نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا لمراسلتها في القاهرة كريستين ماكتيغي، حول نية الحكومة الموافقة على مشروع قانون مكافحة
الإرهاب المثير للجدل، الذي سيعطي الشرطة سلطات أوسع، ويسرع من إجراءات المحاكم، ويفرض السجن على الصحافيين الذين تختلف روايتهم عن رواية الحكومة.
ويشير التقرير إلى أن مشروع القانون الجديد يأتي في أعقاب الهجمات الإرهابية التي هزت النظام. وبحسب الحكومة، فإن القانون يهدف إلى مكافحة العنف، الذي أصاب البلاد بعد الإطاحة بالرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي.
وتستدرك الكاتبة بأن القانون قد أثار احتجاجات ناشطي حقوق الإنسان والصحافيين وكبار القضاة، الذين يقولون إن القانون يخفق في مكافحة الإرهاب بشكل فعال، ويحد من حرية التعبير وحقوق الإنسان.
وتلفت الصحيفة إلى أن 17 جمعية مجتمع مدني قد شجبت في بيان مشترك أصدرته الثلاثاء الماضي مشروع القانون، وقالت: "نخشى أن إستراتيجية الدولة في مواجهة التطرف العنيف قد تؤدي إلى تفاقمه، لأنها تعتمد على سد المنافذ الشرعية للتعبير عن الرأي".
وأضاف البيان: "مثل هذا المشروع يجعلنا نخشى تواصل الانهيار المزري لركائز دولة القانون".
ويذكر التقرير أنه قد تم تمرير مسودة القانون في اليوم ذاته، الذي قام فيه المسلحون المرتبطون بتنظيم الدولة بهجوم كبير في بلدة الشيخ زويد، بعد اغتيال المدعي العام هشام بركات في منطقة راقية من مناطق القاهرة.
وتبين الكاتبة أنه تم تسريب نسخة من القانون للإعلام
المصري، وقد أكدت الحكومة المصرية ومصادر قضائية محتوياته. مشيرة إلى أنه بالرغم من موافقة الحكومة على المسودة، إلا أن مجلس القضاء الأعلى أبدى تحفظات عليها وأعادها للتعديل.
وتورد الصحيفة أن الحكومة تلقي باللائمة في ازدياد العنف في أنحاء البلاد على عملية القضاء البطيئة، وقد اتهمت الإعلام بالإضرار بالروح المعنوية بالبلاد. بينما يقول الناقدون إن سياسة النظام الأمنية تغذي الاضطرابات.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن مشروع القانون يوسع تعريف الإرهاب، وأنواع الجرائم التي تعرض مرتكبها للإعدام. ويقضي بتعيين محاكم خاصة للإرهاب، وتقصير فترة الاستئناف المسموح بها، لافتا إلى أن هذه تغييرات انتقدها المجلس الأعلى للقضاء.
وتنقل ماكتيغي عن مدير المفوضية المصرية للحقوق والحريات محمد لطفي، قوله: "إنهم يستغلون الوضع، ويعتقدون أنه بوضع المزيد من القوانين القاسية، وبالمزيد من القمع يمكن مكافحة الإرهاب، ولكن هذا غير صحيح".
وتكشف الصحيفة عن خلاف ثار حول المادة (33) من مشروع القانون، التي تنص على أن نشر أخبار أو معلومات عن هجمات تتعارض مع البيانات الرسمية جريمة يعاقب عليها بالسجن لمدة سنتين على الأقل.
وينوه التقرير إلى أن السلطات الحكومية قد اتهمت الإعلام الأجنبي بتعمد نشر أرقام مختلفة عن البيانات الرسمية؛ بقصد إيذاء "معنويات الشعب المصري". وقالت نقابة الصحافيين المصريين في بيان لها الإثنين: "جاء مشروع القانون، الذى أعلنت عنه الحكومة منذ يومين، ليعيد من جديد القيود التى ناضلت الجماعة الصحافية لإلغائها عبر عقود من تاريخها، وتم تتويج هذا النضال بنصوص دستور 2014".
وتنقل الكاتبة عن منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة حماية الصحافيين شريف منصور، قوله: "إن من حق الشعب أن يعرف ما هي المخاطر الأمنية، وكيف تقوم الحكومة بالتعامل معها، وبدلا من أن تحتكر الحكومة المعلومات، يجب عليها العمل بحسب مسؤوليتها، عن طريق تقديم المزيد من المعلومات، وتسمح للمعلومات المستقلة والتقارير أن تصل إلى الجمهور حول ما يحصل لمواجهة الخطر".
وتورد الصحيفة أن رئيس الوزراء إبراهيم محلب قال ردا على غضبة الصحافيين على محطة تلفزيون خاصة إن الحكومة ستناقش الانتقادات الموجهة للمادة (33) من مشروع القانون عندما تجتمع الأربعاء. مستدركة بأن السلطات لم تتأثر بالانتقادات، وتنكر أن يكون القانون ينتهك حقوق الإنسان. وقد قال وزير الخارجية سامح شكري للإعلام الأجنبي خلال عطلة نهاية الأسبوع: "الإرهاب إرهاب، وسيتم التعامل معه".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن شكري تساءل في إشارة لقانون المواطنة الأمريكي: "هل تأكدتم من أي شيء في القانون قد ينتهك حقوق الإنسان؟، أم أنه توقع لأننا لم نسمه مثلا قانون المواطنة؟ هل لأننا سميناه قانون الإرهاب، وليس قانون الدفاع الوطني أو شيء من هذا القبيل؟".