نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا حول عمل جمعية كندية مثيرة للجدل، تطلق على نفسها "تحرير الأطفال المسيحيين واليزيديين في
العراق (
سي واي سي آي)"، وتقول إنها تساعد أهالي من اختطف أبناؤهم وبناتهم في استعادتهم.
ويبدأ التقرير بوصف مشهد أب يزيدي يفاوض سيدة أمريكية تعمل مع الجمعية لإطلاق سراح ابنته المختطفة، ويقول لها إنه قد يضطر لبيع سيارته لاستعادتها من
تنظيم الدولة عن طريق وسيط، فتقول له لا داعي أن يبيع سيارته وهي ستساعده، ولكن الثمن الذي يطلبونه عال، فليفاوضهم على ثمن أقل، حيث إن الجمعية لا تدفع أكثر من ثلاثة آلاف دولار للرأس.
وينقل الموقع عن إيمي بيم البالغة من العمر 66 عاما، وتعمل مع الجمعية، قولها: "تأتينا العائلات، وتقول إنها على اتصال بالوسيط، وإنهم رتبوا كل شيء، وكل ما يحتاجون إليه هو النقود".
ويشير التقرير إلى أن تنظيم الدولة يعد اليزيديين عبدة شيطان، فارتكب مذابح ضد رجالهم، واستعبد النساء والأطفال، عندما اجتاج جبل سنجار في شمال غرب العراق في شهر آب/ أغسطس 2014.
ويورد الموقع أن بيم تقول إن اليزيديين فقدوا الكثير من أموالهم، حيث إنهم باعوا معظم ما يمتلكون لتحرير أطفالهم ونسائهم، وأن جمعية "سي واي سي آي" تسد هذا الفراغ. مبينا أن بيم تقوم بالاتصال بوسيط معتمد من جمعيتها، ويتفاوض معه الرجل، فيصلان إلى سعر مقبول، ويفرح الأب بالاتفاق. وتقول بيم إنه تم الاتفاق وانتهى دورها، أما عملية الاستلام، فيقوم بها أشخاص مؤهلون يعملون مع الجمعية.
ويذكر التقرير أنه سُمح لـ"ديلي بيست" بحضور هذه المفاوضات في أواخر آب/ أغسطس، بشرط عدم ذكر أسماء أماكن أو أشخاص لأسباب أمنية.
ويلفت الموقع إلى أنه يقف وراء جمعية "سي واي سي آي" علنيا التاجر اليهودي الكندي ستيف مامان، الذي وصف بأنه "شيندلر اليهودي"، ولكنه هوجم أيضا في أمريكا الشمالية وفي العراق. وقد شكك عدد من اليزيديين البارزين في ادعاءات الجمعية على موقعها بأنها أنقذت 130 يزيديا ومسيحيا من تنظيم الدولة، كما أن البعض أبدى قلقه من أن الجمعية بعملها تمول تنظيم الدولة.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن رسالة وقعها كبار اليزيديين، شككت في صحة ادعاءات الجمعية، بخصوص عمليات الإنقاذ المدعاة، وطالبت مامان بتقديم دليل على جهوده.
وغادر فريق "ديلي بيست" دون أن يرى كل شيء، بما في ذلك تبادل النقود وإطلاق سراح النساء والأطفال، ولكن لم يبد هناك شيء غريب في اللقاء، عدا فكرة التفاوض على شراء مختطفين يستخدمون عبيدا للجنس.
وقد وعد مامان أن يسمح لـ"ديلي بيست" بحضور إحدى عمليات الإنقاذ القادمة، ولكن لطبيعة العمليات السرية، فلا يمكنه التنبؤ متى ستحدث العملية القادمة، وقد دعي الموقع إلى عملية كانت رهن التنفيذ، ولكن لم يكن حضورها ممكنا لبعدها عن أربيل. وتقول بيم: "لا أدري كيف يتم تنفيذ الصفقات، ولكن (سي واي سي آي) تضبطها، ويعرف مامان عمله جيدا".
ويذكر التقرير أن مامان دفع أكثر من 500 ألف دولار العام الماضي، لشراء حرية 130 من عبيد الجنس اليزيديين والمسيحيين من تنظيم الدولة، بحسب قوله، ويقول إنه يرفض أن يقف مكتوف الأيدي بينما يعاني آلاف اليزيديين والمسيحيين في سجون تنظيم الدولة، حيث يعذبون ويغتصبون ويباعون في أسواق النخاسة.
ويكشف الموقع عن أنه قد تم إغلاق موقع "غوفندمي"، الذي يعني "ادعموني"؛ بحجة أنه يخرق قوانين كندا المضادة للإرهاب ودعم الاتجار الدولي بالجنس، بشكوى من موقع "ريب إز نو جوك" ويعني "الاغتصاب ليس مزحة"، حيث أشار الموقع إلى أنه مقابل كل حفنة دولارات تُدفع لتنظيم الدولة لشراء العبيد يتم استعباد عشرات آخرين.
وينقل التقرير عن أستاذ القانون في جامعة أوتوا إيرول مندز، قوله إن جمعية مامان قد تخرق قانون مكافحة الإرهاب الكندي، الذي تم سنه في شهر حزيران/ يونيو، ولكن الأهم من القضية القانونية أنه لو كان صحيحا أن مامان يستطيع تحرير آلاف المختطفين، لسمعنا صوت تأييد عال من اليزيديين، ولكن السؤال: هل يشجع مامان بفعله تنظيم الدولة على ملاحقة الأقليات الأخرى؟.
