أثار قرار العفو الذي أصدرته القيادة العسكرية الموحدة في
الغوطة الشرقية في ريف دمشق، التي يقودها قائد
جيش الإسلام زهران علوش، ردود فعل مختلفة، وسط مطالب بالإفراج عن ناشطين وإعلاميين كانوا قد اعتقلوا سابقا، وبعضهم لم يتم الاعتراف باعتقالهم أو لم يشملهم هذا القرار.
وأصدرت القيادة العسكرية الموحدة في الغوطة الشرقية بعد اجتماع لها الأربعاء الماضي ما أسمته "مرسوم عفو" عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 1 تموز/ يوليو 2015، ونص على "منح عفو عن كامل الجرائم الجنائية والجنحية والمخالفات الإدارية"، مستثنيا المتهمين بالانضمام إلى تنظيم الدولة، حتى المصنفين ضمن الدرجة الرابعة منهم ممن سلموا أنفسهم، كما يستثني القرار المتهمين بالعمالة لنظام بشار الأسد، وجرائم القتل العمد، وجرائم اللواط والتزوير، وسفاح القربى، وفق ما جاء في المادة الثانية منه.
وأشارت القيادة الموحدة إلى أن هذا القرار جاء بناء على صلاحيات قائد القيادة العسكرية الموحدة، وبناء على نتائج الاجتماع بين قياداتها، وقالت إنه سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من السبت القادم، 17 رمضان والموافق 4 تموز / يوليو الجاري، وذلك كمهلة لإدارة السجون مدتها ثلاثة أيام لإتمام تنفيذه.
ويأتي هذا القرار بعد احتجاجات ومظاهرات خرجت في عدة مناطق من أرجاء الغوطة الشرقية، طالب الأهالي فيها كلا " جيش الإسلام" و" فيلق الرحمن" بمعرفة مصير المعتقلين لديهما، وتحويل ملفاتهم للقضاء الموحد، وفك الحصار عن غوطة دمشق وتحريك الجبهات، ورفع القبضة الأمنية عن المدنيين وعدم معاملتهم مثل معاملة النظام، حسب قولهم.
وحول "مرسوم" العفو هذا، يقول المتحدث باسم حيش الإسلام، النقيب إسلام علوش، في حديث خاص لـ"
عربي21"، إن "القرار لم يكن استجابة لأية ضغوط، ولكن جاء للتخفيف عن الناس، وإدخال السرور إلى قلوبهم، مع ملاحظة أن من سيتم الإفراج عنهم قد خضعوا لدورات إصلاح اجتماعي تأهيلية، وإن شاء الله لن يعودوا لارتكاب مثل هذه الأخطاء"، حسب تعبيره.
ولم يقدم " علوش" معلومات عن أعداد المسجونين الذين من المتوقع يشملهم العفو، كما أنه نفى مجددا أن يكون لدى جيش الإسلام "معتقلون من ناشطين وسياسيين".
من جهته، أشار الإعلامي زبير الغوطاني؛ إلى أن "أعداد المعتقلين الذين سيشملهم العفو وفق ما نصت عليه مواد القرار، لن يكون كبيرا".
وتحدث الغوطاني عن "وجود أكثر من 3500 معتقل يتوزعون في سجون القضاء الموحد والتوبة والكهف والسجن المركزي"، مشيرا إلى أن أغلبهم ممن اتهموا بمبايعة تنظيم الدولة، عدا معتقلين متهمين بقضايا عسكرية "لم ولن يشملهم العفو نهائيا"، على حد تعبيره.
وقال الغوطاني إن "العفو جاء لتلبية مطالب الناس"، واصفا القرار بـ"إبرة التخدير"، إضافة إلى أنه "يعد رساله للخارج مفادها أن علوش يحقق مطالب الشعب"، على حد تعبيره.
