الماضي، بالعمل على حظر نشاط ما أسماه "تنظيم المرابطين والمرابطات"، في المسجد الأقصى والإعلان عن أنها "خارجة عن القانون"، بحجة أنها تعمل على عرقلة "زيارة اليهود لجبل الهيكل (الأقصى) من خلال استعمال أساليب التخويف (التكبير والتهليل)".
الخطر وقع
رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ
عكرمة صبري، شدد على أن الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة بحق المسجد الاقصى المبارك؛ "تصعيدية، ويقصد منها فرض واقع جديد يقضي بما يسمى التقسيم الزماني للمسجد الأقصى".
وأكد لـ"عربي2" أن قيام قوات الاحتلال "وبقوة السلاح بحرمان وضرب ومنع النساء من الدخول للمسجد الأقصى، يأتي في سياق هذه الاجراءات التعسفية ومخططات الاحتلال، بعد أن كان هؤلاء المرابطات يقمن بواجبهن بالرباط من أجل حماية الأقصى، وصد المقتحمين اليهود الذين يدنسون الأقصى الشريف".
وأضاف: "المرابطون والمرابطات هم الشرعيون، يقومون بواجبهم، أما اليهود المقتحمون المعتدون هم غير الشرعيين، يستفزون المسلمين بتدنيسهم المستمر للمسجد الأقصى"، مشددا على أنه "لن نسمح لهم بفرض هذا الواقع الجديد، هم يحاولون ذلك منذ أربع سنوات، لكننا لن نستسلم لهم".
ويرى رئيس الهيئة الإسلامية، أن الذي "يجرؤ ويفسح المجال" للاحتلال الإسرائيلي لتهويد مدينة
القدس والاعتداء على الأقصى؛ هم "العرب والمسلمون الذين يتحاربون فيما بينهم"، محملا الدول العربية والإسلامية التي "تخلت عن القدس وفلسطين مسؤولية ما يجري في مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى".
مشروع التهويد
وأقر صبري أن الواقع الذي يمر به المسجد الأقصى "صعب؛ لأن الخطر وقع، وليس كما كنا نقول سابقا: الأقصى في خطر"، مؤكدا أن الإجراءات الاحتلالية "تهدف إلى فرض واقع جديد، وما علينا إلا أن نقوم بواجبنا في حماية الأقصى، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تتحمل مسؤولية هذا التوتر وهذه الاستفزازات".
من جانبه، أكد عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، توفيق محمد، أن الاحتلال الإسرائيلي "بات يعلن بشكل صريح عبر مؤسساته الرسمية عن مخططاته التي يسعى من خلالها إلى التقسيم الفعلي للمسجد الأقصى المبارك، ضمن مشروع التهويد الكامل لمدينة القدس المحتلة".
وأوضح أن "تقييدات قوات الاحتلال الكثيرة بحق أهلنا المقدسيين، ومنع المرابطات من دخول الأقصى، بعد دورهم العظيم في التضييق على الاحتلال وأذنابه التي تقتحم الأقصى بشكل يومي خلال فترتين، صباحية وأخرى مسائية، كل هذا وغيره يأتي في سياق مخطط الاحتلال لتقسيم الأقصى".
مخطط الاحتلال
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، أن من كان سابقا يتحدث عن تقسيم الأقصى هي الجمعيات والمؤسسات الاستيطانية الدينية المختلفة، أما اليوم فباتت هذه التصريحات هي من نصيب الحكومة الإسرائيلية سواء كان ذلك على مستوى رئاستها، أو مستوى وزراء داخل هذه الحكومة، أو على مستوى أعضاء كنيست (البرلمان الإسرائيلي) وشخصيات رسمية أخرى.
وأوضح محمد أن مخططات الاحتلال التي تستهدف المسجد الأقصى أصبحت "علنية وليست سرية، وباتت مكشوفة يقرأها الجميع على صفحات الصحف العبرية، ويشاهدها الجميع كذلك على شاشات التلفاز الإسرائيلية؛ وهي السعي لتقسيم المسجد الأقصى المبارك".
وكشف عن مشروع بناء "جسر فوقي يمتد من طريق باب المغاربة ويصل إلى قبة الصخرة المشرفة، عبر جسر حديدي كبير جدا واسع ومتين يتسع لأرتال من السيارات العسكرية، إضافة لتشييد هيكل مزعوم يوازي قبة الصخرة"، وهو ما يسهل عملية اقتحام الأقصى حال تنفيذ مخطط التقسيم المكاني أو الزماني، بحسب توفيق محمد.
ورغم هذه الصورة القاتمة، يشدد عضو المكتب السياسي للحركة الإسلامية، على أن "الحق الفلسطيني الإسلامي العربي في القدس المحتلة والمسجد الأقصى ثابت، وسيبقى أقوى من كل المخططات الإسرائيلية مهما فعل الاحتلال وحاول أن يفرض بقوة السلاح"، متسائلا: "الاحتلال الصليبي الذي استمر 90 عاما للقدس والأقصى، وارتكب المجازر والمذابح؛ هل غير من الواقع شيئا؟!".