ليس من صورة معبّرة عن حال
لبنان أفضل من صورة "
حزب الله" الذي صار منوطا به إيجاد معادلة يتعايش فيها لبنان بين طموح العماد عون إلى رئاسة الجمهورية وبين طموح لبنان إلى استمرار الحكومة في العمل لتسيير شؤون البلاد في ظل أزمات أكثرها تعقيدا شغور منصب رئاسة الجمهورية.
ولكي يدرك المرء معنى هذا الواقع عليه أن يخرج رأسه من النفايات التي يجري دفن رأس البلاد فيها لكي يشاهد ما يدور من حول الوطن؟ فمن الزبداني، المنطقة السورية الجميلة، التي يجهد الحزب مع براميل الأسد إلى تحويلها إلى ركام، إلى عدن حيث يندب ولي الفقيه الإيراني مصير مشروعه في باب المندب اليمني هناك هلال مشروع سيطرة ملالي إيران يتآكل ليبزغ بدلا منه بدر شعوب تتوق إلى الحياة حتى ولو كان هذا التوق يلبس قميص اتفاق نووي. وليس من ضير تكرار القول إن الضاحية الجنوبية لبيروت كانت غارقة في الحزن عندما كانت طهران تنفجر فرحا بتوقيع
النووي فامتلأت شوارع العاصمة الإيرانية بالألوان فلم يشاهد بينها عباءة سوداء.
من وراء دخان حرائق نفايات لبنان وروائحها الحكومية والرئاسية يتبيّن أن مصير لبنان حتى إشعار آخر سيكون مكبا لنتائج مرحلة ما بعد النووي. فلا رئيس جديد للجمهورية ولا من يحزنون، بل فقط هناك إدارة للفراغ ولو بالحد الأدنى. من هنا نفهم لماذا ينطق أهل "حزب الله" في لبنان بمواعظ التهدئة فيما هم يرغون ويزبدون من سوريا إلى اليمن. وكي لا نخدش حياء من يؤمنون بمقولة "نيال من له مرقد عنزة في لبنان" نحيلهم فقط إلى بعض من تاريخ هذه البلاد التي استحقت خلاله بألقاب من نوع "وكر الجواسيس" و"كرخانة الشرق" و"ملجأ الفاشلين في الانقلابات" وغيرها. ونضيف عليها اليوم "ملاذا لآل الأسد وعشيرة علي عبدالله صالح وذوي الزعيم الحوثي".
عندما يراد أن تكون للبنان وظائف على قياس هذه الألقاب يبدو صراخ ذوي النيات الحسنة مثيرا للضحك والشفقة لأنهم يا أبتاه يجهلون ما يتمنون. فعلى من يقرأ هؤلاء مزاميرهم عندما ينادون بالشفافية فيما هناك طبقة سياسية بأمها وأبيها تنهش كعكة مغانم حتى ولو كانت من النفايات؟ كيف تقول لـ"حزب الله" توقف عن سفك الدماء في سوريا فيما دولة لبنان بأمها وأبيها سيرك للفرجة واللهو يسمح لـ"حزب الله" أن يتصرف على أساس أن هذه البلاد بلا بواب؟
سنسلم جدلا بموعظة "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"... كما سنسلم جدلا بأن تبييض الأموال مضافا إليها بما يجود به الحرس الثوري الإيراني على جنوده في لبنان يتكفل بمؤونة من قالوا أنهم جنود في جيش ولي الفقيه. لكن نحاول فلا نستطيع أن نسلّم جدلا بهذه اللامبالاة المخيفة التي يتم التعامل بها مع متاعب تيار "المستقبل" الذي ما زال حتى الآن آخر حصون الاعتدال في لبنان. أين الوليّ؟
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)