أقر رئيس الوزراء
العراقي حيدر
العبادي خطوات وصفت بـ"الجريئة" استجابة للمظاهرات المطالبة بتحسين الخدمات وإنهاء
الفساد بالبلاد، وهي القرارات التي لاقت تأييدا سياسيا وشعبيا.
وتضمنت ورقة الإصلاح التي أعلنها العبادي وتبناها لاحقا مجلس الوزراء، إلغاء المخصصات الاستثنائية للرئاسات والهيئات والمؤسسات، وإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، وإعادة فتح ملفات الفساد السابقة والحالية، في خطوة هي الأولى من نوعها، على طريق إجراء إصلاحات واسعة.
وجاءت خطوات العبادي بعد موجة احتجاجات شهدتها محافظات الوسط والجنوب الجمعة الماضية، تطالب بإجراء إصلاحات إلى جانب مطالبة "علي السيستاني" المرجع الديني الشيعي، للعبادي بإجراء إصلاحات واسعة في مفاصل الدولة.
وفي السياق ذاته حث "مقتدى الصدر" زعيم التيار الصدري، الأحد، مجلس النواب العراقي، على تمرير الخطوات التي أقرها مجلس الوزراء، والمتعلقة بالإصلاح، وهدد بإقامة تظاهرة مليونية في حال رفض البرلمان اقتراحات الحكومة.
وقال "صلاح العبيدي"، المتحدث باسم الصدر، خلال مؤتمر صحفي عقده في النجف إنه "نظرا للظروف الاستثنائية ووقوفا مع الشعب العراقي، ومطالب المرجعية المتعلقة بمواجهة الفساد، ندعو العراقيين إلى الخروج بتظاهرات مليونية أمام البرلمان، في حال رفضه التصويت على القرارات الإصلاحية التي أعلنها رئيس الوزراء".
وأضاف أن "المرحلة المقبلة تتطلب توفير الخدمات والعدالة الاجتماعية والالتزام بالتوصيات التي أعلن عنها"، مطالبا المؤسسات الحكومية والهيئات المستقلة بـ"الوقوف أمام الفاسدين مهما كانوا وإرجاع الحقوق".
وتعد هذه القرارات هي الأجرأ منذ تشكيل الحكومات العراقية بعد عام 2003 حيث ستطيح بكبار المسؤولين، أبرزهم نواب رئيس الجمهورية الثلاثة: نوري المالكي وإياد علاوي وأسامة النجيفي فضلا عن نواب رئيس الحكومة بهاء الأعرجي وصالح المطلق وروز نوري شاويس.
وتقضي الإصلاحات الجديدة بـ"فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا (...) تتشكل من المختصين، فضلا عن "اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين".
وطالب العبادي مجلس الوزراء بالموافقة على هذه القرارات ودعوة مجلس النواب إلى المصادقة عليها لتمكين رئيس مجلس الوزراء من إجراء الإصلاحات التي دعت إليها المرجعية الدينية العليا، وطالب بها المواطنون في محاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وبالرغم من الضغط الشعبي ودعم السيستاني للعبادي، تبقى جهود الإصلاح في العراق صعبة جدا نتيجة الفساد المستشري في المؤسسات واستفادة كافة الأطراف السياسية منه فعليا.
مباركة سياسية
وأيّدت قوى سياسية في العراق (شيعية وسُنية)، في وقت سابق من اليوم، الأحد، قرارات العبادي الأخيرة، والتي من أهمها إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وفتح ملفات الفساد.
وفي السياق ذاته، أعلنت رئاسة إقليم شمال العراق، الأحد، تأييدها لكافة الخطوات التي تؤدي إلى إجراء إصلاحات وإزالة العقبات في مؤسسات الدولة، بحسب بيان لرئاسة الإقليم.
وأشار البيان إلى أن على عملية الإصلاح مراعاة استحقاقات الإقليم، وحجم مشاركته، بالإضافة إلى بقية المكونات الدينية والقومية، وأن تسير هذه العملية في الإطار الدستوري والسياق الإداري المتفق عليه.
وأيد المبادرة أبرز نواب الرئيس؛ نوري المالكي، الذي حكم البلاد لثمانية أعوام كرئيس للوزراء ويقول منتقدوه إن فترة حكمه هي السبب في كل ما يعاني منه العراق حاليا من انقسام طائفي وفساد ومحسوبية.
وكتب المالكي على حسابه في "تويتر": "نجدد موقفنا الداعم للإصلاحات التي تقتضيها العملية السياسية، والتي وجهت بها المرجعية الدينية العليا السيد رئيس مجلس الوزراء".
وأعرب القيادي السني البارز أسامة النجيفي، النائب الآخر لرئيس الجمهورية، عن
تأييده لهذه الإصلاحات.
بيد أن رئيس الوزراء الأسبق ونائب رئيس البلاد إياد علاوي قدم دعما مشروطا لهذه الإصلاحات.
فبالرغم من ترحيب كتلته "ائتلاف الوطنية" بأي "قرار يؤدي إلى تلبية مطالب شعب العراق، الذي انتفض في المحافظات المختلفة مطالبا بإنهاء الفساد، وإعادة الثروات المنهوبة وتوفير الخدمات"، فإنه حذر مما وصفها بـ"دكتاتورية جديدة".
ودعا العبادي إلى إنهاء توزيع المناصب الحكومية على أسس طائفية وحزبية، وإعادة فتح التحقيقات في قضايا الفساد، إلى جانب "تقليص شامل وفوري في أعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة... ويتم تحويل الفائض إلى وزارتي الدفاع والداخلية، حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم ليقوموا بمهامهم الوطنية في الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين".
لكن بدون موافقة البرلمان، لن يستطيع العبادي تمرير هذه القرارات، خصوصا وأنها تمس العديد من حلفائه في التحالف الوطني (الأحزاب الشيعية).
ويرى مراقبون أن العبادي جاد في سعيه إلى مصالحة بين السنة والشيعة، وهو يعمل جاهدا لحشد دعم سياسي موسع لإجراء إصلاحات ذات مغزى.
تأييد شعبي
واحتشد آلاف العراقيين، الأحد، في أربع محافظات عراقية، تأييدا للإجراءات التي اتخذها رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي"، والرامية لإجراء إصلاحات سياسية، وتحسين للواقع الاقتصادي، ومحاربة للفساد المالي والإداري.
وتجمع إعلاميون وناشطون مدنيون في ساحة التحرير وسط العاصمة "بغداد"، تأييدا لإجراءات العبادي، التي اعتمدها مجلس الوزراء اليوم في جلسته الاستثنائية، ورفعت خلال الوقفة التضامنية لافتات كتب عليها "الشعب فوض العبادي".
وشهدت محافظات "بابل"، و"ميسان"، و"ذي قار" مساء اليوم، وقفات تضامنية لمئات المواطنين، تعبيرا عن تأييدهم لخطوات العبادي الإصلاحية، ووصولا إلى تنفيذ جميع بنود ورقة الإصلاح التي أقرها مجلس الوزراء اليوم.