من إحدى قاعات أفخم فنادق طهران، ومن أمام منابر العديد من وسائل الإعلام، وعلى يمينه صورة للمرشد الأعلى للجمهورية علي خامنئي، وفي شماله صورة لروح الله الخميني، يقف رئيس الوزراء
العراقي السابق نوري
المالكي على منصة مؤتمر صحفي، يحمل إرث حكمه الذي أورث الفساد وأدخل تنظيم الدولة البلاد، لتركيا والسعودية خارجيا وكردستان داخليا.
يقف المالكي في المؤتمر، بعد أيام من الاستقبال الحافل، بدأ بالنائب الأول للرئيس
الإيراني إسحاق جهانغيري، وتبعه لقاء مع مستشار المرشد الإيراني السيد علي خامنئي، علي أكبر ولايتي، وتخلل زيارته الرعاية والمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت، ومن المتوقع أن يلتقي بمرشد الثورة علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني.
فالمالكي بوجهة النظر الإيرانية، التي صرح بها ولايتي، له دور وفريقه "في عراق مستقل ومزدهر لايمكن إنكاره"، و"لحسن الحظ فإن هذه السياسة مستمرة في العراق".
فلولا شخصية نوري المالكي "المدبرة و الحاسمة" كما يقول ولايتي، "ما كان سيُعرف إن كان الشعب العراقي سيشعر بالفخر والاعتزاز".
هذا المشهد الباهر في طهران، يحصل عكسه في العراق الآن، فالمالكي غادر إلى إيران بعد أن أحال
البرلمان الاثنين، إلى القضاء تقريرا يدعو إلى محاكمته وعشرات من كبار المسؤولين في ما يتعلق بسقوط
الموصل في أيدي مقاتلي تنظيم الدولة، حيث لا يزال الغموض يلف الكيفية التي تمكن بها التنظيم من السيطرة على المدينة، مع انسحاب أربع فرق عسكرية، دون خوض أي معركة مع المسلحين.
ويرى مراقبون أن التقرير قد يكون الضربة القاضية التي ستسقط المالكي، حيث إنه يرجح أن يحمل التقرير المالكي مسؤولية سقوط المدينة بيد تنظيم الدولة وبداية الانهيار الأمني في العراق، بصفته رئيس الوزراء السابق، والقائد العام للقوات المسلحة وقتها.
فالعراق الآن يشهد حركة متسارعة نحو إصلاحات جذرية، يقودها رئيس الوزراء العراقي حيدر
العبادي، الذي لطالما وضع المالكي عصاه في دولاب حكومة خلفه بحسب مراقبين، وحاول فرض توجهاته من خلال رجاله الموالين له بعد زعامته الحكومة لمدة ثماني سنوات.
ويرجح مراقبون أن المالكي لن يعود إذا كان سيقدم إلى المحاكمة مع 30 مسؤولا سياسيا وأمنيا، خصوصا أنه استغل فرصة سفره قبل صدور قرار لجنة التحقيق النيابية بمحاكمته.
في المقابل، سيكون العبادي في في موقف صعب، وسيكون بين مطرقة إهمال تقرير اللجنة النيابية المصرة على المضي في التحقيقات، وسندان الضغوط الإيرانية المتوقعة لفك الطوق عن المالكي.
ولن يكون ملف الموصل هو الوحيد الذي سيطرح على الطاولة، ومن المتوقع أن ترفع ضده قضايا أخرى، فهناك جبل جليدي تحت الماء من الفساد في العراق، فضلا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها السلطات الأمنية إبان حكمه، بحسب ما نقلت المنظمات الدولية.