قال القيادي في "صحوات"
الكرمة بشمال شرق مدينة
الفلوجة، كريم اللهيبي، إن "معركة الكرمة باتت اليوم معركة مصيرية، واستعادتها تمثل أول خطوة لاستعادة
الأنبار، على عكس ما يصوره قادة
الحشد الشعبي الذين يتعاملون مع معارك الأنبار بمبدأ الثأر من الفلوجة"، والانتقام من "أنصار يزيد" على حد تعبيره.
وأضاف اللهيبي لـ"
عربي21" أن "سبب فشل المعارك؛ أن الحشد الشعبي صدّر نفسه للقيادة، وبدأ يقرر المعارك وموعد كل هجوم، على الرغم من أن قادته لا يمتلكون أي خبرة عسكرية"، مدللا على ذلك بـ"أن كل معارك الحشد الشعبي في الأنبار؛ فشلت فشلا ذريعا ومخزيا".
وتابع: "نحن في الصحوات؛ بقلة إمكاناتنا نحقق بعض التقدم أحيانا، ثم ما نلبث أن ننسحب لعلمنا بأساليب التنظيم، أما الحشد فمنذ مشاركته في معارك الكرمة قبل ما يقارب السنة، وحتى الآن؛ خسر مئات المقاتلين؛ لأن مقاتليه يتقدمون بأعداد كبيرة، ودائما تكون كمائن التنظيم بانتظارهم، وتتم إبادتهم، وهذا الأمر تكرر لأكثر من مرة، وقد نبهت قادة الحشد لهذا الأمر؛ فتم اعتقالي وإهانتي بحجة التعاطف مع الإرهاب".
وعن طبيعة معارك الكرمة ومن يقودها؛ قال اللهيبي إنه "لا توجد قيادة واحدة لهذه المعارك، فالشرطة والجيش والحشد؛ كل طرف منهم يرفض أن يكون تحت قيادة الآخر"، مضيفا أنه "بالرغم من امتلاك الأجهزة الأمنية أعدادا هائلة من المقاتلين، وتسليحا متقدما؛ فإننا لم نستطع تحقيق أي تقدم بسبب وجود أكثر من قيادة".
وأشار إلى أن كثيرا من مقاتلي الصحوات انسحبوا من المعارك، وسلّم كثيرون منهم أيضا أنفسهم لتنظيم الدولة مستفيدين من العفو الذي أطلقه التنظيم، "وذلك بعد أن رأوا قصف الحشد الشعبي العشوائي على المدنيين"، مؤكدا أن "قوات الحشد لا تقاتل
تنظيم الدولة فقط، وإنما تهدف إلى الانتقام من أهلنا في الكرمة، ومن يعترض على قصفها؛ يُتهم بأنه متعاطف مع الإرهاب، ويتم اعتقاله وإهانته".
وأضاف: "قبل ما يقارب أسبوع؛ وصلت تعزيزات لمقاتلي الحشد من لواء أبي الفضل العباس، وبعد أن وصل الجنود بلباسهم المدني؛ بدأوا يسألون: في أي منطقة نحن؟ فلما علموا أنهم في الكرمة؛ رفضوا النزول، وقالوا نحن تطوعنا للتدريب في مطار المثنى؛ فكيف نأتي للقتال بدون تدريب؟ وقرروا الانسحاب، فتم اعتقالهم والتوجه بهم إلى بغداد".
وخلص اللهيبي إلى القول بأن "هذه هي حقيقة الخسارة للكثير من المعارك، وهكذا تحدث المجازر بمقاتلين يتم الزج بهم في معارك بلا تدريب، بل يتم إبلاغهم بأنهم يقاتلون أنصار يزيد، وأن الجنة بانتظارهم"، مؤكدا أن قوات الجيش والحشد الشعبي "لن تستطيع طرد تنظيم الدولة من الكرمة، وفق المعطيات الموجودة على أرض الواقع".
ويتمتع قضاء الكرمة بأهمية استراتيجية، كونه يشكل خط تواصل جغرافي مع مناطق في شمال غرب بغداد، كمنطقة الشعلة ذات الغالبية الشيعية.
ويذكر أن القضاء التابع لما بات يُعرف بـ"ولاية الفلوجة"، ضمن التقسيم الإداري لتنظيم الدولة؛ يُعد أحد الخطوط المهمة في الدفاع عن محافظة الأنبار، وخط الدفاع الأول من الجهة الشمالية الشرقية للفلوجة التي تُعد أحد أبرز معاقل التنظيم، وأول مدينة سيطر عليها في الأسبوع الأول من 2014.
ويصف مراقبون معارك الكرمة المستمرة منذ أكثر من سنة ونصف، بأنها "الأعنف قرب بغداد"، حيث فقدها
الجيش العراقي، ولم يتمكن من استعادتها حتى هذه اللحظة، وبعد تدخل مليشيات الحشد الشعبي؛ جعلت هذه القوات جل تركيزها على استعادة الكرمة، وفصل الفلوجة عن شمال بغداد ومحافظة صلاح الدين، عن طريق الصحراء غرب المحافظة، لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل، وتمكن تنظيم الدولة من الدفاع عن الكرمة، وتكبيد الحشد الشعبي والجيش العراقي المدعومين بقوات الشرطة وعدد قليل من مقاتلي العشائر، خسائر فادحة، رغم إسناد طيران التحالف الدولي.