ويوضح الموقع أن مامان يدعي أنه يدفع من ألفين إلى ثلاثة آلاف دولار لإطلاق سراح النساء والفتيات الصغيرات، يدفع معظمها رشاوى، مشيرا إلى أن الأموال من جمعيته لا يمكن أن يكون لها ذلك التأثير الكبير على تمويل تنظيم، تصل ميزانيته إلى مليارات الدولارات.
ويورد التقرير أن مامان يدافع عما يقوم به قائلا إن "هدف (سي واي سي آي) هو جمع شمل العائلات وإعادتها إلى قراها"، ويضيف إنه لا يشتري الفتيات من محتجزيهم، بل يدفع لهم تعويضا عما دفعوه ثمنا لهن لتحريرهن، ثم نقلهن إلى مخيم لاجئين يديره الأكراد، ثم يعدن إلى قراهن تحت إشراف القس أندرو وايت، الذي يقود الكنيسة الأنجليكانية الوحيدة في بغداد.
وبحسب الموقع، فقد قام وايت بكتابة رسالة تأييد لما يقوم به مامان على "فيس بوك" يوم الأربعاء، واصفا عمله بأنه عمل رباني بوقوفه "إلى جانب المنبوذين والمنسيين"، وقال إنه يعده بطلا.
وينوه التقرير إلى أن "سي واي سي آي" مدعومة من آلاف الأشخاص، بينهم باميلا غيلر، التي تعادي "المتطرفين الإسلاميين"، والتي دعمت مسابقة رسوم مسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم) في غارلاند، تكساس. وتظهر غيلر في فيديو ترويج للجمعية، ويظهر في الفيديو عودة أم يزيدية وأطفالها الأربعة إلى عائلتها، ويظهر فيه أطفال يحملون ملصقا مكتوبا عليه "شكرا لك باميلا غيلر لتحريري".
وينقل الموقع عن غيلر قولها: "على جميع من استهدفهم الجهاديون بالقتل والاستعباد من يهود ومسيحيين ويزيديين وهندوس وبوذيين وملحدين أن يعرفوا أننا نواجه عدوا مشتركا، وأن علينا أن نقف معا في وجهه من أجل الحرية وحقوق الإنسان".
ويشير التقرير إلى أنه مع نشر الرسالة في 26 آب/ أغسطس، ازدادات الانتقادات الموجهة لمامان و"سي واي سي آي"، ليس فقط ممن يتهمون الجمعية بدعم الإرهاب، بل من القادة اليزيديين في العراق، الذين يقولون إنهم لا يصدقون ادعاءات مامان بإنقاذ ذلك العدد من اليزيديين.
وجاء في الرسالة: "على مدى الأسابيع القليلة الماضية اتصل مدافعون عن اليزيديين بمامان عدة مرات، وطلبوا أدلة على عمليات الإنقاذ المدعاة. ورفض مامان استفساراتنا أو تقديم أي معلومات، فما تقوم به (سي واي سي آي) أبرز قضية حساسة، وكشف جهودا للإنقاذ كان يجب أن تبقى دون ضجيج، وما يقلقنا أن هذا قد يكون تهورا". كما شككت الرسالة في ادعاءات الجمعية بإنقاذ مسيحيين، حيث إن تنظيم الدولة استهدف اليزيديين وليس المسيحيين، بحسب الموقع.
ويوضح الموقع أن ما نشرته مجلة دابق في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، يبين ذلك، حيث ذكرت بخصوص اليزيديين أن معظم الفقهاء يحلون استعباد نسائهم، على عكس اليهود والنصارى الذين يتم تخييرهم بين الإسلام ودفع الجزية.
وينقل التقرير عن النائب البرلمانية اليزيدية الموقعة على الرسالة فيان دخيل، قولها: "أرسلنا رسالة إلى مامان، وطالبناه بإعطائنا أسماء الفتيات"، وأضافت أنها ستقتنع إن "أخبرنا بأسماء الفتيات، وكم دفع مقابل إطلاق سراحهن". ثم قالت إنها تعمل مع العائلة اليزيدية التي خطف أطفالها، مبينة أنها لا تعلم "عن فتاة واحدة تحررت قام ستيف مامان بشرائها".
وتتابع دخيل بأنه يسعدها أن تكون جهود مامان صادقة، وقالت إن الجمعية اتصلت بها مرتين للتنسيق، ولكنها بدأت بالشك عندما ادعت الجمعية بأنها تنقذ المسيحيين، حيث إنه، بحسب علمها، فإن المختطفات لدى تنظيم الدولة كلهن يزيديات، وأنها لم تسمع بوجود أي مختطفات مسيحيات.
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن مامان استمر في رفض أقوال منتقديه، قائلا إن النقد الموجه إليه هو بسبب سياسيين عراقيين محليين فاسدين وشبكات منافسة، ترى في دخول جمعيته على الخط منافسا في تأمين التمويل الحكومي اللازم لاستعادة النساء والأطفال اليزيديين من تنظيم الدولة. ويقدم مامان صورا لما يقول إنها عائلات يزيدية محررة بعد عمليات قامت بها جمعيته.