نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية حوارا مع
مصطفى الهوني، النائب السابق لرئيس
المجلس الوطني الانتقالي الليبي، تناولت فيه الوضع المتأزم في
ليبيا، وبحثت في أسباب هذه الحرب الأهلية التي مزقت البلاد، ومكنت
تنظيم الدولة من التموقع في البلاد والسيطرة على سرت.
وعرضت الصحيفة في هذا الحوار، الذي ترجمته "
عربي 21"، مجموعة من الحلول الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، اعتبرها الهوني ضرورية للنهوض بواقع ليبيا ومساعدتها على تخطي الأزمة التي تعصف بها.
وقالت لاكروا إن ليبيا تعيش حالة من الانقسام والفوضى منذ سقوط "الدكتاتور" معمر القذافي؛ وهو ما يسر دخول تنظيم الدولة وتفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية، ما حفز العديد من الدول الأوروبية المتضررة من هذه الظاهرة، على السعي لمصالحة الأطراف المتنازعة، على أمل أن تستعيد الدولة الليبية عافيتها وقدرتها عل التعاون الأمني في مسائل الهجرة والإرهاب.
وأكد مصطفى الهوني، المتخصص في القضايا الاقتصادية والبترولية، على ضرورة تقديم حلول ناجعة وعملية للشباب الليبي، حيث أن ضيق الأفق وانعدام الفرص يجعلهم فريسة سهلة في أيدي المليشيات، وهو ما يتطلب "التزاما دوليا ودعما خاصا"، حسب تعبيره.
وأشار إلى ارتباط زعماء المليشيات بحرب الوكالة التي تخوضها بلدان المنطقة في الأراضي الليبية، التي يعاني غربها الانقسامات القبلية، في حين يعاني شرقها من العداوة القائمة بين درنة وبنغازي، بينما يسعى أهل الجنوب والوسط لإيجاد أرضية مشتركة للعمل معا.
ونقلت "لاكروا" تحذيره من مغبة هذه الانقسامات، وتأكيده على ضرورة التوحد ونبذ الخلافات، مع بروز تنظيم الدولة في المشهد، وتمتعه بوضع مريح في مدينة سرت إثر نيله دعم قبيلة معمر القذافي.
على الصعيد الاقتصادي، لفت الهوني الذي كان قد شغل منصب مستشار لدى شركات إسبانية وبريطانية، إلى ضرورة إنعاش قطاع النفط، معتبرا هذا الشرط أساسيا لإعادة التوازن إلى ليبيا، على اعتبار أن اقتصادها يعتمد كليا على العائدات النفطية.
وفي السياق ذاته، نقلت "لاكروا" عن النائب السابق لرئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، تدهور الإنتاج اليومي الذي كان يتراوح بين 1.2 و3 ملايين برميل نفط في اليوم سنة 2012، مقابل ما بين 250 إلى 500 ألفا اليوم، بسبب انعدام الأمن والاستقرار.
وقال الهوني إن هذا التراجع الحاد في قطاع البترول قد أفضى إلى تدهور الاقتصاد الليبي برمته، مما أدى إلى حرمان الموظفين من أجورهم طيلة الثلاثة أشهر الماضية.
وصرح للصحيفة بأنه يسعى لتنظيم مؤتمر وطني في القاهرة أو تونس، مع حلول أيلول/ سبتمبر أو تشرين الأول/ أكتوبر المقبلين، للمساهمة في توحيد الأطراف المتنازعة، معربا عن استعداده لتنسيق الجهود مع الأمم المتحدة إن رغبت في ذلك.
ونفى الهوني للصحيفة، أن تواجده في المشهد السياسي يمثل خطرا على أي من القبائل الكبرى، مؤكدا على عدم تمتعه بأي دعم خارجي "إلى حد الآن"، ومشيرا إلى خبرته التي اكتسبها من خلال نشاطه السابق ضمن عدة مؤسسات انتقالية. كما ذكر بتجاهل فرنسا للمسألة الليبية، مقابل اهتمام بريطانيا وإيطاليا بها.
ونقلت لاكروا رغبته في أن يكون طرفا ثالثا في الصراع بين الشق المحسوب على "الإسلاميين" والمعسكر "الغربي"، حيث يرى أن الحل يكمن في تبني سياسة تثمن دور الدين في الشؤون العامة، وتضمن استقلال الدولة وسيادتها.
من جهة أخرى، أشار الهوني إلى الاختلاف الهيكلي بين مصر وليبيا؛ ففي حين تتميز مصر بتاريخها كدولة ذات كيان محكم التنظيم، تتكون ليبيا من أراض ممتدة من الشرق إلى الغرب، ومن الجنوب إلى الشمال، يقطنها تجار براغماتيون، بعيدون كل البعد عن المسائل التنظيرية.
وقالت الصحيفة إن الهوني يعتقد في ضرورة تبني سياسة تشمل كل الفاعلين في المشهد الليبي، بمن فيهم موظفو الدولة في عهد القذافي، حيث أكد على أن 95 بالمائة من الشعب الليبي كان يعمل لصالحه. غير أن ذلك لا ينفي ضرورة محاسبة الفاسدين و"المجرمين"، و"إبعادهم عن الساحة لمدة من الزمن"، حسب تعبيره.
وفي الختام، صرح الهوني للصحيفة، بأنه يرفض أن يكون لسيف الإسلام القذافي أي دور في هذه المرحلة على الأقل، على اعتبار تخليه عن المسار الإصلاحي في المجال السياسي، ليلتحق بركب والده ويتبنى السياسات نفسها.