ورأى الغوطاني أن من يحتاج "العفو هو زهران علوش، وليس الشعب بحاجة لعفو منه، وقال إن "علوش هو من يخطئ بحق الشعب كل يوم، ويجب أن يكون مع المعتقلين ليقرر الشعب أن العفو سوف يشمله أم لا"، حسب قوله.
وبدوره، أكد الناشط ملاذ الدمشقي ما ذهب إليه الغوطاني، وقال: "هناك من رحب بالقرار، وهناك من انتقده"، وتابع متسائلا: "كيف يمكن لمعتقل منذ أكثر من ستة أشهر أن يخرج بريئا؟! لكن جيش الإسلام رفض مرارا الإفراج عنهم، كما أنه رفض تسليم ملفات البعض للقضاء مثل (قائد جيش الأمة) أحمد طه أبو صبحي الذي لم يعرف مصيره حتى الآن، كما لا يعرف عدد المعتقلين، وعدد سجون جيش الإسلام السرية"، وفق قوله.
ولفت الدمشقي إلى قرار القضاء الموحد الذي صدر عقب قرار القيادة العسكرية الموحدة، والذي قضى بالإفراج عن 65 من عناصر جيش الأمة، من بينهم حمزة الدبس، رئيس أركان جيش الأمة، مستغربا التزامن بين القرارين، وتساءل: "لماذا لم يتم الإفراج عنهم سابقا؟".
وأكد الناشط الدمشي أنه رغم صدور قرار العفو إلا أن حملات الاعتقال ما زالت مستمرة، كان آخرها اعتقال رئيس الهيئة الشرعية لدمشق وريفها ماهر شاكر، الجمعة، من قبل "جيش التوبة"، الجناح الأمني لجيش الإسلام. وشاكر حائز على دكتوراه في الشريعة، وأشيع أن سبب اعتقاله هو "السيطرة على أحد المنابر في بلدة زملكا"،
وقبل أيام اعتقل الناشط الإعلامي أنس الرفاعي وسبعة أشخاص آخرين، ثم وجهت له تهم بمحاولة اغتيال قيادي في جيش الإسلام في بلدة مسرابا، "على الرغم من أن الرفاعي كان يعمل على تغطية الأحداث والمعارك في الغوطة، وربما لن يشمله قرار العفو هذا"، وفق قول الدمشقي.
وحول قرار العفو هذا، وما يجري في الغوطة الشرقية بريف دمشق من انتهاكات وأخطاء، قال المستشار القانوني في الجيش الحر أسامة أبو زيد، لـ"
عربي21"، إن "قرار العفو هذا جاء استجابة لوضع الغوطة الشرقية، ومطالب الناس"، مؤكدا وقوع "أخطاء تجري معالجتها، من ضمنها الملف القضائي والأمني".
وعلق أبو زيد بالقول: "في الأنظمة المؤسساتية، في حالة السلام والرخاء، يحصل فيها روتين وبيروقراطية تؤخر الإنتاج والعمل، فكيف إذا كنا نتحدث عن مؤسسات وليدة المعاناة، ومحاطة بظروف صعبة وحصار وتتزامن مع حرب قاسية؟".
ويعد هذا القرار الأول من نوعه الذي يصدر عن القيادة الموحدة في الغوطة الشرقية، التي تضم عدة فصائل عاملة هناك أبرزها جيش الإسلام، ويشمل عدة جرائم، وذلك بعد انتقادات واسعة طالت جيش الإسلام وقائده زهران علوش، بالتوازي مع الجولة التي قام بها في تركيا منذ أكثر من شهرين، وأهمها تحميله مسؤولية اختفاء ناشطين ومعارضين من بينهم الناشطة الحقوقية رزان زيتونة، وكل من النشطاء وائل حمادة، وسميرة الخليل، وناظم الحمادي، الذين اختطفوا في كان الأول/ ديسمبر 2012 في مدينة
دوما، ولم يعرف مصيرهم حتى الآن.