خلافا لما كان متوقعا، عندما بدأت
المقاومة الشعبية، المؤيدة للشرعية، المواجهة قبل أكثر من شهرين، تحت الغطاء الجوي للتحالف العربي مع الحوثيين والقوات المتحالفة معها والمحسوبة على الرئيس المخلوع علي
عبد الله صالح لحسم المعركة لصالح السلطة الشرعية في البلاد، تبدو المقاومة أقل تفاؤلا بإمكانية تحقيق هذا الهدف بالسرعة الموعودة.
ومع دخول المواجهات بين المقاومة الشعبية وجماعة الحوثي والقوات المتحالفة معها شهرها الثالث، بالتوازي مع الغارات الجوية التي يشنها التحالف العربي ضد مواقع قوات الحوثي، التي لاتزال تتقدم ميدانيا في عدد من الجبهات، كان أخرها سقوط مركز مدينة الجوف بيدها الأحد.
واعتبر متابعون للشأن اليمني، تأخر حسم العمليات العسكرية في اليمن، لصالح المقاومة الشعبية بأنه "ناتج عن غياب إستراتيجية واضحة لدعم المقاومة من قبل التحالف والحكومة الشرعية المقيمة في الرياض"، فيما حذر آخرون من أن إطالة أمد الحرب سيلقي بظلاله على مستقبل اليمنيين، فضلا عن أن "من يدير الملف الأمني والعسكري مع قيادة التحالف من حكومة الرئيس عبد ربه
منصور هادي، غير قادر على إدارته، ومتهم بالتقصير في توفير الدعم العسكري للمقاومة في مختلف الجبهات.
ارتباك وعجز حكومة هادي
ويرى عضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية فهد سلطان أن "المقاومة الشعبية تشكلت في عدد من المدن والمحافظات اليمنية، قبل أن يكون هناك تدخل عربي"، وبالتالي فخيار إيقاف اجتياح المدن والتصدي لمليشيات الحوثي والقوات المتحالفة معها تم بجهود ذاتية، رغم الفارق الكبير من حيث العتاد العسكري والبشري للطرف الأخر الذي يقاتل بمخازن دولة وفرها له التحالف مع المخلوع علي عبد الله صالح.
وأضاف في تصريح خاص لـ"
عربي21" أن "المقاومة اليمنية انطلقت من إستراتيجية حرب الاستنزاف والبقاء في مواقعها، الأمر الذي يجعل خسائرها محدودة، بالنظر إلى حجم الخسائر الذي تكبدها
الحوثيون وصالح خلال الفترة الماضية، من خلال اعتمادهم على الهجوم والتقدم".
وأوضح سلطان فشل "المواجهة المباشرة التي اعتمد عليها الحوثيون والقوات الموالية لهم مع المقاومة الشعبية المؤيدة للشرعية، بهدف القضاء عليها بكل وسيلة ممكنة وإحراجها أمام الشارع اليمني من خلال تبعات هذا الخيار المقاوم الذي يجسده الدمار والاستهداف والخسائر في صفوف المدنيين".
وأكد عضو المنتدى السياسي للتنمية أن "هناك هدف آخر مهم للتحالف المزدوج بين الحوثي وصالح، وهو "جر حزب الإصلاح عبر عدد من الخطوات الاستفزازية والانتقامية لقياداته ومقراته وأتباعه في محاولة مستميتة للدخول معه في حرب مباشرة، يكون أحد نتائجها تفكك جبهات المقاومة الشعبية وحصر الخلاف على أنه بين الإصلاح والحوثي فقط".
وقال إن "الحكومة الشرعية كانت مساهمة بطريقة أو بأخرى في إضعاف المقاومة، بسبب العجز والارتباك وعدم التناغم مع المسار المقاوم للانقلاب عليها"، لافتا إلى أن واشنطن مارست ضغوطا كبيرة عبر إعلامها وممثليها على التحالف العربي بعدم إرسال أي دعم حربي لقوات المقاومة، لأن ذلك سيصل إلى التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) كونهم من يقود المعارك في الداخل، فكانت النتيجة تأخر الحسم العسكري من قبل المقاومة".
تأثيرات خارجية
من جهته، عزا مدير دائرة العلاقات الخارجية بحزب الرشاد اليمني، بسام الشجاع "تأخر حسم المقاومة القتال لصالحها إلى تأثيرات خارجية إقليمية و دولية، التي بنت موقفا عدائيا من المقاومة الشعبية والتحالف العربي الذي أراد أن يدعمها".
وقال في حديث خاص لـ"
عربي21" إن إدارة الرئيس الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مارست ضغوطا كبيرة على السعودية، ودعتها في تهديد مبطن إلى عدم تكرار "عمليات العاصفة" في أي مكان أخر، فضلا عن الأدوار الداعمة من طهران وموسكو لقوى الانقلاب في اليمن".
وأوضح أن تلك العوامل السابقة، كانت لها انعكاساتها على خيار تقديم الدعم الحربي للمقاومة الشعبية، ولذلك تفضل دول التحالف العربي مجاراة الأحداث، لتفويت الفرصة على تلك القوى المتآمرة".
انتهازية الرئيس هادي
وفي شأن متصل، انتقد القيادي في ثورة 11 شباط/ فبراير المحامي خالد الإنسي، أداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ونائبه خالد محفوظ بحاح الجامد، الذي وصفه بأنه "يخدم انقلاب الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح". مؤكدا أن "انتهازية الرئيس هادي ما زالت أحد مصادر قوة الانقلابيين، الأمر الذي أخر الحسم على الأرض لصالح الشرعية".
ولفت الإنسي في تصريحات صحفية إلى أنه"يفترض أن تحظى المقاومة الشعبية بالدعم الكامل بالعتاد والمال، وعدم تركها تواجه الحوثيين وقوات المخلوع صالح بالأسلحة الخفيفة".
ورأى أن "بقاء اليمن دون حسم عسكري من خلال تأطير المقاومة الشعبية في كيان وطني تكون نواة لجيش وطني، سيكون ثمنه باهظا على مستقبل البلاد، ينذر بأن "تتحول المقاومة إلى مليشيات جديدة، وإلى مشكلة أمام الدولة مستقبلا".