دافع وزير العمل
اللبناني سجعان قزي عن قراره بإنشاء صندوق خاص لموظفي وزارته من مساهمات المواطنين لتشريع إنجاز معاملاتهم، وأقر بأن المذكرة التي أصدرها بأنها "غير قانونية 100%"، متسائلا في الوقت ذاته: "لكن أي شيء هو شرعي أكثر؟"، في إشارة إلى الأوضاع والأزمات التي تمر بها البلاد بدءا من شغور منصب الرئاسة منذ أكثر من عام وصولا لأزمات النفايات والكهرباء.
وجاء حديث الوزير بعد تسريب وثيقة لقرار صادر عنه نشرتها "
عربي21" الخميس، يقضي بتأسيس صندوق لموظفي الوزارة يُمول من "مساهمات المواطنين اختياريا، الذين يريدون إنجاز معاملاتهم بأقصى سرعة دون انتظار المهل المتبعة لسير المعاملات الإدارية".
اللبناني معتاد على الدفع
وفي مؤتمر صحفي عقده في مكتبه الجمعة قال الوزير: "حددنا رسم 50 ألف (33 دولارا أمريكيا) ليرة لتسريع المعاملات وتوزيع المبلغ على الموظفين منعا للرشى"، مضيفا أن "اللبناني معتاد على الدفع لأن الإدارة اللبنانية علّمت المواطنين أن لا شيء يمر من دون دفع، وأنا اليوم أدفع ثمن جرأتي".
وردا على ما اعتبره ناشطون وإعلاميون شرعنة للرشوة، تسائل الوزير "لمن اعتبر هذه المذكرة تشريعا للرشوة أسألهم هل يريدون أن تبقى الأمور كما هي؟ هل يريدون أن أُبقي الفساد في الوزارات؟ هل يريدون أن تبقى المعاملات رهن السمسرات؟".
غير أن الوزير أكد اتخاذ ما سماها "تدابير إدارية عدة لمراقبة المعاملات، وخلقنا هيبة معينة داخل الوزارة ومراقبة مزدوجة على المعاملات"، مشددا على أن "المذكرة اختيارية، وليست الزامية والخمسين ألف ليرة تدفع في صندوق رسمي في الوزارة مقابل إيصال يثبت دفع المبلغ لمالية الوزارة لتوزع الأموال في ما بعد على الموظفين من المدير العام إلى الحاجب".
الفساد موجود في كل الوزارات
ولفت الوزير الذي ينتمي لحزب الكتائب المسيحي، وأحد مكونات فريق الرابع عشر من آذار بزعامة تيار المستقبل إلى أن "هذا الفساد موجود في كل الوزارت وخصوصا وزارة العمل، والكل يستفيد بشكل غير شرعي، وأنا اليوم أحاول أن أضع حدا لهذا الفساد".
واتهم الوزير من سماهم "بعض الموظفين المتضررين" بتسريب هذه المذكرة، مشيرا إلى أنها ليست الأولى "وأن دولا عديدة اتخذت مذكرات مماثلة، حتى في لبنان الأمن العام اتخذ القرار نفسه لتسهيل أمور الناس".
معالي المرتشي
في المقابل يواصل ناشطون وإعلاميون حملتهم على الوزير لما اعتبروه "تقنينا" للرشوة في بلد يعاني أصلا من مشكلة
الرشوة في غالبية مؤسسات الدولة، حيث أطلقوا في هذا الشأن وسما "هاشتاغ" تحت عنوان "معالي- المرتشي"، سجل بعد ساعة من إطلاق مرتبة أولى على مستوى الـ"trend".
ويقول الإعلامي والناشط أحمد الزين -عن الحملة التي لاقت رواجا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي- إن "من مهمة الوزير وضع حد للرشوة في الوزارت، ومعاقبة من يطلبها، وليس تحديدها بمبلغ مالي هو أقرب للشرعنة القانونية".
ويضيف الزين -وهو من مطلقي الحملة-: "في جميع مؤسسات الدولة توجد الرشوة، ولكنها تبقى بشكل مخفي ومن تحت الطاولة، غير أن ما قام به الوزير هو شرعنتها بطريقة رسمية".
ويحذر الزين من أن هذا الإجراء سيؤدي إلى "تأخير المعاملات غير المعتمدة على الرشوة أكثر من ذي قبل لإجبار المواطن على دفع المبلغ المحدد، علما أن رواتب موظفي الدولة مرتفعة، وهو ما سيضاعف مدخرلهم على حساب المواطنين".
وبسخرية يتسائل الناشط الزين: "ما دام أن وزير العمل قام بإضفاء الشرعية على الرشوة، فلماذا لا يشرعن وزير الداخلية السرقة أو الدعارة، أو لماذا لا يشرعن وزير البيئة تعاطي الحشيش والمخدرات؟".
يذكر أن المادة رقم 351 من قانون العقوبات اللبناني تنص على أن كلّ موظّف وكل شخص نُدب إلى خدمة عامة سواء بالانتخاب أو بالتعيين، وكل امرئ كُلف بمهمة رسميّة كالحكم والخبير، التمس أو قبل لنفسه أو لغيره هديّة أو وعدا أو أي منفعة أخرى ليقوم بعمل شرعي من أعمال وظيفته، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة أقلّها ضعفا قيمة ما أخذ أو قبل به".