نشرت صحيفة "إندبندنت" البريطانية تقريرا لمراسلها أليستير داوبر، حول مدى صعوبة الأوضاع الإنسانية في
اليمن، التي تجلت عند بدء هدنة إنسانية لمدة خمسة أيام، للسماح للفرق الإنسانية بالوصول إلى أسوأ الأماكن تضررا، مشيرا إلى أن الهدنة قد تصدعت خلال دقائق من بدئها بتبادل للقصف المدفعي.
ويشير التقرير إلى أن الرقم الصادم لعدد المحتاجين إلى الغذاء جاء من مؤسسة "
أوكسفام"، التي قالت إنه منذ أن بدأت الحملة الجوية بقيادة
السعودية في شهر آذار/ مارس، فإن هناك 25 ألف شخص جدد يفتقدون الغذاء والأساسيات، وهذا يعني أن نصف عدد سكان اليمن البالغ عددهم 13 مليونا يواجهون نقصا حادا في الغذاء. وبحسب المؤسسة الخيرية، فإن القتال أدى إلى مأساة إنسانية تهدد بوجود أكبر عدد من الجائعين في التاريخ.
ويوضح الكاتب أن الصراع بين القوات السنية، التي تدعمها السعودية وحلفاؤها من جهة، والثوار الحوثيين الشيعة من جهة أخرى، بدأ بحملة جوية شنتها السعودية في 25 آذار/ مارس الماضي. وتقاتل السعودية وحلفاؤها في الخليج لدعم الرئيس عبد ربه منصور
هادي.
وتلفت الصحيفة إلى أنه تم إخراج هادي من صنعاء في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي على يد الحوثيين، الذين تدعمهم إيران. ويهدف
الحوثيون إلى إعادة الرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي أطيح به خلال الفصل اليمني من الثورات العربية عام 2012.
وينقل التقرير عن وزير الدولة لشؤون الدفاع البريطاني إيزل هاو قوله إن المملكة المتحدة تمد السعودية بالسلاح الذي تستخدمه في اليمن. ويضيف: "لا نشارك بشكل مباشر في العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، ولكن نقدم الدعم الفني والأسلحة الموجهة بدقة، ونتبادل المعلومات مع القوات السعودية، من خلال ترتيبات قائمة بيننا".
ويتابع هاو: "لدينا عدد صغير من ضباط الارتباط في السعودية، وفي مراكز قيادة الطيران والبحرية للتحالف. وهذا يتضمن أشخاصا في مركز تنسيق التحالف البحري في المنطقة، الذي يدعم إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن"، بحسب الصحيفة.
ويفيد داوبر بأنه يعتقد أن الأسلحة هي عبارة عن قنابل من نوع بيفوي 4 زنة 500 رطل، التي كانت أصلا سترسل إلى الطيران الملكي البريطاني، ولكنها أرسلت إلى السعوديين لتستخدم ضد أهداف في اليمن. لافتا إلى أنه قد تم تحويل هذه الدفعة للتأكد من حصول السعوديين على ما يحتاجونه من القنابل للاستمرار في طلعاتهم.
ويورد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، ما قاله المتحدث باسم وزارة الدفاع أمس: "ليس هناك عسكريون بريطانيون مشاركون بشكل مباشر في العمليات السعودية في اليمن". وأشارت إدارة التنمية الدولية إلى أن المملكة المتحدة قدمت 55 مليون جنيه مساعدات لليمن.
وتذكر الصحيفة أن التحالف السعودي لم يحقق تقدما كبيرا، مبينة أنه كلما طال الصراع والحصار السعودي في اليمن زاد عدد الناس المهددين بنقص الغذاء.
وينقل الكاتب عن مدير مكتب "أوكسفام" في اليمن فيليب كليرك قوله: "ما دام الطرفان المتحاربان مستمرين في تجاهل دعوات وقف إطلاق النار، فإن العائلة العادية تفكر في وجبتها القادمة، إن هي نجت من القنابل، حيث أن الطعام لديهم بدأ ينفد"، مبينا أنه قد ذهب ضحية القتال 3700 شخص إلى الآن، بحسب أرقام الأمم المتحدة، بينهم 1700 من المدنيين.
ويستدرك التقرير بأنه بالنسبة لأولئك الناجين، فإن الوضع يتحول بسرعة إلى وضع لا يحتمل، حيث هناك شح في الغذاء والماء والدواء والسكن.
وتنقل الصحيفة عن أم أسامة، وهي أرملة تعيل ستة أطفال في تعز، وهي مدينة على بعد 70 ميلا من عدن في غرب البلاد، قولها: "كنا ننتظر رمضان طيلة العام، فهو أفضل الأشهر، حيث يقوم إخوتي والتجار الآخرون بتقديم غذاء لنا يكفينا لستة أشهر. ولكن هذا العام تأثر الجميع بالصراع، فلا فرق بين غني وفقير. والآن ليس عندنا مأوى، فبيتنا دمره الطيران، وليس لدينا غذاء كاف، ولا حتى لليلة واحدة. وقد قتل ابني الكبير أسامة، الذي كان يرعى الأسرة كلها".
وينوه الكاتب إلى أنه على الرغم من تحديد منتصف ليل الأحد الماضي موعدا لبدء وقف لإطلاق النار لمدة خمسة أيام؛ لتمكين المؤسسات الخيرية من إدخال المساعدات الضرورية، إلا أن القتال الشرس قد استمر في أنحاء البلاد جميعها.
ويذكر التقرير أن الحوثيين قالوا في بيان لهم إنهم أطلقوا قذائف على مواقع عسكرية سعودية في منطقة جازان، بينما قال الإعلام السعودي إنه قد تم الرد على الهجوم. وفي منطقة صبر القريبة، التي تعد ممرا مهما للإمدادات، كانت هناك تقارير عن اشتباكات قوية بين الجانبين، وقد قال شهود عيان لوكالة الأنباء "أسوشيتد برس" إن جثث القتلى موجودة في الشوارع.
وتورد الصحيفة ما قاله المهندس الكهربائي من منطقة الخميس في محافظة عمران سعيد سعد الأنيسي بأن الحرب اضطرته وعائلته للعيش دون مأوى: "لم ننزح رغبة بالنزوح، ولكننا اضطررنا إلى ذلك، نحن منهكون، إننا بلا مأوى".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن اليمن كانت أفقر بلدان الشرق الأوسط حتى قبل الحرب الأهلية، وكانت نسبة سوء التغذية فيها هي ثاني أعلى نسبة عالميا. واليوم في منطقة صعدة في شمال اليمن تحذر "أوكسفام" من أن 80% من السكان، حوالي 670 ألف شخص، يعانون من الجوع، بينهم 50% في وضع حرج.