ترتدي الطالبة الجامعية هبة على غير العادة حجابا في شهر
رمضان، وتعكف على قراءة القرآن الكريم يوميا، هبه غير المحجبة لا تلتزم في باقي أشهر السنة باللباس الشرعي أو ممارسة العبادات، حيث اعتادت على ارتداء لباس "التنورة القصيرة" إلا أن "لرمضان طقوس خاصة واحترام" كما تقول.
"التدين الموسمي في شهر رمضان" ليس حال هبه فقط، إذ يعكف الشاب محمد على الالتزم بفريضة الصلاة خلال الشهر الفضيل، ليهجرها بعد انتهاء الشهر، مبررا ذلك "لا صيام دون صلاة" مقرا بأن "التزامه المؤقت في شهر رمضان يجب أن يشمل باقي أيام السنة"، ويأمل محمد في حديث لصحيفة "
عربي21" "أن يكون شهر رمضان بداية لالتزامه بأداء الفرائض دون تقصير".
وينفض محمد الغبار عن القرآن الكريم في شهر رمضان، ليبدأ من اليوم الأول بقراءة الآيات الكريمة ليختمه مع نهاية الشهر، إلا أنه يعود لترك الصلاة والقرآن بعد انتهاء الشهر.
وتغص
المساجد بالمصلين خلال شهر رمضان، ليهجرها بعض روادها باقي أشهر السنة، يحيى العمري خطيب مسجد كفر كيفيا في مدينة أربد شمال الأردن يؤكد لـ "
عربي21" أن "أعداد المصلين تتضاعف خمس مرات في شهر رمضان، لتتراجع بعد نهاية الشهر، مفسرا ذلك بأسباب عديدة منها ما هو مادي وآخر معنوي، مثل محاولة بعض الفقراء الحصول على المساعدات، وكثرة الدعاة ونشاطهم في رمضان، بالإضافة لالتزام الإعلام بتناول قضايا وأمور الرمضانية، ناهيك عن مضاعفة الثواب في شهر رمضان، وكلها أمور تزيد من الإقبال على ممارسة العبادات".
بينما يرى عضو اللجنة التحضيرية لنقابة الأئمة في الأردن عوض المعايطة أن هذه الظاهرة "ليست مقتصرة على المجتمع الأردني فقط إنما تشمل أغلب المجتمعات المسلمة، وسببها الجهل بالدين وعدم معرفة الإسلام الحقيقي"، ملقيا اللوم على بعض الأئمة الذين لا يقومون بدورهم في تنوير الناس.
وقال إن "بعض الأئمة تنفر الناس من التوجه للمساجد"، داعيا إلى "اشتراط جمع تواقيع من المجتمع لمن أراد أن يصبح إماما في المسجد".
ارتفاع مبيعات مستلزمات العبادات
ولا يقتصر الإقبال على المساجد فقط في شهر رمضان، إذ ترتفع مبيعات مستلزمات العبادات من "مصاحف و سجاجيد صلاة و سبح"، و يعتبر خالد صاحب بسطة لبيع مستلزمات العبادة أمام الجامع الحسيني في العاصمة
عمان "شهر رمضان موسم لمضاعفة مبيعاته من مستلزمات العبادة"، خصوصا من المصاحف وقبعات المصلين البيضاء التي يفضل البعض ارتداءها على "الدشداشة " البيضاء كسنة نبوية.
يقول خالد لصحيفة "
عربي21"، "إن تزامن موسم العمرة مع شهر رمضان الكريم ساهم في رفع الإقبال على مستلزمات العبادات، لأسباب منها؛ "رخص أسعار هذه المستلزمات مقارنة مع أسعارها في الديار المقدسة، إذ يقوم البعض بشرائها مسبقا من الأردن ثم إهدائها إلى أقاربهم مرة أخرى".
وساهم ارتفاع أعداد المصلين بالمسجد الحسيني في شهر رمضان إلى "زيادة الطلب على المصاحف" كما يقول خالد، إذ" يلجأ العديد من الأشخاص لاستغلال وقتهم بقراءة القرآن في وقت الفراغ مما رفع من حجم المبيعات"، مؤكدا أن حجم مبيعاته تضاعف أكثر من ثلاث مرات عن المعدل الطبيعي في شهر رمضان.
الشريعة ...الأصل هو الالتزام بالتكاليف الشرعية
أستاذ الشريعة في جامعة عجلون الوطنية الدكتور محمد طعمة القضاة، يقول لصحيفة "
عربي21" إن الأصل هو
الالتزام بالتكاليف الشرعية من تاريخ البلوغ إلى الوفاة مادام الإنسان يملك العقل، لذا هي ليست مقتصرة على شهر واحد في السنة.
ويرى أن سبب ارتفاع عبادات الناس في شهر رمضان مرده "لتصفيد مردة الجان"، معتبرا أن "رمضان محطة إيمانية لتقوية إيمان الإنسان، وقد يكون بداية جديدة وانطلاق على الطريق الصحيح، هنالك حالات كثيرة كان شهر رمضان يعتبر لها انطلاقة وبداية للطريق الصحيح، أنا أشجعهم على الالتزام بالعبادت في شهر رمضان أملا أن تكون وسيلة من وسائل استمرارهم في الطاعة لما بعد رمضان، لكن الأصل في المسلم الذي لا يعرف متى سيفارق الحياة أن يستمر في عبادة الله طيلة حياته".
بينما يعيد علم الاجتماع أسباب التدين والالتزام في شهر رمضان إلى "وقت الفراغ والأجواء الإيمانية السائدة خلال الشهر"، يقول أستاذ علم الاجتماع مجد الدين خمش لصحيفة "
عربي21"، إن "الجو بشكل عام في رمضان جو ديني إيماني يضاف إليه توفر الوقت بسبب تقليص ساعات العمل، وعدم انشغال الأسرة، لذا يلجأ الفرد لإشغال وقته بسلوك مقبول اجتماعيا والذهاب إلى المسجد، وتلاوة القرآن".
وحسب خمش، "يعود الشخص لطبيعته بزوال هذا الجو الإيماني؛ بسبب عودة الوقت كما كان، ورضوخ الناس تحت ضغوط العمل، وهذا لا يعني بالضرورة أن الاحترام للدين يقل، إنما يقل الالتزام بالشعائر الدينية".
ويتفق عضو اللجنة التحضيرية لنقابة الأئمة في الأردن عوض المعايطة مع خمش بأن انشغال الناس بأعمالهم اليومية أدى إلى ضعف الإقبال على المساجد، عكس شهر رمضان الذي يتوفر فيه الوقت لذلك.
وارتفع إقبال الناس أيضا على الاستفسار حول أمور تتعلق بالعبادات والمعاملات في شهر رمضان، فحسب دائرة الإفتاء العام في الأردن بلغ عدد الفتاوى التي أصدرتها خلال الأسبوع الأول من شهر رمضان 8.645 فتوى بمعدل 1.729 فتوى يوميا، بينما كان المعدل اليومي لنفس الفترة من السنة الماضية 1.500 فتوى.