يبدو أن الحصانة التي يتمتع بها نائب رئيس الجمهورية الحالي
نوري المالكي؛ لم تمنع لجانا برلمانية من فتح
تحقيق بصفقات أسلحة أبرمتها حكومته السابقة، والتعهد بإحالة ملف التحقيق إلى القضاء، في حال ثبت وجود أدلة
فساد.
ومن أبرز تلك الملفات؛ عقود شراء طائرات من روسيا والتشيك، أبرمت العام الماضي، وأشرف المالكي على توقيعها، بمشاركة وزير الدفاع آنذاك سعدون الدليمي، وعدد من قادة الجيش
العراقي.
يقول نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب حامد المطلك، إن الحكومة السابقة وقعت مع روسيا في عام 2012 صفقة لتزويد العراق بـ80 طائرة من طراز "مي28" و"مي35"، تسلم العراق منها أربع طائرات حتى الآن، بالإضافة إلى تزويده بـ15 طائرة من نوع "سوخوي"، لم يتسلم منها سوى 10 طائرات، مشيرا إلى أنه "بالرغم من ذلك؛ فقد تم تجديد العقد مرة أخرى في العام الماضي".
وأضاف المطلك لـ"
عربي21" أن المعلومات المتوفرة لديه تشير إلى أن الطائرات
الروسية تأخر تسليمها للعراق بحجة عدم تسلم المبالغ الكافية، على الرغم من أن الحكومة العراقية في ذلك الوقت كانت تملك تلك المبالغ، متسائلا: "أين ذهبت تلك المليارات من الدولارات؟".
وتطرق المطلك إلى عقد صفقة شراء طائرات "L159" مع جمهورية التشيك، بقيمة تتجاوز 200 مليون دولار، لافتا إلى أن تاريخ تصنيع تلك الطائرات يعود إلى التسعينيات، الأمر الذي اضطر الحكومة
التشيكية إلى فتح مصانع كانت مغلقة لإعادة إنتاج تلك الطائرات بالمواصفات ذاتها، إلا أن ذلك "حقق لها أرباحا خيالية على حساب العراقيين".
من جهته؛ قال رئيس لجنة الأمن والدفاع حاكم الزاملي، إننا لا نعرف الكثير عن العقود التي أبرمتها الحكومة السابقة، حتى إن لجنتي الأمن البرلمانية السابقة والحالية؛ لم يصلها أي تفاصيل دقيقة بشأن تلك العقود "بحجة المحافظة على أسرار الدولة".
وأضاف لـ"
عربي21": "اقتصرت المعلومات التي حصّلناها على مواعيد التسليم والكميات، أما عقود الشراء وكيف تمّت والمبالغ المطلوبة وطرق التسليم ونوعية تلك الطائرات وقدراتها وسنوات تصنيعها، فلم نعرف عنها شيئا من السلطات التنفيذية، كالحكومة أو وزارة الدفاع، وإنما حصلنا عليها من مصادرنا الخاصة، ما دعانا إلى فتح تحقيق عاجل بشأنها لمعرفة مصير تلك الطائرات، بالإضافة إلى مليارات الدولارات التي أهدرت".
وتابع: "اتفقت لجنة النزاهة في مجلس النواب العراقي، مع لجنة الأمن والدفاع، على تشكيل لجنة مصغرة للتحقيق في تلك الملفات بشكل حازم، وعدم التستر عليها".
وقال رئيس لجنة النزاهة في مجلس النواب، طلال خضير الزوبعي، إن اللجنة بدأت أعمالها بداية الشهر الحالي، وقد أرسلت استفسارا رسميا لوزارة الدفاع بشأن صفقة الطائرات والأسلحة، باعتبارها المسؤولة حاليا عن تلك الصفقات، وخاصة بعد حل مكتب القائد العام للقوات المسلحة من قبل
رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.
وأوضح الزوبعي لـ"
عربي21" أن الوزارة تمتنع عن تزويد اللجنة بتفاصيل عقود التسليح، مشيرا إلى أنها "تجري العديد من التعاقدات بالدعوة المباشرة للشركات، من دون إجراء مناقصات أو دعوة اللجان الرقابية في مجلس النواب للاطلاع عليها، ما يفتح أبوابا كثيرة للفساد".
وقال الخبير في الشؤون العسكرية، اللواء المتقاعد منير حمزة، إن "عمليات الفساد التي وقعت في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، والخاصة بصفقات الأسلحة؛ انعكست على الواقع الأمني في العراق، ومنحت فرصة للمجاميع الإرهابية بأن تتقدم بسهولة في عدة مناطق؛ بسبب ضعف المنظومة العسكرية التي تسببت بها تلك الصفقات".
وأضاف حمزة لـ"
عربي21" أن المبالغ التي صرفت على
صفقات الأسلحة الروسية والتشيكية حتى الآن؛ تجاوزت الـ32 مليار دولار، مشيرا إلى أنه "لو تم استخدام هذه الأموال الطائلة بشكل صحيح؛ لانقلب الوضع في المناطق التي تشهد حاليا عمليات مسلحة بين القوات العراقية وبين تنظيم الدولة".