كتاب عربي 21

قلق أوروبا على ربيبتها

1300x600
الدول الغربية تدعم حزب العمال الكردستاني منذ تأسيسه، على الرغم من تصنيفه كمنظمة إرهابية، وتسمح له على أراضيها بممارسة الأنشطة السياسية والتجارية والاجتماعية والثقافية وجمع التبرعات من الجالية الكردية المهاجرة. وتنتشر في عواصم ألمانيا وفرنسا وبلجيكا والسويد وغيرها من الدول الأوروبية جمعيات ومؤسسات تابعة لحزب العمال الكردستاني تعمل بكل حرية. وبالإضافة إلى ذلك، تقدم الحكومات الأوروبية إلى حزب العمال الكردستاني جميع أنواع الدعم السياسي والإعلامي والعسكري والاستخباراتي. وكان الأكراد الانفصاليون دائما محل اهتمام السياسيين والناشطين الأوروبيين، إلى درجة أن دنييل ميتيران، زوجة الرئيس الفرنسي الأسبق فرنسوا ميتران، كانت تسمى "أم الأكراد".

المفوض الأوروبي لشؤون التوسيع يوهانس هان خلال حديثه مع الوزير التركي للشؤون الأوروبية وولكان بوزكير أكَّد أن "الاتحاد الأوروبي يعترف بحق تركيا في منع أي شكل من أشكال الإرهاب الذي يستوجب الإدانة بدون لبس والرد عليه"، ولكنه أضاف قائلا: "غير أن الرد يجب أن يكون متكافئا ومحدد الهدف ويجب ألا يشكل في أي من الأحوال خطرا على الحوار السياسي الديمقراطي في البلاد".

تصريحات يوهانس هان تشير إلى أن الدول الأوروبية قلقة على حزب العمال الكردستاني ومستاءة من العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش التركي ضد معسكراته في شمال العراق، ولكنها لا تستطيع أن تنكر حق تركيا في الرد على الهجمات الإرهابية ولا تستطيع أن تعبر عن استيائها مباشرة، وبالتالي تفضِّل أن تبعث رسائل معلبة من خلال مثل هذه التصريحات.

المسؤول الأوروبي لم يشرح في تصريحاته ما هو "الرد المتكافئ" للهجمات الإرهابية التي يقوم بها حزب العمال الكردستاني منذ أن أعلن إنهاء وقف إطلاق النار من قتل وحرق وخطف وتفجير، وماذا كان رد الدول الأوروبية لو كانت هذه الهجمات الإرهابية وقعت في إحدى الدول الأوروبية.

الحوار السياسي الديمقراطي الذي أشار إليه يوهانس هان في حديثه مع الوزير التركي كان قائما منذ أن أطلقت الحكومة التركية عملية السلام الداخلي للوصول إلى حل سلمي للمشكلة الكردية، ولكنه انتهى بسبب تعنت حزب العمال الكردستاني. وعلى الرغم من عدم التزامه بما تم الاتفاق عليه وعدم سحب مقاتليه من الأراضي التركية، لم ترد قوات الأمن التركية على حزب العمال الكردستاني، حتى يعلن الحرب على تركيا ويقوم بعمليات إرهابية تستهدف الجنود ورجال الأمن والمواطنين والممتلكات العامة والخاصة. 

وبالتأكيد سيعود ذلك الحوار إلى الواجهة مع إنهاء حزب العمال الكردستاني عملياته الإرهابية وإلقاء سلاحه، ولكن حزب العمال الكردستاني يريد أن يجري هذا الحوار تحت تهديد سلاحه ليملي شروطه ويمارس الابتزاز متى يشاء وكيف يشاء.

الأحزاب السياسية التركية جميعها، باستثناء حزب الشعوب الديمقراطي الذي يعتبر الذراع السياسي لحزب العمال الكردستاني، تدعم العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش التركي ضد المنظمات الإرهابية وتشدد على ضرورة سحب حزب العمال الكردستاني مقاتليه من الأراضي التركية. 

وبعد لقاء جمع الثلاثاء وفد حزب الشعوب الديمقراطي برئاسة صلاح الدين دميرتاش ورئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كلتشدار أوغلو وبعض أقطاب حزبه، أكد أنغين آلتاي، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري أن حزب العمال الكردستاني يجب أن يلقي سلاحه، مشيرا إلى أن سلاح حزب العمال الكردستاني موجَّه إلى إرادة السلام التي أفرزتها صناديق الاقتراع في السابع من يونيو / حزيران الماضي. وأما إدريس بايولكين، نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعوب الديمقراطي فاتهم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية بفرض الحرب ودعا إلى وقف إطلاق النار وإنهاء العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش التركي.

الفرق بين ما يدعو إليه حزب الشعب الجمهوري، ومعه الأحزاب السياسية الأخرى، وما يطالب به حزب الشعوب الديمقراطي واضح كوضوح الشمس. فالأول يدعو إلى إلقاء السلاح وإخراجه من المعادلة نهائيا وأما الثاني فيريد فقط وقف العمليات العسكرية في مقابل وقف الهجمات الإرهابية مع بقاء سلاح حزب العمال الكردستاني ومقاتليه في الأراضي التركية لاستخدامهم وقت الحاجة للقيام بعمليات إرهابية.

كان الأولى للاتحاد الأوروبي أن يقف إلى جانب إرادة الشعب التركي المتمثلة في موقف معظم الأحزاب السياسية ويدعو حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح، بدلا من إطلاق تصريحات توحي بأنه يساوي بين الحكومة المنتخبة والمنظمة الإرهابية ويراهما كطرفين ومتساويين، إلا إذا كان من معايير الاتحاد الأوروبي السماح للأحزاب بدعم العمليات الإرهابية وممارسة العمل السياسي تحت حماية أجنحتها العسكرية.