أقرت الحكومة
المصرية قانونا جديدا لمكافحة
الإرهاب تضمن العديد من البنود التي أضافت قيودا غير مسبوقة على حرية التعبير عن الرأي وتداول المعلومات.
وكان مجلس الوزراء قد وافق في اجتماعه، الأربعاء الماضي، على مشروع القانون، ومن المتوقع أن يتم إصداره من جانب قائد
الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، خلال أيام.
ووافق مجلس القضاء الأعلى الأحد على القانون، مع إبداء بعض الملاحظات الخاصة ببعض المسائل الإجرائية فقط، وقرر إعادة مشروع القانون إلى وزارة العدالة الانتقالية لتعديله قبل إقراره بشكل نهائي.
الصحفيون يرفضون القانون
وأثار قانون الإرهاب موجة من الغضب بين جموع الصحفيين بسبب مواده المتعلقة بحرية الصحافة، حيث رفضت نقابة الصحفيين القانون وقالت إنه يضيف مزيدا من القيود على الإعلام في مصر.
وشددت النقابة في بيان لها الأحد، تلقت "
عربي21" نسخة منه، على أن القانون يخالف نصوص الدستور الحالي، وأعلنت رفضها المطلق للقيود الجديدة التي تم وضعها على الصحافة وحريتها.
وأعلنت نقابة الصحفيين عقد اجتماع طارئ يوم الاثنين لبحث السبل اللازمة للتصدي لهذا القانون الذي لن تسمح بتمريره مهما كانت الظروف، بحسب البيان.
وأضاف البيان: "نطالب المسئولين في الدولة بأن يعيدوا قراءة نص المادة (33) من قانون الإرهاب جيدا، فهذه المادة الخطيرة تعيد من جديد عقوبة الحبس في جرائم النشر وتصادر حق الصحفي في الحصول على المعلومات من مصادرها المختلفة وتحصرها في جهة واحدة، الأمر الذي يمثل ارتدادا واضحا على حرية الرأي والتعبير".
وتنص المادة 33 على أنه "يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين، كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية".
ودعت النقابة، الجماعة الصحفية وكل المدافعين عن الحريات، للوقوف صفا واحدا أمام محاولات تقويض حرية الصحافة بدعوى محاربة الإرهاب، موضحة أن الطريق لمحاربة الإرهاب لن يكون بإهدار الدستور وإقرار نصوص قانونية غير دستورية، لكن بتفعيل نصوص الدستور، خصوصا في مجال الحقوق والحريات.
الأحزاب تنتقد القانون
واعترضت على القانون أحزاب وقوى سياسية مؤيدة للانقلاب من بينها حزب الوفد والإصلاح والنهضة والتحالف الشعبي، مؤكدة أنه يقيد الحريات بحجة مواجهة الجماعات التكفيرية.
وقال حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن قانون مكافحة الإرهاب الجديد به مواد تقيد حرية الإعلام وسيأخذ في طريقه العاطل في الباطل.
وأضاف أبو سعدة في تصريحات صحفية أن القانون يحاسب الصحفيين على النقل من مصادر متعددة وهو ما يقيد عملهم، مشيرا إلى أن قانون الصحافة يكفي للتصدي لأي صحفي ينشر معلومات خاطئة.
في المقابل، لم يكتف الإعلامي أحمد موسى بالموافقة على القانون، بل أعلن أنه ضعيف جدا، ولا يتناسب مع المرحلة الحالية والأحداث الإرهابية التي تشهدها البلاد، وطالب بقانون أكثر صرامة، لأن الدولة بتدلع الإرهابيين، على حد قوله.
وأشاد بما نص عليه القانون من عدم مسائلة أفراد الشرطة إذا استخدموا القوة أثناء تأدية واجبهم، وقال إن القانون سيسمح للأجهزة الأمنية بمراقبة وتسجيل المحادثات الهاتفية، كما أنه سيجعل جلسات المحاكمات سرية وسيمنع أي فرد أو جهة من تسجيلها أو تصويرها بأي وسيلة.
يقضي على مهنة الصحافة
وقال نقيب الصحفيين يحيى قلاش إن "الاجتماع سيبحث مع رؤساء تحرير الصحف وشيوخ المهنة الاتفاق على طريقة التصدي لهذا القانون، ومن الوارد الدعوة إلى جمعية عمومية للنقابة في حالة عدم الاستجابة للمطالب الخاصة بتعديل النصوص الخمسة المقيدة للحريات والتي تعد من أخطرها المادة 33".
وأوضح قلاش أن "الهجمة على الإعلام وحرية الصحافة تتصاعد يوميا، وأصبح الصحفي متهما إلى أن يثبت العكس".
وأضاف عبر مداخلة هاتفية مع قناة النهار، أن الإرهابيين لو أنهم كانوا هم من صاغوا هذا القانون لما خرج بهذا السوء، مشيرا إلى أن القانون كفيل بأن يقضي على مهنة الصحافة بأكملها.
وقال خالد صلاح، رئيس تحرير "اليوم السابع"، إن مؤيدي النظام أصبحوا بين عشية وضحاها متهمين بالإرهاب لمجرد قولهم رأيا مخالفا للدولة.
وأوضح صلاح أن قانون الإرهاب يهدد حرية الصحفيين جميعا ويعرضهم للخطر، منوها إلى أن القانون يصادر كل رأي مخالف يخرج من الإعلام، و"يحبس أي شخص، سواء كان إعلاميا أم قارئا أم صحفيا، يقول أي معلومة عن عملية إرهابية، سواء كانت صحيحة أم خاطئة".
وقال الكاتب مجدي الجلاد، رئيس تحرير "الوطن"، إن القانون يُسلم الإعلام للإرهاب، مشيرا إلى أن هناك عناصر كانت في أجهزة أمنية سيادية تعمل الآن ضد حرية الصحافة وتحرض على الصحفيين داخل الدولة.