نشرت صحيفة "هافنجتون بوست" الفرنسية تقريرا حول اعتماد تنظيم الدولة على موقع التواصل الاجتماعي "
تويتر" للتواصل مع أنصاره واستقطاب المقاتلين، ونفت فيه التهمة الموجهة للمساجد والأئمة بنشر التطرف وتجنيد الشباب في أوروبا.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الدراسات التي أجريت في أوروبا، من قبل الأجهزة الأمنية ومراكز البحوث والدراسات، حول طرق عمل وتواصل تنظيم الدولة، أظهرت أن المجندين لا يتم استقطابهم في
المساجد، كما يعتقد الكثيرون.
واعتبرت الصحيفة في التقرير الذي أعده، ديديي شودي (محلل سياسي متخص في شؤون الشرق الأوسط وآسيا)، أن ذلك سيسبب خيبة أمل للعنصريين والأشخاص المصابين بالإسلاموفوبيا، ولكن هذا هو الواقع الذي أثبتته الدراسات، حيث أن الاستقطاب والتجنيد يتمان بعيدا عن دور العبادة، وانتشار الفكر المتطرف لا يتحمل مسؤوليته الأئمة والوعاظ في الأحياء الشعبية، بل يتم ذلك عن طريق "أئمة مفترضين" ينشرون أفكارهم عبر شبكة الإنترنت، أو عناصر مكلفة بنشر دعايات تنظيم الدولة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأضافت أن طريقة تنظيم القاعدة، المعتمدة على نشر التسجيلات على قناة الجزيرة، وتكليف متحدثين لا يكونون دائما قادرين على الإقناع والجذب، لم تعد مواكبة للعصر، لذلك اختار تنظيم الدولة الالتحاق بركب التطور التكنولوجي والاعتماد على "تويتر" و"يوتيوب".
وأكدت الصحيفة أن نسب حضور مقاتلي تنظيم الدولة في سوريا والعراق على موقع "تويتر" مرتفعة جدا.
وبعد أن أعلنت مجموعة الهاكرز "أنونيموس" الحرب على تنظيم الدولة إثر هجمات شارلي إيبدو في باريس، نشرت هذه المجموعة قائمة تضم 9200 حساب تويتر تابعة للتنظيم، ثم في 31 آذار/ مارس الماضي، نشر هؤلاء الهاكرز 26374 حسابا، منها ثلاثين حسابا يمتلكون أكثر من 100 ألف متابع.
كما أظهر تقرير صدر مؤخرا عن منظمة الشرطة الأوروبية EUROPOL، أن أكثر من تسعين ألف تغريدة وتفاعل تتم بشكل يومي على شبكات التواصل الاجتماعي في إطار نشر دعايات التنظيم، وأن ما لا يقل عن 46 ألف حساب تويتر شاركوا في الأنشطة الدعائية لهذا التنظيم، خلال الأشهر الأخيرة.
وبحسب الصحيفة، فإن تنظيم الدولة يقوم باستثمار هذا القدر من الجهد و الوقت في العمل على موقع "تويتر"، لأن هذه الطريقة أثبتت جدواها، فقد ثبت على سبيل المثال، أن التنظيم اعتمد على هذه الطريقة لاستقطاب عدد كبير من الشباب والمراهقين الذين يعيشون في الدول
الغربية.
وتشير التقديرات إلى نجاحه في تجنيد عشرين ألف مقاتل أجنبي، جاؤوا من كل أنحاء العالم للانضمام لصفوف التنظيم، والمشاركة في المعارك الدائرة في سوريا والعراق. وهو نجاح لم يكن ممكنا بدون الاعتماد على شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة "تويتر".
وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من المبادرات والمنظمات قدمت مقترحات، بهدف مكافحة "خطاب العنف والكراهية" الذي ينشره التنظيم على الإنترنت، مثل مشروع "ضد التطرف"، الذي مارس ضغوطا على الشركة المالكة لموقع "تويتر" لتغيير سياستها حيال المستخدمين، وفرض رقابة وقيود، وعقوبات ضد من يستغلون الموقع لنشر دعايات التنظيم.
وقالت الصحيفة أن مبادرات كثيرة طالبت "تويتر" بإرساء معايير جديدة، تمكن من رد الفعل بسرعة عندما يقوم أي مستخدم بالإبلاغ عن حساب يقوم بالدعوة للتطرف أو ممارسة العنف، بالإضافة إلى تطوير خطة تمكن من ترصد و ملاحقة الأشخاص المتورطين في هذه الممارسات، حتى عندما يقومون بتغيير حساباتهم أو الدخول بأسماء مزيفة. واعتبار أنشطة التنظيم على تويتر نشاطا إجراميا خطيرا تماما مثل الجرائم التي تحدث على أرض الواقع، والتعامل معها بكل جدية.
وأوردت الصحيفة أن تنظيم الدولة لا يتردد في اعتماد كل الطرق لجذب المقاتلين عبر "تويتر"، ولا يتوانى عن التلاعب بالقاصرين واستقطابهم، عبر إغرائهم بأن العيش تحت راية التنظيم يعني الحصول السكن المجاني والتمتع بكل الخدمات مجانا.
كما أنه يقوم باللعب على مشاعر الحيرة أو الغضب التي تنتاب هؤلاء المراهقين في مجتمعاتهم، ويقوم بعزلهم عن محيطهم العائلي، ويعلمهم كيف يمكن أن يعيشوا حياة مزدوجة حتى لا يتفطن المحيطون بهم إلى المسار الخطير الذي سلكوه، ولا يتدخل أحد لإيقاف عملية غسيل الدماغ التي تكون بصدد الحصول.
وأضافت الصحيفة أنه عندما تتم هذه المرحلة بنجاح، يقوم الشخص المكلف بالدعاية للتنظيم بدعوة الضحية لترك كل شيء والسفر إلى سوريا، وفي أغلب الحالات عندما تتفطن العائلة وأجهزة الأمن إلى ما حدث، يكون الوقت متأخرا جدا.
وفي الختام اعتبرت الصحيفة أن المؤسسات الأوروبية ومواقع التواصل الإجتماعي تولي اهتمام كبيرا بمكافحة الجريمة المنظمة عبر شبكة الإنترنت، ولكنها لا تزال غير واعية بدور هذه الشبكة الافتراضية في خدمة ظاهرة الإرهاب، كما أنها عاجزة عن مواجهة الحملة الدعائية الضخمة التي يقودها التنظيم على شبكات التواصل الإجتماعي.