تراجعت الحكومة
الجزائرية عن اعتماد التدريس باللهجة العامية، بعد معارضة شديدة تبناها الإسلاميون الذين اعتبروا قرار وزارة التربية بالبلاد، مساسا بقدسية
اللغة العربية.
وقال الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، خلال احتفالات ذكرى مؤتمر الثورة الجزائرية (20 آب/ أغسطس 1956)، بمحافظة قسنطينة، شرق الجزائر، الخميس، إن "اللغة العربية مرجع دستوري وثقافي وحضاري"، مضيفا "ينبغي التفريق بين ما خرجت به ندوة التربية والتعليم من مخرجات تتعلق بتدريس اللهجة العامية المحلية، وبين قرار حكومة"، ما يعني، حسب الوزير الأول الجزائري، أن قرار تدريس العامية بالمؤسسات التعليمية الجزائرية مجرد "اقتراح".
لكن قطاع واسع من المدافعين عن اللغة العربية، التي اعتمدت بالدستور الجزائري لغة رسمية أولى، منذ استقلال البلاد العام 1962، اعتبروا أن تصريحات سلال بخصوص التراجع عن تدريس اللهجة العامية، "مجرد مراوغة" أو "إلهاء الجزائريين عن قضايا أكثر حساسية، على غرار تداعيات انهيار أسعار النفط وانتهاج خطة تقشف مخيفة".
بينما يعتبر آخرون أن القرار به رائحة جس نبض
الإسلاميين، ومعرفة رد فعلهم بالشارع، تماما مثلما حدث بالنسبة لتعميم منح رخص تجارة الخمور، التي أثارت حفيظة أحزاب التيار الإسلامي، قبل أن يقال وزير التجارة عمارة بن يونس، صاحب القرار، من الحكومة تموز/ يونيو الماضي.
وكان لجس نبض التيار الإسلامي، مفعول عكسي على الحكومة، إذ تحرك الشارع بالجزائر ضد تعميم تجارة الخمور وضد المساس بقدسية اللغة العربية كذلك، ما دفع بالحكومة إلى التراجع عن قرارها، الخميس.
ونقلت تقارير إعلامية أن قرار تدريس العامية بالجزائر، أحدث انشقاقا بالحكومة بين مؤيد ورافض للفكرة بوقت يقول مسؤولها الأول إن "هناك تجانس مطلق بالحكومة التي تطبق برنامج الرئيس".
وأكد رئيس حركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة "أن إدراج توصية العامية كان أنبوبا لمواصلة رضوخ الحكومة للضغوطات الأجنبية، وتصريح الوزير الأول عبد المالك سلال جاء متأخرا، وهذا ما يعاب على حكومتنا التي تتعامل بجدية وحرارة مع القضايا الوطنية".
وأفاد مسؤول "جبهة الصحوة الإسلامية" بالجزائر عبد الفتاح حمداش زراوي، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة "أن الشعب الجزائري يريد مدرسة جزائرية تنبثق أصولها من دينها، وملتها وهويتها ولسانها ولا يريد مدرسة فرنسية مشبعة بالثقافة والفكر والعقلية والذهنية الفرنسية بقوالب جزائرية".
وطالب زراوي بإقالة وزيرة التربية نورية بن غبريط وقال "إن الشعب الجزائري عموما بجميع شرائحه ساخط على الوزيرة بسبب قراراتها الغربية والمخالفة لملة وهوية وقناعة الشعب الجزائري المسلم، والذي بات مستهدفا حقا من طرف عصبة ترتبط بعقلية، وذهنية غربية لا تمت بصلة للذهنية والعقلية الجزائرية".
وأفاد القيادي في حركة النهضة المعارضة بالجزائر محمد حديبي، في تصريح لصحيفة "
عربي21"، الجمعة، " أننا نحمل السلطة تبعات إقرار إدراج العامية بديلا عن اللغة الوطنية لدى الناشئة من أبنائنا وهو ما يعد إحياء للنعرات الجهوية، والتي تؤدي إلى تفكيك وضرب الوحدة الوطنية وتفتيت النسيج الاجتماعي على غرار ما يجري في الأوطان العربية".
وكتب رئيس "حركة مجتمع السلم" كبرى الأحزاب الإسلامية بالجزائر، مقالا في الموضوع، أهم ما أورد فيه "أصبح واضحا بأن ثمة قوة سياسية متغلغلة في مفاصل الدولة تشتغل ضمن مخططات أجنبية تهدف إلى كسر مناعة الشعب الجزائري من خلال تحريف المنظومة التربوية ومنظومة الأسرة والمسجد والإعلام، وهي تعتمد في ذلك على سياسة الاختراق المتدرج من خلال ضرب الأسس الفكرية للشعب الجزائري المرتبطة بهويته وثقافته".