استعان الرئيس
الجزائري عبد العزيز
بوتفليقة، بالجيش ثلاث مرات، في فترة زمنية لم تتعد الـ16 شهرا، لوقف احتجاجات شعبية وأعمال عنف شهدتها مدن مختلفة، من البلاد، رغم وجود أجهزة أمن داخلي قوية.
وباتت القوات المسلحة مجبرة على التدخل إلى جانب مهامها التي توصف بالكبيرة، والمتمثلة في حراسة الحدود البرية مع دول جوار تشهد وضعا أمنيا متدهورا، مثل ليبيا ومالي.
ففي 9 تموز/ يوليو الماضي، كلّف مجلس الوزراء، قائد الناحية العسكرية الرابعة في الجيش، اللواء كمال عبد الرزاق، بتسيير الوضع الأمني في محافظة غرداية جنوبي العاصمة الجزائر، بعد أن شهدت أعمال عنف طائفي بين العرب المالكيين، والأمازيغ الإباضيين، أسفرت عن مقتل 21 شخصا في أقل من 48 ساعة.
و في آذار/ مارس 2014، قرر الرئيس بوتفليقة، تكليف الجيش بإدارة الوضع الأمني في محافظة غرداية مرة أخرى، بسبب اشتداد أعمال العنف الطائفية، ومواجهات متقطعة تشهدها المنطقة منذ نهاية العام 2013.
قرار آخر، أصدره بوتفليقة في نهاية شباط/ فبراير2015، قضى بتكليف قائد عسكري بالتحاور مع محتجين جزائريين، رافضين لمشروع الحكومة استغلال الغاز الصخري، في مدينة عين صالح جنوبي العاصمة، بعد أن شهدت المنطقة في الفترة بين كانون الثاني/ يناير، ونيسان/ أبريل الماضيين، احتجاجات يومية واعتصامات، للمطالبة بوقف مشروع استغلال الغاز الصخري.
وفي عين صالح، تمكن قائد عسكري برتبة لواء، من إعادة الهدوء إلى المدينة في فبراير/ شباط 2015، من خلال لقاءات عقدتها القيادة العسكرية مع الأعيان وممثلي المحتجين، بحضور أحد أعيان المدينة، ضبار بلقاسم.
وقال بلقاسم: "نجح قائد الناحية العسكرية السادسة، وهو ضابط برتبة لواء بالجيش، في مهمة إعادة الاستقرار لمدينة عين صالح، بعد أن عقد لقاءين فقط مع ممثلي المحتجين والأعيان في المدينة".
وأضاف بلقاسم: "تدهورت الأوضاع بسرعة في عين صالح، بعد تدخل وحدات من قوات مكافحة الشغب التابعة للشرطة ضد المحتجين، إلا أن القائد العسكري توصل إلى اتفاق أثناء لقائه مع ممثلي المحتجين، يقضي بتحديد مواقع يمكن للمحتجين فيها ممارسة احتجاجهم، دون أن يعترض سبيلهم أحد".
من جهته قال محمد سلقن، أحد وجهاء غرداية "منذ كانون/ ديسمبر الأول 2013، وعلى مدى 21 شهرا، فشلت وحدات مكافحة الشغب التابعة للشرطة، في فرض الأمن بالمحافظة، والسبب هو التعليمات الصادرة لها، والتي تقضي بعدم استعمال القوة المفرطة ضد المشاركين في أعمال العنف الطائفي".
وأضاف أن "تعيين قائد عسكري على رأس القوات العاملة على فرض الأمن والنظام بالمحافظة، في آذار/ مارس 2014، سمح لقوات مكافحة الشغب بالتدخل بشكل أكثر جرأة ضد المشاركين في المواجهات الطائفية".
بدوره قال خير الدين (أحد الأعيان) للأناضول: "قرار الرئيس بوتفليقة، في تموز/ يوليو الماضي، الاستعانة بالجيش، جاء بعد اجتماع لمجلس الوزراء، حيث أعطى لقائد الناحية العسكرية الرابعة في الجيش، صلاحيات أوسع في التعامل مع أعمال العنف الطائفي التي خرجت عن السيطرة".
وأوضح خير الدين أن القرار "سمح لقوات مكافحة الشغب باعتقال 160 شخصا، وهو عدد كبير في غرداية التي لا يزيد عدد سكانها على 380 ألف نسمة".
وبعد أيام من قرار تكليف الجيش بضبط الأمن في غرداية، عاد الهدوء إلى المناطق الساخنة في المدينة، كما يقول المتحدث نفسه.
بن رايس علي، أحد أعيان غرداية، رأى أن "الحل الوحيد في المنطقة، هو فرض الأمن عن طريق قيادة عسكرية، لأن الوضع بات على درجة كبيرة من الخطورة".
أما الخبير الأمني الجزائري، أحمد بوخليل، فيعلق على الوضع، قائلا: "بات الجيش فوق مهامه الأمنية على الحدود ومكافحة الإرهاب، مجبرا على مساعدة قوات الشرطة لفرض الأمن في مناطق تعاني من اضطرابات".
ويعود السبب في ذلك، بحسب بوخليل، إلى أن "الشعب الجزائري يثق كثيرا بالمؤسسة العسكرية ويساندها دائما، لأنها القوة الأكثر تنظيما في البلاد، كما أن عناصر الجيش ممنوعون من الانتماء للأحزاب، ومن ممارسة السياسة".
بدوره، اعتبر حلمي محمد، المختص في علم الاجتماع، أن "الجزائر تعيش في السنوات الأخيرة، مرحلة زيادة نفوذ المؤسسة العسكرية"، مضيفا أن "الحكومة رفعت قيمة الإنفاق العسكري، وبات
الجيش الجزائري مكلفا بمزيد من المهام لضبط الأمن على الحدود المضطربة مع دول مثل مالي وليبيا، فضلا عن الاستعانة به في ضبط الأمن في الداخل".